التقوي مفاتيح الفرج ” جزء 3″

الدكرورى يكتب عن التقوي مفاتيح الفرج ” جزء 3″

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

التقوي مفاتيح الفرج ” جزء 3″

ونكمل الجزء الثالث مع التقوي مفاتيح الفرج، ويا من اضطر لطلاق زوجته في ذات الله وإرضاء لله، قد يجتمع عليك جيش الهموم، فهم يحيط بك مما خسرت وتكلفت في ذلك الزواج، وهم يحيط بك هل ستجد امرأة صالحة أخرى تتزوجها؟ وهم يحيط بك إن كانت المطلقة قد خلفت لك أولادا من يعتني بهم، وهم يحيط بك من موقفك أمام الناس، وإذا هم همزوك ولمزوك وأساؤوا القول في جانبك، لا تحزن ما دمت قد فعلت ذلك إرضاء لله، فإن الله يقول في سورة الطلاق ” لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا” ويقول تعالى ” سيجعل الله بعد عسر يسرا” وذلك لأن الطلاق شيء كبير، وفيه هم عظيم لمن اتخذ ذلك القرار إرضاء لله، إن الله سيجزيه على عمله ذلك ويعوضه خيرا.

فيا من وقعت في ورطة، فلم تعرف كيف الخلاص، وحاولت الفكاك، ولكن لات حين مناص، تذكر في لحظاتك هذه قوله تعالى ” وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين” ويا من ابتلاه الله في جسده فهو يئن تحت وطأة المرض، ويتلوى من الوجع على فراش الإصابة، تحيط بك هموم الآلام بأنواعها، ويا من ابتلاه الله في حبيبه، أو ولده، فهو يحس حرارة الابتلاء في كبده، لا تيأس، فإن فرج الله بالشفاء لآت، وإن لم يكن، وإن لم يحصل الشفاء، فهو ابتلاء ترفع فيه الدرجات في الجنات، وتضاعف الحسنات فتذكر نبى الله أيوب عليه السلام.

فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنبياء ” وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين” ومن رحمة الله أن جعل طعم البلاء يخف على الإنسان كلما امتد زمن البلاء، فأنت ترى المريض المزمن في مرضه، اللحظات التي يعيشها الآن أهون عليه من اللحظات التي كانت عندما بدأ المرض لأنه قد تعود، مع أن المرض لم يخف، بل إنه ربما يشتد، ولكن الله يصبره، وعلى قدر البلاء تنزل المعونة، فيقول القائل تعودت مس الضر حتى ألفته وأسلمني طول البلاء إلى الصبر، ووسع صدري للأذى كثرة الأذى وكان قديما قد يضيق به صدري.

وكذلك الداعية إلى الله عندما يبتلى بأذى الناس ربما يجزع في المرات الأولى، ولكن يوسع صدره على الأذى كثرة الأذى، على قدر البلاء تنزل المعونة، وأنتم معشر المسلمين المخلصين الذين تعملون لإعلاء دين الله وكلمته، لقد طال هذا الليل واسود جانبه، وأرقنا فعل الجاهليات بأهل الإسلام، لا تيأسوا فإن النصر مع الصبر، وإن مع العسر يسرا، وهذه سنة الله في الدعوات، أن الخطوب تشتد عليها، والأخطار من كل جانب، حتى يفعل جميعهم كل الإمكانيات فلا تفيد، وبعد أن يفقدوا الأمل ويصلوا إلى نقطة يحسون أن لا نصر عندها، إذا بنصر الله يأتي، متى أتى النصر؟ فأتى النصر عندما اشتدت الأمور وظنوا أنه لم يأت جاءهم نصرنا.

وهكذا لكي لا يكون النصر رخيصا، فلو كان النصر رخيصا لقام في كل يوم دعي بدعوة لا تكلفه شيئا، ودعوات الحق لا يجوز أن تكون عبثا ولعبا، فإنما هي قواعد في حياة البشر ومنهاج لهم، فاللهم يا فارج الهم عن نوح وأسرته وصاحب الحوت مولى كل مكروب، وفالق البحر عن موسى وشيعته ومذهب الحزن عن ذي البث يعقوب، وجاعل النار لإبراهيم باردة ورافع السقم من أوصال أيوب، فإن الأطباء لا يغنون عن نصب أنت الطبيب طيب غير مغلوب، اللهم إنا عبيدك وبنو عبيدك وبنو إمائك، نواصينا بيدك، ماض فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا.