أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 5″

الدكرورى يكتب عن أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 5″

ونكمل الجزء الخامس مع أولياء الأمور وغلاء المهور، فمكثت شهرا لا آتي سعيد بن المسيب، ثم أتيته وهو في حلقته، فسلمت، فرد عليّ السلام، ولم يكلمني حتى تقوض المجلس، فلما لم يبقى غيرى، قال ما حال ذلك الإنسان؟ قلت خير يا أبا محمد، على ما يحب الصديق، ويكره العدو، قال إن رابك شيء، فالعصا، فانصرفت إلى منزلي، فوجه إليّ بعشرين ألف درهم، ولقد أمر الله تبارك وتعالى بإنكاح الأيامى أمرا مطلقا ليعم الغني والفقير، وبيّن أن الفقر لا يمنع التزويج، فالأرزاق بيده سبحانه، وهو قادر على تغيير حال الفقير حتى يصبح غنيا، وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد رغبت في الزواج وحثت عليه، فإن على المسلمين أن يبادروا إلى امتثال أمر الله.

وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بتيسير الزواج وعدم التكلف فيه، وبذلك ينجز الله لهم ما وعدهم، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه “أطيعوا اللهَ فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى” فإن غلاء المهور سبب رئيسى لقلة الزواج، وكثرة الأيامى، وانتشار الفساد، والتبرج والسفور، والفتن والعرى، والشهوات والرذائل، وانتشار الزنا وتنوع الشذوذ، وانتشار العنوسة، وظهور الأمراض الاجتماعية والنفسية، والفقر وعدم البركة في الزواج، وإن غلاء المهور هو غش من الولي لموليته، وعدم إدراك لقيمة الزواج وأهدافه الرئيسية، وإن المغالاة في المهور تجعل الزوجة كأنها سلعة تباع وتشترى، مما يخل بالمروءة، وينافي الشيم ومكارم الأخلاق.

ولو عقل المغالون في المهور، لبحثوا هم لبناتهم عن الأزواج الأكفاء، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعرض ابنته حفصة على عثمان ليتزوجها، ثم على أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما “أن عمر بن الخطاب حين تأيّمت حفصة بنت عمر من خُنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفى بالمدينة، فقال عمر بن الخطاب أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة، فقال سأنظر في أمرى، فلبثت ليالي ثم لقينى، فقال قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، قال عمر فلقيت أبا بكر الصديق فقلت إن شئت زوّجتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم يرجع إليّ شيئا، وكنت أوجد عليه مني على عثمان.

فلبثت ليالى ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال لعلك وجدت عليّ حين عرضت عليّ حفصة فلم أرجع إليك شيئا، قال عمر قلت نعم، قال أبو بكر فإنه لم يمنعنى أن أرجع إليك فيما عرضت عليّ إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها رسول الله عليه وسلم قبلتها” وهذا نبى الله شعيب عليه السلام يعرض ابنته على نبى الله موسى عليه السلام المطارد من فرعون وقومه، فيقول تعالى فى سورة القصص ” قال إنى أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين” وإن عدم إدراك بعض الأولياء لقيمة الزواج وأهدافه الرئيسية كالسكن والرحمة والمودة.

وكالاستمتاع والإنجاب، وتربية الأولاد الصالحين، والتقارب الاجتماعى وغض البصر، وحفظ الفرج، وإشاعة الفضيلة والحد من الرذيلة فى المجتمع، وغيرها من الأهداف يقحم كثيرا من الأولياء إلى المغالاة في المهور، والجدير بهم كمسلمين أن يستشعروا ويستحضروا هذه الأهداف النبيلة، لتكون لهم دافعا لتحصين الشباب وتزويجهم، وإن من الأسباب التى تجر إلى المغالاة في المهور هو تغير النظرة إلى الزوج الكفء، فربما نظر البعض إلى أن الكفاءة هي المال، فتصبح عملية الزواج عملية بيع وشراء، الرابح فيها من يكسب المال الكثير، والشارع اعتبر في الزوج خصلتين عظيمتين حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم “إذا خطب إليكم مَن ترضون دينه وخُلقه، فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض”