فأصابتكم مصيبة الموت ” جزء 7″

الدكرورى يكتب عن فأصابتكم مصيبة الموت ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

فأصابتكم مصيبة الموت ” جزء 7″

ونكمل الجزء السابع مع فأصابتكم مصيبة الموت، فقال لأبي طالب وأكابر قريش ” هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين ” قالوا وما علمك بذلك ؟ قال إني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه، ‏وإنا نجده في كتبنا، وهكذا عرف علماء اليهود والنصارى، أن محمد بن عبد الله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم النبيين وآخر المرسلين، فلما أرسله ربه عربيا هاشميا، ولم يكن من جنس اليهود والنصارى، كذبوه وكادوا له العداء، وإن من المعلوم عند جميع المسلمين قاطبة أن النبوة تفضل واختيار من الله تعالى، فهي ليست كسبا يناله العبد بالجد والاجتهاد، وتكلف أنواع العبادات والطاعات.

فقال الله تعالى ” الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس” فالنبوة والرسالة اصطفاء من الله تعالى حسب حكمته سبحانه وعلمه بمن يصلح لها، كما أن من المعلوم أن الرسل وإن كانوا مفضلين على غيرهم إلا أنهم يتفاضلون فيما بينهم كما قال تعالى “تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات” وأفضل الرسل أولو العزم وهم خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وأفضل أولي العزم الخليلان إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام وأفضل الخليلين محمد صلى الله عليه وسلم، وإن الحديث عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حديث ممتع شيّق لا تمل النفوس المؤمنة من سماعه.

وتنجذب له الأرواح، فما تعبّد المتعبدون بأفضل من معرفة محمد صلى الله عليه وسلم وتعلم ما جاء به من الوحي المبين والسنة المطهرة ، فإن هذا من توقيره ونصرته ومحبته صلى الله عليه وسلم، فقال ابن القيّم رحمه الله وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدى النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به، ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه، والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فقال تعالى ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” فالشريعة كلها مبنيّة على الرحمة في أصولها وفروعها

ومحمد صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالناس بل تعدت رحمته الناس إلى الحيوانات، ولا ينكر جانب الرحمة في شخصية محمد صلى الله عليه وسلم إلا جاهل معلوم الجهل أو حاقد مكابر يزعحه ويقلقه انتشار دين محمد صلى الله عليه وسلم في الأرض شرقا وغربا، وإن المتأمل في الآية السابقة يلحظ أن الله تعالى وصف رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه رحمة للعالمين فلم يقل رحمة للمؤمنين، مما يدل على أن إرساله رحمة لغير المسلمين أيضا فكيف يكون ذلك ؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما من تبعه كان له رحمة في الدنيا والآخرة ومن لم يتبعه عوفي مما كان يُبتلى به سائر الأمم من الخسف والمسخ والقذف، وأما رحمته بالمؤمنين صلى الله عليه وسلم.

فأكثر من أن تحصر فقد فطر الله في قلبه الرحمة، كما في قوله تعالى “فبما رحمة من الله لنت لهم” لذلك حض على الرحمة وربطها برحمة الله فقال صلى الله عليه وسلم “الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمْكم من في السماء” رواه أبو داود والترمذى، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رُفع له ابن بنته وهو صبي صغير ونفسه تتقعقع من الموت ففاضت عيناه عليه الصلاة والسلام فقال سعد بن عبادة ماهذا يا رسول الله ؟ فقال “هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء” وكم نسمع من الأحاديث التي فيها قوله صلى الله عليه وسلم “لولا أن أشق على أمتي” مما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم قد يترك الأمر أحيانا رحمة بأمته ألا تطيق ذلك.