مسيلمة بن ثمامة ” جزء 10″

الدكرورى يكتب عن مسيلمة بن ثمامة ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مسيلمة بن ثمامة ” جزء 10″

ونكمل الجزء العاشر مع مسيلمة بن ثمامة، ومن سجعه ما ورد بينه وبين سجاح التي ادعت النبوة أيضا، فسألته أن يخبرها بعضا من وحي الله إليه، فقال لها ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، ما بين صفاق وحشا، ولما استزادته فقال لها إن الله خلق النساء أفواجا، وجعل الرجال لهن أزواجا، فنولج فيهن قعسا إيلاجا، ثم نخرجها إذا شئنا إخراجا، فينتجن لنا سخالا نتاجا، فشهدت بنبوته وآمنت به، وعندما وصل هذا الكلام للصحابى الجليل والخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه غضب لهذا الكلام ونعته بوضاعته وأن هذا الكلام لا يخرج من رب، وقيل أنه جاء مسيلمة الكذاب في السنة التاسعة للهجرة إلى المدينة، وعندما قابل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

سأله أن يعطيه النبوة من بعده مقابل إسلامه واتباع دينه، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رفض ذلك، وعندما رجع مسيلمة إلى اليمن ادعى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشركه في نبوته وقد شهد معه فى هذا رجل اسمه الرَّجال بن عنفوة، وقد ورد في حديث عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ” بينا أنا نائم رأيت وضع فى يدى سواران من ذهب ففظعتهما وكرهتهما، فأذن لى فنفختهما فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان” وكان مسيلمة أحد هذين الكذابين، ولقد استشرى خطر مسيلمة الكذاب وازداد عدد المرتدين من حوله، وخاصة بعد زواجه من سجاح والتفاف أعوانها حوله، فبعث الخليفة الراشد أبو بكر الصديق بجيش بقيادة عكرمة بن أبي جهل للقاء مسيلمة.

ومن ثم أمده بجيش آخر بقيادة خالد بن الوليد وفيه الصحابي شرحبيل بن حسنة، والتقى الجيشان بعد أن جمع مسيلمة أهل اليمامة من حوله فى معركة اليمامة، فتراجع جيش مسيلمة إلى حديقة الموت، ودار هناك قتال حام، انتهى بهزيمة المرتدين وقتل مسيلمة بحربة وحشي، وقطع رأسه من قبل سماك بن خرشة، وقد نال العديد من الصحابة الشهادة فى تلك المعركة، ويبدو أن مسيلمة كان على قدر من قوة البيان والشخصية على عكس ما تصفه المصادر بأنه كان رويجلا، أصيفر، أخينس، إذ ترك تأثيرا ملموسا في أوساط بنى حنيفة والقبائل المجاورة، واشتهر بالخلابة والقدرة على استهواء النفوس من الرجال والنساء، وخليق بهذا أن يظن به السحر وتنتظر منه الخوارق بين الجهلاء.

لأنهم يرون سلطانه ولا يعلمون مأتاه فيُخيل إليهم أنه سر من الغيب أو معونة من الجن والشياطين، وهو على هذا كان يعين حيلته بما استطاع من صناعة الشعوذة والألاعيب التي كان يحذقها بعض الكهان في بلاد العرب والعجم، ولم يكن في طبيعته بمعزل عن طبائع السحرة وأدعياء الغيب، وتسمى بالرحمن، فقيل له رحمن اليمامة، وعندما كتب النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء يدعوهم إلى الإسلام، كتب إلى هوذة بن علي الحنفي النصراني وأهل اليمامة، وأرسل كتابه مع سليط بن قيس بن عمرو الأنصاري فاشترط هوذة أن يجعل الأمر له من بعده، فرفض النبى صلى الله عليه وسلم وقال ” لا ولا، ولا كرامه، اللهم اكفينه” فمات بعد قليل.

ومهما يكن من أمر فقد أدرك النبى صلى الله عليه وسلم من خلال ما جرى مع وفد بني حنيفة أن هؤلاء القوم سوف يغدرون به ويرتدون عن الإسلام، وأن صاحبهم سيقودهم إلى شر عاقبة يهلكهم بها، فهم وهو في شر سواء، وقد استغل نهار الرجّال بن عنفوة وجوده في المدينة فتعلم القرآن وتفقه في الدين، ووقف على تعاليم الإسلام، وكان هذا الرجل ذا بصيرة وذكاء فعينه النبى صلى الله عليه وسلم معلما لأهل اليمامة يفقههم في الدين، ويرد من اتبع منهم مسيلمة، ويشغب معهم عليه، ويشد من عزائم المسلمين، لكن نهارا كان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة، وما كان تفقهه إلا رياء، فهو لم يلبث أن انضم إليه، وأقر بنبوته، وشهد بأن محمدا أشركه معه في الرسالة فالتف بنو حنيفة حوله.