مفرق الجماعات الموت ” جزء 10″

الدكرورى يكتب عن مفرق الجماعات الموت ” جزء 10″ 

 

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مفرق الجماعات الموت ” جزء 10″

ونكمل الجزء العاشر مع مفرق الجماعات الموت، قال صلى الله عليه وسلم فتعاد روحه في جسده، وإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه مدبرين ثم يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك ؟ فيقول ربي الله، فيقولان له ما دينك؟ فيقول ديني الإسلام، فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولان له ما عملك؟ فيقول قرأت كتاب الله، فآمنت به وصدقت، فينادي مناد في السماء أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، قال صلى الله عليه وسلم فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول أبشر بالذي يسرك، فأنا عملك الصالح.

فو الله ما علمتك إلا كنت سريعا في طاعة الله بطيئا في معصيته، ثم يفتح له باب من الجنة، فيقال هذا منزلك من الجنة، فإذا رأى ما فيها قال رب عجل قيام الساعة، وأما العبد الكافر، فإذا كان في إقبال من الآخرة، وانقطاع من الدنيا، نزلت إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم ثياب من النار، فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله، وغضب فتتفرق روحه في جسده فينتزعها من جسده انتزاعا، ويخرج معها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها، فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة، فيقولون فلان ابن فلان.

بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، ثم تعاد إلى الأرض فيأتيه الملكان فيسألانه من ربك؟ ما دينك؟ ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ كل هذه يقول فيها هاه، هاه، لا أدري ؟ فيضرب بمرزبة من حديد يصيح منها صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين، الجن والأنس، ثم يفتح له باب من النار، ويفرش له من فرش النار، فيقول رب لا تقم الساعة” فإن شأن الموت شأن عظيم، فقد مرت جنازة يهودي بين يدي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فقام لها فقال الصحابة يا رسول الله إنها جنازة يهودي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن للموت فزعا” ولقد سمى الله تعالى الموت مصيبة في قوله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة المائدة ” فأصابتكم مصيبة الموت ”

ومع عظم الموت، وخطر شأنه، فالمؤمن ينظر إليه بنور الله على وفق شرع الله، فالموت عند المؤمن لا يعني الإحباط عن العمل، والضيق في الصدر، وتعطيل المصالح، والتحسر على الحياة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة، فقام رجل من الأنصار فقال يا نبي الله، من أكيس الناس وأحزم الناس؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” أكثرهم ذكرا للموت، وأكثرهم استعدادا للموت، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة” رواه الطبراني، وإن في الإكثار من ذكر الموت فوائد كثيرة ومنها أنه يحث على الاستعداد للموت قبل نزوله، والتأهب له قبل حلوله، حتى لا يكون من الذين قال الله فيهم.

” حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلى أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ” وأن ذكر الموت يقصر الأمل في طول البقاء، وطول الأمل من أعظم أسباب الغفلة، وأنه يزهد في الدنيا ويرضي بالقليل منها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلس وهم يضحكون، فقال “أكثروا ذكر هادم اللذات” أحسبه قال “فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه” وأنه يرغّب في الآخرة ويدعو إلى الطاعة، وأنه يهوّن على العبد مصائب الدنيا، فلا جزع من مرض، ولا أسف على فقد مال أو حظ من حظوظ الدنيا، وأنه يمنع من الأشر والبطر والتوسع في لذات الدنيا، والتكثر من زهرتها الفانية، نظر إلى الدنيا فمقتها، فكيف سيفرح بها أو يركن إليها؟