الدكرورى يكتب عن أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 10″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 10″
ونكمل الجزء العاشر مع أولياء الأمور وغلاء المهور، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها” فاتقوا الله ويسروا أمر الزواج، واحرصوا على من ترضون دينه وخلقه، وإياكم من الرغبة في المال دون الدين، فالمال عرض زائل وعارية مستردة، والبقاء للدين، وإني لأدعوكم للعودة إلى المهر المحدود المقطوع، كما كان قديما، به تشتري العروس ما شاءت، ولا تسأله غير هذا المهر، حقا خالصا لها، كخطوة أولى نحو أحياء سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ليتزوج العازبون، ويعدد المتزوجون، وتقل نسبة العوانس، ويستغني الشباب بالحلال عن الحرام، ولعل هذا الكلام قد لا يعجب بعض السامعين، فيستخفون به.
ويعترضون عليه، ظانين بأن هذا يقلل من قيمة بناتهم، فأقول لهؤلاء “إن بناتكم ونساءكم لسن بأشرف من بنات ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم اللواتي قبلن بأقل من هذا، وهن أشرف وأطهر نساء الأرض، وأنتم لستم بأفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى قبل بأقل من ذلك لبناته وأزواجه، والبركة في القليل من المهر، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إن أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة” فاتقوا الله أيها الناس، وقوموا بمسؤولياتكم ” وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم” فإن الزواج ضرورة اجتماعية لبناء الحياة، وتكوين الأسر، وإنه أمر تقتضيه الفطرة، قبل أن تحث عليه الشريعة، إنه حصانة وابتهاج، وسكن وأنس واندماج.
بل هو آية من آيات الله، الدالة على حكمته، والزواج، سنة المرسلين، ووصية خاتم النبيين، ففي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء” وقال ابن مسعود رضي الله عنه “لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، ولي طول على النكاح لتزوجت، كراهية أن ألقى الله عزبا” وقال الإمام أحمد رحمه الله” ليست العزوبة من الإسلام فى شيء، ومن دعاك إلى غير الزواج دعاك إلى غير الإسلام” وإن الحديث عن الزواج حديث ذو شجون، وهناك العقبات التي تقف أمام الزواج في طريق الزواج.
وتؤدي إلى تأخيره أو تعسيره على أبنائنا وبناتنا، ومنها انتشار بعض المفاهيم الخاطئة حول الزواج وتأخيره، فيؤخر الزواج لدى كثير من الذكور والإناث بحجة إكمال الدراسة، أو الحصول على الوظيفة، أو القدرة المالية، أو عدم الرغبة في الارتباط المبكر، أو غير ذلك من الأسباب التي أوهمت بها أدمغة الناس والشباب بسبب لوثَات الأفلام والمسلسلات والقنوات، وإن من المؤسف أن يصل بعض الشباب إلى سن الثلاثين والأربعين، وهو لم يفكر بعد في موضوع الزواج، وإن تأخير الزواج مخالف للسنة الشرعية كما هو مخالف للسنة الفطرية، وقد قرّر المتخصصون في علم الاجتماع والحياة أن الزواج المبكر هو أنجح الزيجات حتى ولو تعثرت الظروف المادية.
وأنه سبب لاستقرار الصحة النفسية والجسدية، هذا بالإضافة إلى اكتمال الدين والعفاف وحصول الإحصان في بداية الحياة، وإنه لا تعارض حقيقة بين الزواج ومتطلبات الحياة الدنيوية، ذلك أنه جزء من الحياة الطبيعية، فعن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ثلاثة حق على الله عونهم المجاهد في سبيل الله، والمكاتب، والناكح يبغي العفاف” رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، ومن هنا نقول ماذا تنفع المرأةَ بالذات شهاداتها إذا بقيت عانسا قد فاتها ركب الزواج، ولم تسعد في حياتها بزوج وأولاد، يكونون لها زينة في الحياة، وذخرا بعد الوفاة، كم من امرأة فاتها قطار الزواج، وذهبت نضارتها، وذبلت زهرتها، وتمنت بعد ذلك تمزيق شهاداتها، لتسمع كلمة الأمومة على لسان وليدها.