الدكرورى يكتب عن عبد الله بن مسعود الهُذلي “جزء 4”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
عبد الله بن مسعود الهُذلي “جزء 4”
ونكمل الجزء الرابع مع عبد الله بن مسعود الهُذلي، وكان ذلك عند الكعبة المشرفة، وذلك عندما أراد ابن مسعود أن يُسمع كلام الله إلى قريش فذهب إلى الكعبة في وقت الضحى وقريش مجتمعة في أنديتها، وتوجه ابن مسعود إلى المقام رافعا صوته وكان حسن الصوت رضي الله عنه قائلا قول الحق سبحانه وتعالى “الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان” وهنا انتبهت قريش إلى صوت ابن مسعود فتساءلوا في استنكار بعضهم بعضا عما يقول، ثم قال أحدهم إنه ليتلوا بعض ما جاء به محمد، وهنا كانت الصاعقة فهبوا جميعا وجعلوا يضربونه ويوجعونه، إلا إنه استمر على قراءته رغم ما أصابه من ألم شديد، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ.
ثم عاد رضي الله عنه وقد أصابه الضرب في وجهه، فلما رآه أصحابه على هذه الحالة انزعجوا لأمره وقالوا له هذا الذي خشينا عليك من قريش فقد أسمعتهم ما يكرهون، فقال لهم ما كان أعداء الله قط أهون علي منهم الآن، ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غدا، وينتسب أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل إلى بني سعد بن هذيل بن مدركة، وهذيل قبيلة من قبائل خندف من العرب المضرية تسكن في الحجاز غرب الجزيرة العربية وهم بنو هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهم أقرب القبائل نسبا لهذيل، وأقرب القبائل نسبا لقبيلة هذيل هم قبيلة كنانة التي من فروعها قبيلة قريش والجحادله، وقبيلة بني أسد ويليهم في القرابة قبيلة بني تميم وقبيلة مزينة.
وقد نشأ عبد الله في مكة، حيث استقر بها أبوه مسعود بن غافل قبل الإسلام، وحالف عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشي، الذي زوجه من حفيدته أم عبد بنت عبد وُدّ بن سواءة الهُذلية، وهى ابنة ابنته هند بنت عبد بن الحارث وكان عبد الله بن مسعود من السابقين الأولين في الإسلام، حيث أسلم قبل أن تصبح دار الأرقم مقرا لتجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإنه لم يتوانى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في أمر الدعوة، وفى إبلاغ الدين للناس من حوله، رغم العديد من الجدال والمناقشات التي كانت بينه وبين الكفار من قريش، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يستغل أي فرصة يمكن من خلالها إيصال الدعوة وتبليغها، دون الاستهانة بالشخص المدعو.
وقد روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الحادثة التي جعلته مؤمنا برسالة النبى صلى الله عليه وسلم، ولقد حظي ابن مسعود بمنزلة عالية عند النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي أولاه ثقته، فقال يوما ” لو كنت مؤمّرا أحدا عن غير مشورة، لأمرت عليهم ابن أم عبد ” كما أنه عاتب النبي صلى الله عليه وسلم، أصحابه يوما حين أمر ابن مسعود بصعود شجرة يأتيه منها بشيء، فضحكوا من نحافة ساقيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، “ما تضحكون؟ لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد ” وكما شهد بعض الصحابة على منزلة ابن مسعود من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى حذيفة بن اليمان قول النبي صلى الله عليه وسلم ” اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد ”
وكما قيل أن عمرو بن العاص في مرض موته، وقد أصابه الهمّ فقال ” قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يُدنيك ويُستعملك ” فقال ” والله ما أدري ما كان ذاك منه، أحُب أو كان يتألفني، ولكن أشهد على رجلين أنه مات وهو يحبهما ابن أم عبد وابن سمية ” ويقصد عبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وكما روى أبو الدرداء الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم، خطب خطبة خفيفة، فلما فرغ من خطبته أمر أبا بكر، فقام فخطب، فقصّر دون النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أمر عمر، فقام فخطب، فقصّر دون أبي بكر، ثم نادى آخر فقام فخطب، فشقق القول، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ” اسكت أو اجلس، فإن التشقيق من الشيطان، وإن البيان من السحر “