الجزء السادس مع طلحه بن عبيد الله القرشي

الدكرورى يكتب عن طلحه بن عبيد الله القرشي ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس مع طلحه بن عبيد الله القرشي، وقد قال أبو بكر بن العربي أثناء ذكره لمسائل اشتمل عليها الحديث فقال رحمه الله، إن قوما تحققت عاقبتهم وأخبر الله تعالى عن حسن مآلهم وإن كانوا لم يوافوا بعد، فلهم شرف الحالة بذلك وعلو المنزلة وكان الصحابى طلحة منهم، وكان ذلك له بوقايته بنفسه، للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد حتى شلت يمينه فقدمته يداه إلى الجنة وتقدمه إليها وتعلق بسبب عظيم لا ينقطع منها، وكان من مناقبه أيضا رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه يموت شهيدا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على جبل حراء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اسكن حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد” رواه مسلم.

وكان على الجبل، النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، وقال النووي رحمه الله، وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم منها إخباره أن هؤلاء شهداء وماتوا كلهم غير النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر شهداء، فإن عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير رضي الله عنهم قتلوا ظلما شهداء، فقتل الثلاثة مشهور وقتل الزبير بوادي السباع بقرب البصرة منصرفا تاركا للقتال وكذلك طلحة، فقد اعتزل الناس تاركا للقتال فأصابه سهم فقتله وقد ثبت أن من قتل ظلما فهو شهيد والمراد شهداء في أحكام الآخرة وعظم ثواب الشهداء، وأما في الدنيا فيغسلون ويصلى عليهم وفيه بيان فضيلة هؤلاء.

ومن مناقبه الرفيعة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنه راض، فقال الإمام البخاري رحمه الله، فى باب ذكر مناقب طلحة بن عبيد الله، وقال عمر بن الخطاب توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنه راض، ومما يدل على عظم مكانته وعلو منزلته أن النبي صلى الله عليه وسلم، شهد له بالجنة ضمن جماعة من فضلاء الصحابة، فعن عبد الرحمن بن عوف قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد في الجنة وسعيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة” رواه الترمذى، ففي هذا الحديث منقبة واضحة لطلحة رضي الله عنه.

حيث شهد له النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة وأكرم بها من شهادة فإنها تضمنت الإخبار بسعادته في الدنيا والآخرة، ذلك هو الصحابي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وكانت هذه الأحاديث التي دلت على عظيم قدره وعلو منزلته رضي الله عنه، وأرضاه، وكان طلحة الجود، وطلحة الخير، وأسد قريش، وكانت هذه كلها أسماء عُرف بها الصحابي الجليل طلحة بن عبيدالله القرشي على مدار حياته، التي لم تتجاوز ثمانية وخمسين عاما، وقد انتهت باستشهاده يوم موقعة الجمل سنة سته وثلاثين هجريا، ولقد كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأسماء عدة، ففي معركة أحد كناه صلى الله عليه وسلم بطلحة الخير، وفي غزوة ذي العشيرة.

كناه صلى الله عليه وسلم بطلحة الفياض، وفي غزوة خيبر كناه صلى الله عليه وسلم بطلحة الجود، لإكثاره من الإنفاق في سبيل الله، بينما أطلقت عليه قريش لقب أسد قريش، نظرا لقوته الشديدة وشجاعته، وهي نفسها الشجاعة التي عُرف بها في كل الغزوات التي خاضها مع النبي صلى الله عليه وسلم، عدا غزوة بدر، لأن الرسول وقتها بعث به في مهمة أخرى مع سعيد بن زيد ليعرفوا أخبار قريش، فكان مجاهدا دائما في أول الصفوف، كذلك كان طلحة من سادة ووجهاء قريش وأغنيائهم، وقد تزوج الصحابي الجليل من أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، وأنجب منها يوسف وزكريا وموسى بن طلحة، وتزوج كذلك حمنة بنت جحش، أخت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأبناؤه منها محمد السجاد وعمران وأم اسحاق.