أبرهة بن الصباح الحبشي ” جزء 11″

الدكرورى يكتب عن أبرهة بن الصباح الحبشي ” جزء 11″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

أبرهة بن الصباح الحبشي ” جزء 11″

ونكمل الجزء الحادى عشر مع أبرهة بن الصباح الحبشي، أن الله تعالى حين قال” ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل” وجّه خطابه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله، ألم تنظر يا محمد وترى بعين قلبك كيف جازى الله تعالى أصحاب الفيل الذين قدموا لهدم الكعبة، فالخطاب هنا موجه للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كي يرى ويتخيل بعين قلبه ليذكره الله تبارك وتعالى بحادثة أصحاب الفيل التي حمى الله بها بيته الحرام، ولقد جاء أبرهة إلى اليمن في الحملة التي أرسلها ملك الحبشة النجاشي أصحمة، بقيادة أرياط، لغزو اليمن والانتقام لمقتل المسيحيين في حادثة الأخدود على يد الملك ذي نواس، فصارت اليمن تابعة للحبشة، وتولى أرياط الحكم فيها.

في ظل ملكها الحميري السميفع، وتختلف الروايات في حقيقة العلاقة بين أرياط وأبرهة، فتجعل بعضها أرياط رئيسا على أبرهة، وأخرى تجعله ندا له في قيادة جيش الحبشة، ثم نازع أبرهة أرياط في أمر الحبشة باليمن، وجرت بينهما مبارزة شرم فيها أرياط عين أبرهة وأنفه، فلقب لذلك بالأشرم، أما أرياط فقتله غلام لأبرهة، ويقال إن السميفع لم يكن على شيء من الحزم فتألب عليه الجند واتفقوا على تمليك أبرهة الذي استقل باليمن وتلقب بألقاب الملوك وامتنع عن إرسال الجزية للنجاشي، وحاول النجاشي أن يستعيد سيطرته على اليمن فأرسل تجريدتين لتأديب أبرهة أخفقتا وتجمع الروايات على أن النجاشي حلف ألا يدع أبرهة إلا أن يطأ بلاده ويجز ناصيته ويهرق دمه.

فكتب إليه أبرهة كتابا فيه تودد واعتذار أرضى النجاشي فثبته على عمله بأرض اليمن، فأصبح أبرهة في حكم الملك المستقل وإن اعترف اسميا بسلطة النجاشي وأدى إليه الجزية، مما جعل الأحوال تستقر بينهما، وقد قامت في اليمن عدة ثورات على أبرهة في زمن حكمه الذي امتد نحو أربعين عاما استطاع أن يخمدها جميعا، وعقد معاهدات مع بعض أقيال سبأ، وتوافدت إليه الوفود من الحبشة وفارس وبيزنطة ومن غسان الشام مما يدل على المكانة والقوة التي وصل إليها، وقد عني أبرهة بالعمران، فأعاد ترميم سد مأرب الذي كان قد تصدع، ويدل على ذلك رقيم وجد عند السد، نقشت عليه كتابة تفسر كثيرا من الأحداث في حكم ابرهة، وقد خلف أبرهة على ملك اليمن ابنه يكسوم.

وكان ظالما، فلما مات ملكها أخوه مسروق وكان أشد ظلما من أخيه، وفي أيامه دخل الفرس اليمن وانتهى حكم الحبشة، ولقد أثار فيل أبرهة فى الآونة الأخيرة العديد من الجدل، وقيل أنه رفض الباحث العراقى فاضل الربيعى أن يكون أبرهة الحبشى هو الذى قد توجه أساسا لهدم الكعبة المشرفة، وبعدها تفاجأ بعض المؤمنين بأن أبرهة عندما توجه إلى مكة المكرمة ليهدم الكعبة علم بأن الفيل الذى يرد فى القرآن اسمه محمود، كأنهم يسمعونها للمرة الأولى مع أن كتب التراث الإسلامى ذكرت اسمه كلما ذكرت القصة، فكيف ذلك؟ فيحكى ابن كثير فى تفسير القرآن العظيم عن فيل أبرهة الذى كان فى مقدمة جيش ملك الحبشة لهدم الكعبة لكنه عندما وصل إلى هناك.

رفض هدم المبنى المقدس فتأهب أبرهة لذلك، وصار فى جيش كثيف عرمرم لئلا يصده أحد عنه، واستصحب معه فيلا عظيما كبير الجثة لم ير مثله، يقال له محمود، وكان قد بعثه إليه النجاشى ملك الحبشة لذلك ويقال كان معه أيضا ثمانية أفيال وقيل اثنا عشر فيل وقيل غيره، والله أعلم، ويعنى ليهدم به الكعبة بأن يجعل السلاسل فى الأركان، وتوضع فى عنق الفيل، ثم يزجر ليلقى الحائط جملة واحدة، فلما سمعت العرب بمسيره أعظموا ذلك جدا، ورأوا أن حقا عليهم المحاجبة دون البيت، ورد من أراده بكيد، ويقول القرطبى فى تفسيره فى الجزء العشرين فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة، وهيأ فيله، وعبأ جيشه، وكان اسم الفيل محمودا، وأبرهة مجمع لهدم البيت، ثم الانصراف إلى اليمن.