الدكروى يكتب عن سمات المؤمنين والمتقين ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
سمات المؤمنين والمتقين ” جزء 1″
نعيش فى هذه الأيام فى توديع عام ميلادى قد انقضى، وسيهل علينا بعد أيام عام ميلادى جديد، يجب علينا الوقفه مع أنفسنا أولا حاسبوا أنفسكم اليوم فأنتم أقدر على العلاج من غدا، فإنكم لا تدرون ما يأتي به الغد، فحاسبوها في بداية عامكم وفي جميع أيامكم، فإنها خزائنكم التي تحفظ لكم أعمالكم، وعما قريب تفتح لكم فترون ما أودعتم فيها، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال “أيها الناس أن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم” وإن المؤمن بين مخافتين، وهما أجل أى عمر، قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته.
ومن الشبيبة قبل الهرم ومن الحياة قبل الموت، وقال الحليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته “أنكم تغدون وتروحون إلى أجل قد غيب عنكم فإن استطعتم أن لا يمضي هذا الأجل إلا وأنتم في عمل صالح فافعلوا” وقال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في خطبته ” أيها الناس حاسبوا أنفسكم اليوم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر على الله” وقرأ قول الحق سبحانه وتعالى من سورة الحاقة ” يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ” وقال أحد السلف الصالح ” مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها، ثم مثلت نفس في النار آكل من زقومها وأشرب من صديدها وأعالج سلاسلها وأغلالها.
فقلت لنفسي أي نفس أي شيء تريدين؟ قالت أريد أن أعود إلى الدنيا فأعمل صالحا، قال قلت فأنتي في الأمنية فاعملي” هكذا كان أحدهم يتخيل لنفسه النعيم حتى ينهض بنشاط وقوة على الطاعة، ويتخيل الجحيم حتى يرتدع وينزجر عن المعصية، فبهذا عباد الله أنصح نفسي وإياكم فكل من أراد أن يعين نفسه على الطاعة أن يتخيل أنه في نعيم الجنة يتخيل أنه في نعيم لا ينقطع ولذة لا تحول أبدى فإن تخيل هذا الخير العظيم والرغب في الوصول إليه يدفعك إلى أعمال الخير ويحثك على العبادة، ثم يتخيل أنه في النار بين حرها وزقومها وسلاسلها وصديدها بين عقاربها وحياتها فإن ذلك يزجره عن معصية كاد يخطو إليها ويرده عن فاحشة كاد يصل إليها، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء.
فهم قائمون في الأمة مقامهم، ومضطلعون بدورهم، والناس دائما تتطلع إليهم، وعيونهم معلقة بهم، خاصة وقت الأزمات والنوازل، وكلما كان العالم الرباني منظورا إليه، مقتدى به، كانت التبعة أعظم، والمحنة أشد، فالعالم الرباني هو رجل الأمة ودليل العامة، ودرع الحق والشرع الذي يحمي بيضة الدين، ويذب عن حياضه، وبثباته على الحق يثبت الكثيرون، لذلك ما من عالم رباني قام في الأمة إلا تعرض لكثير من المحن والابتلاءات، فحينما يتوب الإنسان ويؤمن بالله، تتحقّق تحولات عميقة في جميع وجوده، وبسبب هذا التحول والإنقلاب الداخلي تتبدل سيئات أعماله في المستقبل حسنات، فإذا كان قاتلا للنفس المحترمة في الماضى، فإنه يتبنى مكانها في المستقبل الدفاع عن المظلومين ومواجهة الظالمين.
وإذا كان زانيا، فإنه يكون بعدها عفيفا وطاهرا، وهذا التوفيق الإلهي يناله العبد في ظل الإيمان والتوبة، وأن الله تبارك وتعالى بلطفه وكرمه وفضله وإنعامه يمحو سيئات أعمال العبد بعد التوبة، ويضع مكانها حسنات، فنقرأ في رواية عن أبي ذر الغفارى رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا صغار ذنوبه، وتخبأ كبارها، فيقال عملت يوم كذا وكذا، وهو يقرّ ليس بمنكر، وهو مشفق من الكبائر أن تجيء، فإذا أراد الله خيرا قال اعطوه مكان كل سيئة حسنة، فيقول يا رب لي ذنوب ما رأيتها ها هنا؟ قال ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم تلا قول الحق سبحانه وتعالى ” فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات”