الدكرورى يكتب عن أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع أولياء الأمور وغلاء المهور، حيث يحقق التخصص أفضل تنظيم لموارد الأزواج وأقصى قدر من الرفاهية، لا شك أن الزواج ضرورة من ضروريات الحياة، إذ به تحصل مصالح الدين والدنيا، ويحصل به الارتباط بين الناس، وبسببه تحصل المودة والتراحم، ويسكن الزوج إلى زوجته، والزوجة إلى زوجها، فقال الله تعالى فى سورة الروم ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون” وبالتزوج يحصل تكثير النسل المندوب إلى طلبه، فقال صلى الله عليه وسلم “تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم” وكما أن النكاح سنة خاتم النبيين، فهو كذلك سنة المرسلين من قبل.
فقال الله عز وجل فى سورة الرعد “ولقد أرسلنا رسلنا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية” ففى النكاح امتثال أمر الله ورسوله، وبامتثال أمر الله ورسوله تتحقق الرحمة والفلاح في الدنيا والآخرة، وفي النكاح قضاء الوطر، وفرح النفس، وسرور القلب، وفيه تحصين الفرج، وحماية العرض، وغض البصر، والبعد عن الفتنة، والنكاح من أسباب الغنى وكثرة الرزق، ولكن فإن هناك عقبة كؤود تحول بين الشباب وبين تحقيق هذه المصالح العظيمة، حتى صار الزواج عند الشباب من الأمور الشاقة أو المستحيلة، وهذا العائق هو المغالاة في المهور، فقد أصبح المعوق الرئيسي أمام الشباب، والمانع من التقدم إلى الزواج، ولقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في تخفيف الصداق.
فقال “خير الصداق أيسره” وجعل النبي صلى الله عليه وسلم أهم أمر فى قبول الشاب الخاطب الخُلق والدين، لا المال والدنيا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا خطب إليكم مَن ترضون دينه وخلقه، فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة على رجل فقير ليس عنده شيء من المال بما معه من القرآن، بعد أن قال له” التمِس ولو خاتما من حديد” فلم يجد شيئا، وتزوج عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه امرأة على وزن نواة من ذهب، وإن المهر ملكية خاصة للزوجة وعلى الأسر عدم المبالغة فى الجهاز و المسكن، وإن سلامة التيسير فى تكاليف الزواج يجلب البركة.
وإن الزواج فى الإسلام مبنى على المهر، حيث إن للعروس مهرا يعد حقها الشرعى الذى أوجبه الله لها، وأن فكرة قائمة المنقولات، التى ظهرت مؤخرا، تعد أمرا يأتى بالعرف والتراضى والاتفاق بين الأطراف، ويتم تسجيلها فى الزواج، حال تم الاتفاق على أن والد العروس يشترى أشياء بعينها، وأنه حال رفض والد العروس تحمل جزء من تكاليف الزواج تستحق ابنته شرعا المهر فقط، على أن يتكفل العريس بتجهيز منزل الزوجية بقدر استطاعته، لكن العُرف أن الطرفين يتفقان على تحمل كل منها جزءا ويوضع فى القائمة، وأن العلاقة فى الزواج تقوم على التيسير، وأن التيسير فى تكاليف الزواج يجلب البركة، لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” إن أعظم النكاح بركة أيسرة مؤنة”
وأن أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة، وأن الأصل فى تجهيز منزل الزوجية يقع على الزوج لأنه مُلزم شرعا بنفقات زوجته من طعام وكسوة ومسكن وغير ذلك من جهات النفقة الثابتة عليه شرعا، فلا هو واجب على الزوجة لأن مهرها حق خالص لها ليس لزوجها أو غيره أن يطالبها منه بشيء، إلا إن كان الزوج قد قَدّم لها مالا زائدا عن المهر بغرض إعداد جهاز الزوجية، فيا أيها القادر لا تغال فى المهر ولا تفاخر فى الزيادة فيه فإن فى مجتمعك من إخوانك من لا يستطيع مباراتك فالأولى أن تأخذ بالأيسر اتباعا للمشروع وتحريا لبركة النكاح، ورأفة بإخوانك الذين يعجزون عما تقدر عليه، وإذا دخلت على أهلك ورغبت فأعطهم شيئا.