الجزء الرابع مع الطريق إلى الإنحراف

الدكرورى يكتب عن الطريق إلى الإنحراف ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع الطريق إلى الإنحراف، وترجع كلمة المراهقة إلى الفعل العربي راهق الذي يعني الاقتراب من الشيء، فراهق الغلام فهو مراهق، أى قارب الاحتلام، ورهقت الشيء رهقا، أى قربت منه، والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد، أما المراهقة في علم النفس فتعني الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، ولكنه ليس النضج نفسه لأن الفرد في هذه المرحلة يبدأ بالنضج العقلي، والجسمي والنفسي والاجتماعي، ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى عشر سنوات، وهناك فرق بين المراهقة والبلوغ، فالبلوغ يعني بلوغ المراهق القدرة على الإنسال، أى اكتمال الوظائف الجنسية عنده.

وذلك بنمو الغدد الجنسية، وقدرتها على أداء وظيفتها، أما المراهقة فتشير إلى التدرج نحو النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعى، وعلى ذلك فالبلوغ ما هو إلا جانب واحد من جوانب المراهقة، كما أنه من الناحية الزمنية يسبقها، فهو أول دلائل دخول الطفل مرحلة المراهقة، ويشير ذلك إلى حقيقة مهمة، وهي أن النمو لا ينتقل من مرحلة إلى أخرى فجأة، ولكنه تدريجي ومستمر ومتصل، فالمراهق لا يترك عالم الطفولة ويصبح مراهقا بين عشية وضحاها، ولكنه ينتقل انتقالا تدريجيا، ويتخذ هذا الانتقال شكل نمو وتغير في جسمه وعقله ووجدانه، وجدير بالذكر أن وصول الفرد إلى النضج الجنسي لا يعني بالضرورة أنه قد وصل إلى النضج العقلي.

وإنما عليه أن يتعلم الكثير والكثير، ليصبح راشدا ناضجا، وهناك مشكله كبيره وهى عصبية المراهق واندفاعه، وحدة طباعه، وعناده، ورغبته في تحقيق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، وتوتره الدائم بشكل يسبب إزعاجا كبيرا للمحيطين به، وإن لعصبية المراهق أسبابا كثيرة، منها أسباب مرتبطة بالتكوين الموروث في الشخصية، وفي هذه الحالة يكون أحد الوالدين عصبيا فعلا، ومنها أسباب بيئية، مثل نشأة المراهق في جو تربوي مشحون بالعصبية والسلوك المشاكس الغضوب، كما أن الحديث مع المراهقين بفظاظة وعدوانية، والتصرف معهم بعنف، يؤدي بهم إلى أن يتصرفوا ويتكلموا بالطريقة نفسها، بل قد يتمادوا للأشد منها تأثيرا.

فالمراهقون يتعلمون العصبية في معظم الحالات من الوالدين أو المحيطين بهم، كما أن تشدد الأهل معهم بشكل مفرط، ومطالبتهم بما يفوق طاقاتهم وقدراتهم من التصرفات والسلوكيات، يجعلهم عاجزين عن الاستجابة لتلك الطلبات، والنتيجة إحساس هؤلاء المراهقين بأن عدوانا يمارس عليهم، يؤدي إلى توترهم وعصبيتهم، ويدفعهم ذلك إلى عدوانية السلوك الذي يعبرون عنه في صورته الأولية بالعصبية، فالتشدد المفرط هذا يحولهم إلى عصبيين، ومتمردين، وهناك أسباب أخرى لعصبية المراهقين كضيق المنزل، وعدم توافر أماكن للهو، وممارسة أنشطة ذهنية أو جسدية، وإهمال حاجتهم الحقيقية للاسترخاء والراحة لبعض الوقت.

وقيل أن علاج عصبية المراهق يكون من خلال الأمان، والحب، والعدل، والاستقلالية، والحزم، فلا بد للمراهق من الشعور بالأمان في المنزل، وهو الأمان من مخاوف التفكك الأسري، والأمان من الفشل في الدراسة، والأمر الآخر هو الحب فكلما زاد الحب للأبناء زادت فرصة التفاهم معهم، فيجب ألا نركز في حديثنا معهم على التهديد والعقاب، والعدل في التعامل مع الأبناء ضرورى لأن السلوك التفاضلي نحوهم يوجد أرضا خصبة للعصبية، فالعصبية ردة فعل لأمر آخر وليست المشكلة نفسها، والاستقلالية مهمة، فلا بد من تخفيف السلطة الأبوية عن الأبناء وإعطائهم الثقة بأنفسهم بدرجة أكبر مع المراقبة والمتابعة عن بعد.