الدكرورى يكتب عن مسيلمة بن ثمامة ” جزء 12″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مسيلمة بن ثمامة ” جزء 12″
ونكمل الجزء الثانى عشر مع مسيلمة بن ثمامة، ومن أول ما ورد من أخباره أنه في عام الوفود فى العام التاسع الهجرى، حيث جاءت وفود العرب تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، وكان في جملة هذه الوفود وفد بني حنيفة، وعلى رأسه مسيلمة بن حبيب الحنفي ويصحبه اثنان من كبار مسلمي قبيلته، نهار الرجال بن عنفوة أو رحال، ومجاعة بن مرارة، وفى المدينة أقاموا لدى ابنة الحارث وهي إمرأة أنصارية من بني النجار، وعندما وصل الوفد إلى المدينة، ربطوا ابلهم في رباط للمسافرين، وبقي مسيلمة هناك ليحرس الإبل، بينما ذهب الآخرون للمدينة وتحدث الوفد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل أن يغادر الوفد اعتنقوا الإسلام وتخلوا عن المسيحية.
وكعادته، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدايا للوفود، وحينئذ قال أحدهم، لقد تركنا أحد رفاقنا في المعسكر ليحرس رواحلنا، فأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هدايا له أيضا، وقال إنه ليس أقلكم ليقعد حارسا لأمتعة رفاقة، ولدى عودتهم أدخلوا قبيلة بني حنيفة في الإسلام، وبنوا مسجدا في اليمامة وأقاموا فيه الصلاة، وقيل أن مسيلمة قيل أنه كان ساحرا ماهرا، يبهر الجموع بسحرة، فكان بإمكانه وضع بيضة في زجاجة، كان بإمكانه قص ريش طائر ثم إعادة الريش ليطير مجددا، وقد استخدم هذه المهارة ليقنع الناس بأنه يمتلك قدرات منحه إياها الله، وقد ذكر مسيلمة كلام مشيرا بأن الله أوحى له بها، وقال للحشد أن “محمدا كان قد تقاسم النبوة معه، بل أنه أشار لنفسه بإسم الرحمن.
الأمر الذي يشير لأنه ادعى بعض القداسة لنفسه، ولذلك فقد آمن به البعض نبيا بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدريجيا ازداد تأثير وسلطة مسيلمة بين أبناء قبيلته، وقد سعى مسيلمة لإلغاء الصلاة واباحة الجنس وشرب الخمر، وبدأ يخطب في الناس كرسول لله تماما مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلى آيات ادعى نزولها قرآناً عليه، وكانت معظم آياته تمتدح قبيلته، بني حنيفة، وفضلها على قريش، وقد اقترح مسيلمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتسام السلطة على جزيرة العرب، وفي ذات يوم في أواخر السنة العاشرة بعد الهجرة، كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله آلا إني أوتيت الأمر معك.
فلك نصف الأرض ولي نصفها ولكن قريش قوم يعتدون، فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ” بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب السلام على من اتبع الهدى أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين” وقد ازداد شر مسيلمة وانتشر فساده ، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه برسالة يزجره فيه عن غيِّه ، وبعث هذه الرسالة مع حبيب بن زيد، وهو من السبعين المبايعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية، ومضى حبيب إلى حيث أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ ديار بني حنيفة، فما كاد مسيلمة يقرأ ما فيها حتى اشتد غضبه، وبدا الشر والغدر على قسمات وجهه.
وأمر بحبيب أن يقيَّد، وأن يؤتى به إليه في ضحى اليوم التالى، فلما كان الغد تصدر، مسيلمة مجلسه، وأذن للعامة بالدخول عليه، ثم أمر بحبيب فجيء به وهو مقيد، وقال له مسيلمة أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال نعم أشهد بذلك، وقال مسيلمة له وتشهد بأني رسول الله ؟ قال حبيب في سخرية إن في أذني صمما عن سماع ما تقول، فغضب مسيلمة وقال لجلاده اقطع قطعة من جسده، فأهوى الجلاد بسيفه وقطع قطعة تدحرجت على الأرض، ثم أعاد مسيلمة عليه السؤال نفسه أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال نعم أشهد بذلك، قال وتشهد أني رسول الله ؟ قال حبيب قلت لك إني لا أسمع ما تقول، فأمر بأن تقطع من جسده قطعة أخرى، فقطعت والناس ينظرون.