الدكرورى يكتب عن أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 9″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 9″
ونكمل الجزء التاسع مع أولياء الأمور وغلاء المهور، فيا أولياء الأمور نسألكم بالله العظيم أن تتعاونوا على تخفيض المهور، ويا أيها العلماء، يا أئمة المساجد، يا أهل الدين، يا أهل الخير، نسألكم بالله العظيم أن تزوجوا بسنة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فأنتم القدوة، وغيركم تبع لكم، فإنها سنة ميتة، ومن يحييها له أجر مائة شهيد، فمن منكم يكون أهلا لها؟ ومن منكم يملك الجرأة الكافية والإيمان القوى لينتصر على نفسه الأمارة بالسوء، وعلى تلك العادات الجاهلية الموروثة، فيثبت بذلك حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسن سنة حسنة، له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة؟ ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”
وهذا خطاب للرجال العقلاء، لا للنساء اللواتي قلدن أمر الزواج في هذا المجتمع، ولقد صار بيد المرأة الموافقة على الزواج، وبيدها تحديد المهر، فكثرت العوانس، وغلت المهور، وتضاعفت نفقات الزواج، ولا شك أن المرأة بما جبلت عليه من فعال وعاطفة، وبما تحبه من المظاهر والمفاخرة وحب الظهور أمام الناس، لا يمكن أن يتحقق على يديها خطبة أو زواج، إلا إذا كانت تزن الأمور بميزان الشرع والدين، ومثل ذلك قليل، فكم سمعنا عن أمهات يفسدن زواج بناتهن لأن الواحدة منهن تدعي أن ابنتها ليست بأقل من بنت فلان، وإن المرأة مهما بلغت فهي ناقصة عقل، ولا تكاد تعرف عواقب الأمور، لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”
ولذلك جعل الله أمر التزويج بأيدي الرجال الراشدين والأولياء الصالحين، وهذا أمر الله للأولياء بتزويج أبنائهم وبناتهم، ووعد منه برزقهم ورعايتهم، ومن أصدق من الله قيلا؟ وإن العار إذا لحق إنما يلحق بالرجال، فاحذروا أيها الرجال فالقوامة لكم لا لنسائكم، فيا أيها الأولياء اتقوا الله فيمن تحت أيديكم من البنات، وبادروا بتزويجهن متى ما تقدم الأكفاء في دينهم وأخلاقهم، “إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير” وإننا نقولها وبصراحة ماذا ينفع المرأةَ أهلها إذا بقيت عانسا قد فاتها ركب الزواج، وأصبحت أيّما لم تسعد في حياتها بزوج وأولاد، يكونون لها زينة في الحياة، وذخرا لها بعد الوفاة؟ وكم من امرأة فاتها قطار الزواج، وذهبت نضارتها، وذبلت زهرتها.
وتمنت بعد ذلك الموت لمن عطل زواجها، لتسمع كلمة الأمومة على لسان وليدها، وكم هي الصيحات والزفرات الحرّاء التي أطلقت من مثل هؤلاء، فأين الرحماء ببناتهم؟ أين العقلاء؟ والله، إننا لنحزن على أخوات لنا ظلمهن أولياؤهن ظلما كبيرا، فلا هن متزوجات فيسعدن، ولا هن بميتات فيسترحن، فهذه امرأة في عصرنا الحاضر شابة تقدم إليها الخطاب، فرفض أبوها أن يزوجها، فلما تقدم بها السن، وحضرت أباها الوفاة، قال لها يا بنية، اجعليني في حل، سامحيني سامحك الله، فقالت له والله، لا أسامحك، بل عليك لعنة الله كما حرمتني من حقي في الحياة، وهذا رجل آخر يزور أخته في المستشفى، وقد تقدم بها السن ولم تتزوج، بعد أن رد أخوها خطابها.
ولما كانت على فراش الموت في آخر لحظة من حياتها قالت لأخيها اقترب مني يا أخي، فلما اقترب منها، قالت له حرمك الله الجنة كما حرمتني من الزواج، وفاضت روحها إلى الله، هذه المآسي بسبب المغالاة في المهور وتعسير أمور الزواج، فاتقوا الله ويسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا “إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” ولقد حث الإسلام على تسهيل الزواج وتيسير أموره، ونهى عن المغالاة في المهور، والمبالغة في تكاليفه، فهذا خير البشر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها بعلي بن أبي طالب بما يساوي أربعة دراهم، والإسلام اعتبر أن المرأة كلما كان مهرها قليلا كان خيرها كثيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة”