طالوت وجالوت ” جزء 10″

الدكرورى يكتب عن طالوت وجالوت ” جزء 10″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

طالوت وجالوت ” جزء 10″

ونكمل الجزء العاشر مع طالوت وجالوت، فاخبرهم صمويل أن الدليل على ذلك انه سيرد لهم التابوب، كما هو فيه سكينة من الله تحمله إليهم الملائكة وتحقق المعجزة وألتابوت هو ألميثاق ألذ كان فيه وهو ألبقيه مما ترك آل موسى وهارون عليهما السلام ما يعظم أمره ويشرف قدره ويظهر ألبركه وكان ضياع هذا ألتابوت سبب تخلفهم وإنكسارهم، ولهذا وافق اليهود بطالوت ملكا عليهم لكونه وعد بإعادة ألتابوت من أعدائهم، وعندما أراد طالوت أن يخرج لقتال جالوت الملك الظالم لاحظ أن معظم اليهود لا يريدوا الخروج معه للقتال, فخرج طالوت وجنوده الذين رضوا بالقتال معه علي الرغم من أن فيهم من هم ضعاف النفوس، وساروا في الجبل حتى عطشوا عطشا شديدا.

فأوحى الله إلى صمويل ما يختبر به هؤلاء حتى يختار منهم من يقاتل معه من المؤمنين أقوياء النفوس فقال لهم انهم سيصلوا إلى نهر عذب سائغ فمن شرب منه غرفه واحدة أو لا يشرب منه فهو من هؤلاء الذين سيقاتلوا معه ومن شرب من اكثر من غرفة فهو ضعيف النفس لا يصلح أن يقاتل معه وفعلا استبعد طالوت الذين شربوا من النهر لعدم إطاعتهم أوامره، وعبر طالوت النهر ومعه أقوياء النفوس المؤمنين وكانوا حوالي ثلاثمائة بينما كان جيش جالوت حوالي سبعين ألفا، وكان من جنود طالوت نبى الله داود عليه السلام الذي بارز جالوت فقتله بحجره ضخمه في رأسه جعلته يترنح وقد كان ضخم ألجثه فباغته داود برمحه وسيفه حتى صرعه وأنهزم جنوده ونصر الله المؤمنين.

وبعد موت النبي صمويل والملك طالوت ورث نبى الله داود عليه السلام النبوة والملك وكانت أيامه علي بني إسرائيل أيام خير وبركة خلصوا أبنائهم من الأسر واستردوا أوطانهم من العدو وعاشوا في قوة وعدالة وانتصار، وإن التابوت كان نعمة من نعم الله على بني إسرائيل حيث كان لهذا التابوت عندهم شأن عظيم، ونبأ ظريف، كانوا إذا اشتبكوا مع أعدائهم في قتال أو التقوا بهم في ساحة نزال، يحملونه بين أيديهم ويقدمونه في صفوفهم، فينشر في قلوبهم سكينة واطمئنانا، ويبعث في أعدائهم هلعا ورعبا لسر عجيب فيه ومزايا خصه الله بها، ولكنهم لما انحرفوا عن شريعتهم وغيروا ما بأنفسهم سلط الله عليهم أهل فلسطين، فغلبوهم على أمرهم، وأخرجوهم من ديارهم.

وحالوا بينهم وبين أبنائهم، وأخيرا أخذوا التابوت منهم، فانفصمت عروتهم، وتصدعت وحدتهم، ثم استكانوا إلى ذل وهوان، وظلوا على ذلك حقبة من الدهر، حتى كان نبيهم صمويل، ففزع إليه نفر منهم أرادوا أن يتجافوا بأنفسهم عن مطارح الهوان، وينزعوا بها من معرة الامتهان، وطلبوا إليه أن يختار لهم ملكا يأتلفون حول رايته، ويجمعون أمرهم تحت زعامته، لعلهم به يغلبون العدو، ويكتب الله لهم النصر، فقال لهم وهو يعرف الضعف فيهم إني أتوقع تخاذلكم إذا كتب عليكم القتال، قالوا كيف نتخاذل وقد أخرجنا من ديارنا وحيل بيننا وبين أبنائنا؟ وأي حال أسوأ مما نحن فيه؟ وأي ذل أشد مما ابتلينا به؟ قال صمويل لهم دعوني أستخير الله تعالى في أمركم.

وأستوحيه في شأنكم، فلما استخار الله عز وجل أوحي إليه أني قد اخترت عليهم طالوت ملكا، قال صمويل يا رب إن طالوت رجل لم أعرفه بعد، ولم أره من قبل، فأوحى إليه إني مرسله إليك وسوف لا ترى عسرا في لقائه، ولا جهدا في تعرف ملامحه، فأعطه الملك، وسلمه راية الجهاد، وكان طالوت رجلا طويلا فارعا، قوي الجسم ذكيا، ولكنه لم يكن معروف أو مذكور، فكان يقيم مع أبيه في قرية من قرى الوادي، يرعى له الماشية، ويفلح الأرض، ويصلح الزرع، وفيما هو في شأنه في الحقل مع أبيه ضلت منه الأتان وهى أنثى الحمار، فخرج مع غلامه ينشدانها في شعاب الوادي، وبحثا عنها أياما حتى تعبا، فقال طالوت لغلامه هيا بنا نعود أدراجنا، فإني أعتقد أن القلق استولى على أبي.