راحيل الرحالة السعودي محمد العبودي
لقد انتهت أمس الجمعة، رحلة الأديب والرحّالة السعودي، محمد بن ناصر العبودي، عن عمر ناهز 96 عاماً، طاف خلال 59 عاماً أكثر من 100 بلد، وكان نتاجه الأدبي الغزير قد تجاوز 300 كتاب، منها 160 كتاباً خاصاً بأدب الرحلات، وأخرى ضعفها في ميادين أخرى، كالتاريخ والشريعة والحياة
ويوارى العبودي، المولود عام 1926، في رحلته الأخيرة اليوم السبت، مقبرة “الجوهرة بنت البابطين”، وسط حزن ونعي أثار منصات التواصل الاجتماعي، التي تلقت نبأ وفاته ببيان عائلته أمس الجمعة، جاء فيه، “بعد معاناة طويلة مع المرض نعلن وفاة الأديب محمد بن ناصر العبودي، وسيُصلى عليه بعد ظهر السبت في جامع الجوهرة البابطين شمال العاصمة الرياض”
سيرة ومسيرة
العبودي، الذي نال أوسمة كثيرة، آخرها وسام من العاهل السعودي نظير جهده الأدبي والثقافي، بدأ حياته موظفاً في مكتبة بريدة (غرب العاصمة)، ثم معلماً ومديراً للمعهد العلمي، قبل أن يشغل منصب أمين عام للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ووكيلاً لها، ثم مديراً. ومضى العبودي في سُلمه الوظيفي نحو منصب أمين عام للدعوة الإسلامية، ثم أميناً عاماً ومساعداً لرابطة العالم الإسلامي
ولربما أن “ابن بطوطة السعودي”، كما يوصف، قد عرف في بداية رحلاته بالرحلات الدعوية أولاً. وبحسب الباحث السعودي علي الرباعي، “تعد أولى رحلاته عام 1384 هـ”، أي قبل نحو 59 عاماً. “نجح خلالها العبودي في دخول معظم بلدان العالم، داعية وباحثاً ورحالة، وأسهم في الدعوة إلى الله، وبناء المساجد وإغاثة المحتاجين، وإقامة المشاريع الخيرية” وفق الرباعي.
مؤلفات ورحلات
ومما أتاح للراحل والرحالة السعودي عمله في الرابطة وقبلها في الجامعة الإسلامية بالمدينة زيارة معظم أصقاع العالم، فكان لمشاهداته العديدة واطلاعاته أن تثمر أكثر من 160 كتاباً في أدب الرحلات. وهو بهذا حقق رقماً قياسياً في كتب الرحلات العربية. ومُنح ميدالية الاستحقاق في الأدب
وكان للرحالة الذي يُوصف بـ”عميد الرحالين العرب”، الذي بلغ أقاصي بحار “الكاريبي” برنامج ذائع الصيت في إذاعة القرآن بعنوان “المسلمون في العالم: مشاهد ورحلات”، تناول فيه ما آلت إليه ذاكرته، وما خطته مجلداته من مواقف وأحداث عاشها بنفسه
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن مؤلفاته في أدب الرحلات “إلى جنوب الشمال: بلاد السويد، فطاني أو جنوب تايلند، راجستان: بلاد الملوك (من سلسلة الرحلات الهندية)، سطور من المنظور والمأثور عن بلاد التكرور، رحلة في مالي وحديث عن ماضيها المجيد وحاضرها الجديد، حديث قيرغيزستان دراسة في ماضيها ومشاهدات ميدانية، زيارة رسمية تايوان، في غرب الهند (من سلسلة الرحلات الهندية)، أيام في فيتنام، غيانا وسورينام، في جنوب الهند (من سلسلة الرحلات الهندية)”
كما ألف أيضاً “المسلمون في لاوس وكمبوديا: رحلة ومشاهدات ميدانية، سياحة في كشمير، من أنغولا إلى الرأس الأخضر، الرحلة الروسية، بين الأوروغواي والباراغواي، كنت في ألبانيا، في جنوب الصين، أيام النيجر، كنت في بلغاريا، ذكريات من يوغسلافيا، مقال في بلاد البنغال، جمهورية أذربيجان، مع المسلمين البولنديين، جولة في جزائر البحر الزنجي أو حديث عن الإسلام والمسلمين في جزر المحيط الهندي رحلات إلى موريشيوس ورينيون وجزر القمر وزنجبار وسيشل، مدغشقر بلاد المسلمين الضائعين، جولة في جزائر البحر الزنجي”
وكتب الأديب السعودي في علم الأنساب عشرات المؤلفات، وفي الأمثال العامية الدارجة في منطقة نجد وسط السعودية. وكتب أيضاً، “نفحات من السكينة القرآنية، ومأثورات شعبية، وسوانح أدبية”، وكتاب اسماه، “جهود الملك فهد لخدمة الإسلام والمسلمين”
ونعى الراحل طيف واسع من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، منهم أدباء ووزراء وكتاب وآخرون. ووصفه الأديب والناقد السعودي، عبد الله الغذامي، بـ”العالم المنقطع لعلمه والصانع للمعرفة” في تغريدة عبر حسابه الرسمي كتب فيها “رجل عاش بالعلم وللعلم، طاف الديار كما طاف في بطون الكتب، وظلت حياته معمورة بالعلم، ومجالسه معمورة بأطيب الأحاديث، وكتبه معمورة بأزكى المعارف”
وكتب الوزير السعودي أحمد بن سليمان الراجحي، وزير الموارد البشرية والتنمية البشرية في نعيه، على “تويتر”، ” كان أحد العلماء الأجلاء، وأحد وجوه الدعوة الصادقة، نذر حياته للعلم والدين ونفع العباد والبلاد في مختلف الأنحاء”
وقال مدير المكتب الخاص لولي العهد السعودي بدر العساكر، في تغريدة عبر حسابه، “كان وسيظل العبودي نبراساً ثقافياً ملهماً. صنع لذاته مساراً ليثري غيره. حتى أصبح عالماً ومكتبة لأجيال متتالية”