عبد الله بن مسعود الهُذلي “جزء 7”

الدكرورى يكتب عن عبد الله بن مسعود الهُذلي “جزء 7”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

عبد الله بن مسعود الهُذلي “جزء 7”

ونكمل الجزء السابع مع عبد الله بن مسعود الهُذلي، فقد قال عبد الله بن مسعود ” قال لي النبي صلى الله عليه وسلم “اقرأ عليّ ” قلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال صلى الله عليه وسلم ” فإني أحب أن أسمعه من غيرى ” فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت “فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا” فقال صلى الله عليه وسلم “أمسك” فإذا عيناه تذرفان” ثم قال صلى الله عليه وسلم ” من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأ قراءة ابن أم عبد ” وكما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ” استقرئوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة ” وقد تفرغ ابن مسعود لخدمة القرآن وأهله.

فكان يملي المصاحف عن ظهر قلب في الكوفة، وأخذ عنه القراءة عرضا مقرئين كأبي عبد الرحمن السلمي وعبيد بن نضيلة، والأسود بن يزيد النخعي وتميم بن حذلم والحارث بن قيس وزر بن حبيش وعبيد بن قيس وعلقمة بن قيس النخعي وعبيدة بن عمرو السلماني وعمرو بن شرحبيل وأبو عمرو الشيباني وزيد بن وهب ومسروق بن الأجدع، وإليه تنتهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وخلف والأعمش، كما قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه ” كان عبد الله إذا هدأت العيون قام، فسمعت له دويا كدوي النحل حتى يصبح ” ولما همّ الخليفة الأول أبو بكر الصديق، بجمع القرآن، وندب لذلك زيد بن ثابت، شقّ على ابن مسعود ذلك، وقال ” لقد قرأت من فيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة.

وزيد له ذؤابة يلعب مع الغلمان” كما قال رضى الله عنه ” يا معشر المسلمين، أعزل عن نسخ المصاحف، ويولاها رجل والله لقد أسلمت وإنه لفي صلب أبيه كافر” كما اختار الخليفة الثالث عثمان بن عفان زيد بن ثابت لكتابة مصحفه وحرق ما دونه من نسخ، وكان عبد الله بن مسعود وقتها بالكوفة، فقال عبد الله ” يا أهل الكوفة، اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها، فإن الله قال “وما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأت بما غل به يوم القيامه ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون” فألقوا الله بالمصاحف ” وقال رضى الله عنه ” لقد علم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أني أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم، ولو أني أعلم أن أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلغنيه الإبل لأتيته ”

إلا أنه رضي بعد ذلك، وتابع عثمان بن عفان، وكان بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قد شارك ابن مسعود في الفتح الإسلامي للشام، وشهد فيها معركة اليرموك، وتولى يومها قسمة الغنائم، وقد اختار عبد الله بن مسعود بعد انتهاء الفتح الإقامة في حمص، إلى أن جاءه أمر من الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بالانتقال إلى الكوفة، ليعلم أهلها أمور دينهم، وليعاون أميرها الجديد عمار بن ياسر، وقد بقي عبد الله بن مسعود بالكوفة مدة خلافة عمر بن الخطاب، وبداية خلافة عثمان بن عفان، إلى أن عزله عثمان بن عفان وبعث إليه يأمره بالعودة إلى المدينة، وقد اجتمع أهل الكوفة، وقالوا لعبد الله ” أقم، ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه ” فقال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه.

“إن له علي حق الطاعة، وإِنها ستكون أمور وفتن، فلا أحب أن أكون أول من فتحها ” وردّ الناس، وخرج إلى المدينة، وقد أثنى عدد من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، على فقه عبد الله بن مسعود وعلمه بالفتيا، فقال علي بن أبي طالب عنه “علم القرآن والسنة ” وقد أوصى معاذ بن جبل أصحابه في مرض موته، فقال ” التمسوا العلم عند أربعة عند عويمر أبي الدرداء وعند سلمان الفارسي وعند عبد الله بن مسعود وعند عبد الله بن سلام ” وقد استفتى أبي موسى الأشعري يوما في شيء من الفرائض، فغلط، وخالفه ابن مسعود، فقال أبو موسى ” لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر بين أظهركم ” وكما ذكر علقمة بن قيس النخعي أنه قدم الشام، فلقي أبا الدرداء.