النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ” جزء 13″

الدكرورى يكتب عن النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ” جزء 13″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ” جزء 13″

ونكمل الجزء الثالث عشر مع النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي، أما سبب شهرة هذا الاسم فإنه قيل كان من الأوراق التي استخدمها معاوية في تحقيق مآربه بعرضها الزواج على من أراد منه أن يسدي إليه خدمة ما، ولقد أصبحت رملة حديث الناس دون أن يراها أحد, بل حتى دون أن تذكر عنها أي شيء كل المصادر التاريخية سوى حادثة تغزّل عبد الرحمن بها ومن المرجّح بل من الواضح جدا أن رملة هذه كانت دمية اخترعها معاوية لتحريكها متى شاء أمام كثير من الرجال الذين واعدهم بالزواج منها مقابل إسداء خدمات له, ليتهافتوا على هذا الزواج الموهوم كما تهافت عليه عبد الله بن سلام, ولو كانت موجودة فعلا لأشارت إليها المصادر أو على الأقل بعضها.

أو أشارت إلى زواجها وأولادها سوى حادثة تغزل عبد الرحمن بها دون أن يراها ووعد معاوية لابن سلام بالزواج منها دون أن يراها أيضا، ولقد صيّرها معاوية أضحوكة الناس، وفاكهة تندّرهم، لكثرة الرجال الذين واعدهم بالزواج منها في سبيل تحقيق أغراض له، والتاريخ يذكر عبد الله بن سلام القرشي وهو أحد المخدوعين الذين خُدعوا بهذا الزواج الوهمي، وكان هذا الرجل واليه على العراق، وجاء لزيارته لتهنئته على سلامته من الضربة التي نجا منها وجاءت معه زوجته أرينب بنت اسحاق، وكانت من أجمل النساء، فرآها يزيد بن معاويه وهام بحبها فعمل معاوية على تنفيذ رغبة ابنه, فواعد ابن سلام بتزويجه من ابنته رملة، إن هو طلق زوجته فطلقها.

ولكن معاوية رفض تزويج عبد الله بن سلام من ابنته بدعوى إنه غير كفؤ، ولكن هذه المرأة التى تدعى أرينب لم تصل إلى يد يزيد وكان السبب فى ذلك هو الإمام الحسين بن على رضى الله عنه، الذي التقى بالقافلة التي حملتها في طريقها إلى الشام، فأرجع المرأة المغلوبة على أمرها إلى زوجها المخدوع، والله أعلم بهذا الكلام، وقيل أنه كان من ضمن الذين استهوتهم أوصاف رملة التي زوقها الناس بمساحيق الثرثرة هو عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري فتغزل بها بأبيات مشهورة، وقد جرت العادة عند الشعراء الجاهليين التغزّل بحبيباتهم وكذلك بالنساء التي يسمعون بجمالها وأوصافها دون أن يروها وحتى أنهم يختلقون أسماء لنساء لا يوجدن إلا في مخيلاتهم.

ليفتتحوا بالتغزل بها قصائدهم مثل دعد وسعاد وخولة وغيرها وقد استمرت هذه العادة عند الشعراء الأمويين، وقد أثار هذا الغزل يزيد, ومن الطبيعي أن يثيره ليس لغيرته عليها، بل لأمور منها أن رملة حتى وإن كانت غير موجودة فعلا فإنها أصبحت في أذهان الناس أخته ولا يستطيع إنكارها بعد أن رغّب أبوه بالزواج منها كل من تطلبت سياسته أن يسدي له أمرا, وأصبح اسمها شائعا ومشهورا بين الناس, والسبب الرئيسي الذي جعل يزيد يثور هو أنه كان يرى أن الأنصار هم دون قريش في النسب والشأن، وأن قريشا وبني أمية أرفع مكانة منهم وإلا لم يثر يزيد عندما تغزل أبو دهبل الجمحي القرشي بعاتكة بنت معاوية ؟ ولقد اتخذ يزيد من هذا التغزل ذريعة للإيقاع بالأنصار كلهم.

وحاول تحريض معاوية عليهم, فقيل أنه كان يكره الأنصار كرها لا هوادة فيه لأنهم نصروا النبي صلى الله عليه وسلم، وآووه ودافعوا عنه وقاتلوا قريشا وأذلوا جبروتها وهذه النظرة الجاهلية للأنصار ورثها عن أبيه وجده وهي نظرة قريش التي كانت تنظر بها إلى الأنصار على أنهم أدنى منهم, وقيل عندما بلغ أبيات عبد الرحمن بن حسان التي شبب بها برملة غضب ودخل على معاوية، فقال ألا ترى إلى هذا من أهل يثرب، يتهكم بأعراضنا، ويشبب بنسائنا ؟ فقال معاوية ومن هو ؟ قال له يزيد، عبد الرحمن بن حسان، وأنشده ما قال، ولكن معاوية امتص غضبه واستمهله حتى يأتي إليه وفد الأنصار ليعالج الموقف، فلما جاء وفد الأنصار ذكره يزيد بقول عبد الرحمن ولكن معاوية.