الجزء الخامس مع الطريق إلى الإنحراف

الدكرورى يكتب عن الطريق إلى الإنحراف ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع الطريق إلى الإنحراف، فالاستقلالية شعور محبب لدى الأبناء خصوصا في هذه السن، ولابد من الحزم مع المراهق، فيجب ألا يترك لفعل ما يريد بالطريقة التي يريدها وفي الوقت الذي يريده ومع من يريد، وإنما يجب أن يعي أن مثل ما له من حقوق، فإن عليه واجبات يجب أن يؤديها، وأن مثل ما له من حرية فللآخرين حريات يجب أن يحترمها، وإن للمراهقة والمراهق نموه المتفجر في عقله وفكره وجسمه وإدراكه وانفعالاته، مما يمكن أن نلخصه بأنه نوع من النمو البركاني، حيث ينمو الجسم من الداخل فسيولوجيا وهرمونيا وكيماويا وذهنيا وانفعاليا، ومن الخارج والداخل معا عضويا، وإن المدة الزمنية التي تسمى مراهقة.

تختلف من مجتمع إلى آخر، ففي بعض المجتمعات تكون قصيرة، وفي بعضها الآخر تكون طويلة، ولذلك فقد قسمها العلماء إلى ثلاث مراحل، هي مرحلة المراهقة الأولى وهى ما بين سن الحادى عشر إلى الرابع عشر عاما، وتتميز بتغيرات بيولوجية سريعة، والمرحلة المراهقة الوسطي وهى ما بين عمر أربعة عشر وثمانى عشر عاما، وهي مرحلة اكتمال التغيرات البيولوجية، ومرحلة المراهقة المتأخرة ما بين سن ثمانى عشر إلى واحد وعشرين سنه، حيث يصبح الشاب أو الفتاة إنسانا راشدا بالمظهر والتصرفات، ويتضح من هذا التقسيم أن مرحلة المراهقة تمتد لتشمل أكثر من عشرة أعوام من عمر الفرد، وإن افتقاد القدوة الحسنة في ظل سماء ملبّدة.

بمَن يريدون العبث بأفكار شبابنا، هو عين الخطر فقد أدرك العدو أن عزتنا في ديننا، فلم يدخر جهدا في تشويش أفكار شبابنا، فاعوج الفكر إلا مَن رحِم الله واهتزت الهوية، فصارت هيئتنا تلتبس علينا من فرط التقليد التباسا، وصارت أفكارنا تستغربنا، بعدما تركنا لأفكار غيرنا الحبل على الغارب، فعاثت في أرض قيمنا فسادا واستبدادا، وما لنا نتكاسل؟ وما لنا نتخاذل؟ ألسنا خير أمة؟ أليس لدينا خير قدوة؟ فكم هو عظيم ديننا، وكم هي راقية مبادئنا، فليُبحر فيها شبابنا، وليعضّوا بالنواجذ على شراعها، مهما اشتد الموج، ومهما برقت أفكار العدو وأرعدت، فنحن خير الأمم، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خير البشر، من أهدى البشرية أنبل القيم والمبادئ والأخلاق.

وإن المشكلات التي تطرأ على المراهقين سببها الرئيس هو عدم فهم طبيعة واحتياجات المرحلة من قبل الآباء والمربين، وأيضا عدم تهيئة الطفل أو الطفلة لهذه المرحلة قبل وصولها ولهذا يحتاج المراهقون في هذه الفترة الحساسة من حياتهم إلى التوجيه والإرشاد بعد فهم ووعي لهذه السلوكيات، وذلك من أجل ضبط عواطفهم الحساسة، وتعديل سلوكهم، وتهذيب أنفسهم حتى نحافظ عليهم من الانسياق المتطرف وراء رغباتهم ونزواتهم، وأيضا نحتاج إلى برنامج يتسم بالهدوء والشفافية واللطافة، بعيدا عن القسوة في التعامل، الذي لا ينتج عنه سوى المزيد من العناد، والمزيد من الإصرار على الخطأ، وأما عن علامات بداية مرحلة المراهقة وأبرز خصائصها وصورها الجسدية والنفسية.

فإنه بوجه عام قيل أنه تطرأ ثلاث علامات أو تحولات بيولوجية على المراهق، إشارة لبداية هذه المرحلة عنده، وهي النمو الجسدي حيث تظهر قفزة سريعة في النمو، طولا ووزنا، تختلف بين الذكور والإناث، فتبدو الفتاة أطول وأثقل من الشاب خلال مرحلة المراهقة الأولى، وعند الذكور يتسع الكتفان بالنسبة إلى الوركين، وعند الإناث يتسع الوركان بالنسبة للكتفين والخصر، وعند الذكور تكون الساقان طويلتين بالنسبة لبقية الجسد، وتنمو العضلات، وكذلك النضوج الجنسي، حيث يتحدد النضوج الجنسي عند الإناث بظهور الدورة الشهرية، ولكنه لا يعني بالضرورة ظهور الخصائص الجنسية الثانوية مثل نمو الثديين وظهور الشعر تحت الإبطين وعلى الأعضاء التناسلية.