الدكرورى يكتب عن طلحه بن عبيد الله القرشي ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثامن مع طلحه بن عبيد الله القرشي، وقد شهد طلحة بن عبيد الله غزوة أحد مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان فيمن ثبت معه يومئذ حين ولى الناس، وبايعه على الموت، ودافع عنه حتى شلت يده، فلما ولى الناس كان مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنى عشر رجلا، وكان منهم طلحة، فأردكهم مجموعة من جيش قريش تريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “من للقوم؟ قال طلحة أنا، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج لهم طلحة وقال له “كما أنت” فقال رجل أنا، فقال صلى الله عليه وسلم “أنت” فقاتل حتى قتل، ثم قال صلى الله عليه وسلم “من لهم؟ قال طلحة أنا، قال صلى الله عليه وسلم “كما أنت” فقال رجل من الأنصار أنا.
فقال صلى الله عليه وسلم “أنت” فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم، إلا طلحة، فقال صلى الله عليه وسلم “من للقوم؟ قال طلحة أنا، فيقول جابر بن عبد الله فقاتل طلحة قتال الأحد عشر حتى قطعت أصابعه، فقال حس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لو قلت باسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون” ثم رد الله المشركين” وكان أثناء دفاع طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، رمى مالك بن زهير سهما فاتقى طلحة السهم بيده عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فأصاب يده فشلت، وأُصيب في رأسه، ضربه رجل من قريش ضربتين، ضربة وهو مقبل وضربة وهو مُعرض عنه، فنزف منها الدم، فكان ضرار بن الخطاب بن مرداس الفهري.
يقول، أنا والله ضربته يومئذ، وأصيب أنف النبى صلى الله عليه وسلم ورباعيته، وضرب طلحة ضربات عديدة حتى قيل أنها حوالي خمس وسبعين أو سبع وثلاثين ضربة، فعن موسى بن طلحة قال “رجع طلحة يومئذ بخمس وسبعين أو سبع وثلاثين ضربة، رُبّع فيها جبينه، وقطع نساه، وشلت إصبعه التي تلي الإبهام” وقد أراد النبى صلى الله عليه وسلم، الصعود على صخرة، وكان ظاهر بين درعين فلم يستطع النهوض، فحمله طلحة على ظهره إلى الصخرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” أوجب طلحة” وبعدما انتهت المعركة، كان طلحة قد أغمى عليه وأصابه الغشي، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أبا بكر الصديق وأبا عبيدة بن الجراح، بإصلاح شأن طلحة وتطييب جراحه.
فيقول أبو بكر الصديق “لما مات النبي صلى الله عليه وسلم، كان طلحة ممن بايع أبي بكر الصديق، وأقام معه تحت حكمه، واعترض طلحة على استخلاف أبي بكر الصديق، لعمر بن الخطاب من بعده، حيث كان يرى أن عمر بن الخطاب، كان غليظا في تعامله مع الناس، فذهب إلى أبي بكر وقال له ” استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بهم، وأنت لاق ربك فسائلك عن رعيتك ” فجلس أبو بكر الصديق رضى الله عنه، وكان مضطجعا، وقَال لطلحة ” أبالله تفرقنى، أم بالله تخوفنى، إذا لقيت الله ربى فسألنى، قلت، استخلفت على أهلك خير أهلك” وكان طلحة بن عبيد الله رضى الله عنه، من أصحاب الشورى الستة الذين اختاروا الخليفة بعد عمر بن الخطاب.
فلما طُعن عمر بن الخطاب ودنت وفاته، أوصى بأن يكون الأمر شورى بعده في ستة ممن توفي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راض، وهم عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وقد رفض تسمية أحدهم بنفسه، وأمرهم أن يجتمعوا في بيت أحدهم ويتشاوروا، كما أمر بحضور ابنه عبد الله بن عمر بن الخطاب، مع أهل الشورى ليشير بالنصح دون أن يكون له من الأمر شيئا، ثم أوصى صهيب بن سنان أن يصلي بالمسلمين ثلاثة أيام حتى تنقضي الشورى، ومات الخليفة عمر بن الخطاب بعد ثلاثة أيام من طعنه، ودُفن يوم الأحد أول محرم فى السنة الرابعه والعشرين من الهجرة، بالحجرة النبوية الشريفة، إلى جانب الخليفه أبي بكر الصديق والنبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمره خمسا وستين سنة.