الدكرورى يكتب عن راعوث وبوعز ” جزء 3″
بقلم/ محمــــد الدكـــــرورى
راعوث وبوعز ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع راعوث وبوعز، وقد أخبر العبد بوعز عن أمانة راعوث تجاه نعمي وعملها الدؤوب في الحقل فتكلم بوعز مع راعوث شخصيا وقال لها أن تبقى في حقله وأن تبقى قريبة من النساء الأخريات، كما قال لها أنه قد حذر الشباب من مضايقتها، ودعاها لكي تشرب بحرية من الماء الذي كانوا يستقونه كلما شعرت بالعطش، وإستجابت راعوث بإتضاع وتقدير، متساءلة لماذا يظهر هذا الكرم تجاهها، وهي غريبة، وهنا قال لها بوعز أنه سمع عن تضحياتها من أجل حماتها وقد إستمر بوعز يعاملها بكياسة، مقدما لها الطعام وموجها الحصادين أن يتعمدوا ترك بعض السنابل وراءهم لكي تلتقطها راعوث، وعندما أخبرت راعوث نعمي عن مكان إلتقاطها السنابل.
فرحت نعمي وأخبرت راعوث أن بوعز قريب لهم، من عائلة أليمالك زوج نعمي لذلك كان بوعز مؤهلا أن يكون وليا لراعوث، وكان إستمرار إسم العائلة مهما جدا في إسرائيل، فأعطى هذا الأمر راعوث الحق أن تطلب من بوعز القيام بذلك الدور، وشجعت نعمي راعوث على الإستمرار في الإلتقاط من حقول بوعز، الأمر الذي قامت به طوال موسمي حصاد القمح والشعير، وفي موسم حصاد الشعير، إقترحت نعمي أن تذهب راعوث إلى بوعز عندما كان يذري الشعير وأن تطلب منه أن يكون وليها، وكان لراعوث ذهن متفتح وروح تقبل التعليم لذلك أصغت إلى نصيحة حماتها وفعلت ما طلبته منها وقامت راعوث بإتباع تعليمات نعمي حرفيا، وتجاوب معها بوعز.
ولكنه كان يعلم بوجود شخص أقرب منه يكون له الحق أن يعطي راعوث حق الولي، وكان يجب إستشارة ذلك الشخص قبل أن يستطيع بوعز أن يأخذ راعوث زوجة له، وفي اليوم التالي مباشرة، تقابل بوعز مع القريب الآخر، الذي تخلى قانونيا عن حقه بالنسبة لراعوث وأرض نعمي، وسرعان ما تزوج بوعز وراعوث وكان لهما ولد إسمه عوبيد، وقد فرحت النساء بأمانة الرب قائلات لنعمي “مبارك الرب الذى لم يعدمك وليا اليوم لكى يدعى اسمه فى إسرائيل، ويكون لك لإرجاع نفس وإعالة شيبتك، لأن كنتك التى أحبتك قد ولدته، وهى خير لك من سبعة بنين” وقد وضعت راعوث ثقتها في الرب، وكافأ الرب أمانتها ليس فقط بأن أعطاها زوجا، ولكن أيضا إبنا وهو عوبيد.
وحفيدا وهو يسى وإبن للحفيد إسمه داود، وهو ملك إسرائيل وبالإضافة إلى هذه العطايا وقد منح الله راعوث بركة كبيره، وإن راعوث مثال لكيف يمكن أن يغير الله الحياة ويوجهها في الإتجاه الذي خطط له مسبقا، نراه يحقق خطته الكاملة في حياة راعوث، كما يفعل في حياة كل أولاده ورغم أن راعوث كانت من خلفية وثنية في موآب، إلا أنها إلتقت بإله إسرائيل وصارت شهادة حية عنه بالإيمان، ورغم أنها عاشت في ظروف متواضعة قبل أن تتزوج من بوعز، فإنها آمنت أن الله أمين في الإهتمام بأولاده، كما أن راعوث مثال لنا في العمل الجاد والأمانة، ونحن نعلم أن الله يكافيء الأمانة وقد جثت راعوث بجانب سنابل الشعير التي لملمتها خلال النهار.
وكان المساء يرخي ستائره على الحقول المحيطة ببيت لحم، وعمال كثيرون ماضين في طريقهم الى بوابة البلدة الجاثمة على حيد مجاور، ومع ان التعب اخذ من راعوث كل مأخذ بعدما كدحت طوال اليوم تحت حر الشمس، انكبت على السنابل تخبطها بمِدرس يدويّ او عصا صغيرة لفصل الحب عنها ولكن رغم تعبها، اعتبرت يومها موفقا وأفضل بكثير مما كانت تترجى، وترى هل بدأت الحياة تبتسم في وجه هذه الارملة الموآبية الشابة؟ فهي قررت مرافقة حماتها نعمي آخذة على نفسها عهدا ان تلتصق بها وتعبد إلهها يهوه، وبعد رجوعهما محزونتين من موآب الى بيت لحم، سرعان ما علمت ان شريعة يهوه تنص على تدابير عملية تحفظ كرامة الفقراء في اسرائيل، بمن فيهم الغرباء.