راعوث وبوعز ” جزء 8″

الدكرورى يكتب عن راعوث وبوعز ” جزء 8″

بقلم/ محمــــد الدكـــــرورى

راعوث وبوعز ” جزء 8″

ونكمل الجزء الثامن مع راعوث وبوعز، وفى النهاية بوعز خرج وانطلق إلى وليمة العرس مع راعوث الشابة الجميلة بين ذراعه، ولكن هناك سحابة فوقهما فراعوث عقيمة أو على الأقل تبدو كذلك، وقد قيل لنا إنها كانت متزوجة منذ عشر سنوات إلى محلون ولا يوجد أطفال، وكان عندما بدت حياة نعمي كأنها تدمرت بالكامل أثناء وجودها في موآب، قدّم الله راعوث لنعمي، وربح الله ولاء راعوث في موآب، ولذا فكان الفضل يرجع لله على المحبة المدهشة التي وجدتها نعمي في كنتها، وقيل أنه عندما جاءت راعوث إلى يهوذا مع نعمي، كانت قادمة للاحتماء تحت جناحي الله، ولذلك يرجع الفضل لله في أن راعوث غادرت منزلها وأسرتها لمتابعة وخدمة نعمي.

فإن الله كان يحوّل انتكاسة نعمي إلى فرح حتى عندما كانت هي غافلة عن نعمته، وقد أعطت نعمي انطباعا أنه لا يوجد أمل أن تتزوج راعوث وتنجب أولادا لاستمرار نسل الأسرة في حين أن الله كان يُبقي على رجل ثري وتقي يدعى بوعز لكي يفعل ذلك، والسبب أنه كان عمل الله هو اعتراف نعمي نفسها فهي تدرك أن وراء اجتماع راعوث وبوعز بالصدفة كان صلاح الله، ومَن الذي أعطى لرحم راعوث العقيم طفلا بحيث تمكنت الجارات من القول قد ولد ابن لنعمى؟ لقد أعطى الله الطفل، وقد صلى شعب المدينة لأجل بوعز وراعوث، وكانوا يعرفون أن راعوث كانت متزوجة لمدة عشر سنوات دون طفل، لذلك تذكروا راحيل التي فتح الرب رحمها قبل فترة طويلة.

وصلوا أن يجعل الله راعوث مثل ليا وراحيل، زوجتى نبى الله يعقوب عليه السلام، وهكذا مرة تلو الأخرى كان الله يعمل في الانتكاسات المرّة لنعمي فعندما فقدت زوجها وأبنائها أعطاها الله راعوث وعندما لم تستطع أن تفكر في أي قريب ليقيم نسلا لاسم الأسرة أعطاها الله بوعز، وعندما تزوجت راعوث العاقر ببوعز أعطى الله الطفل، ولو كانت قصة سفر راعوث انتهت فقط في قرية صغيرة يهودية مع الجدة المسنة وهي تعانق حفيدها الجديد، سوف تكون كلمة مجد كبيرة جدا، لكن الكاتب لا يختم القصة بهذا الشكل، بل رفع عينيه إلى غابات وجبال الثلوج لتاريخ الفداء فيقول ببساطة شديدة أن هذا الطفل كان عوبيد والد يسى ويسى والد داود عليه السلام.

فبشكل مفاجئ ندرك أنه طوال القصة كان هناك أمر سيحث قريبا أعظم جدا مما نستطيع تخيله، فالله لم يكن يعمل فقط لأجل بركة وقتيّة لعدد قليل من اليهود في بيت لحم، بل كان يُعد لمجيء أعظم ملك لإسرائيل، أي داود عليه السلام، واسم داود يحمل معه الرجاء في المسيا، والعصر الجديد، والسلام، والبر، والحرية من الألم والبكاء والحزن والشعور بالذنب، ويريد سفر راعوث أن يعلمنا أن قصد الله لحياة شعبه هو أن يربطنا بشيء أكبر بكثير من أنفسنا الله يريدنا أن نعرف أننا عندما نتبعه، فحياتنا دائما تعني أكثر مما نظن فإن للإنسان هناك دائما علاقة بين أحداث الحياة العادية وعمل الله الهائل في التاريخ، وكل ما نقوم به في طاعة الله، مهما كان صغيرا، فهو مهم.

إنه جزء من الفسيفساء الكونية التي يرسمها الله ليعرض عظمة قوته وحكمته للعالم وللرؤساء والسلاطين في السماويات فالشبع العميق للحياة هو أنه ألا تستسلم للتفاهات، فكانت خدمة حماة أرملة، والالتقاط في الحقل، والوقوع في الحب، وإنجاب طفل، بالنسبة للشخص كل هذه الأشياء ترتبط بالأبدية إنها جزء من شيء أكبر بكثير مما يبدو، وهكذا كانت قصة راعوث، وهي قصه كتابيه تظهر جانبا اخر من جوانب الفداء, وتوضح لنا دور القريب الاقرب,الذي هو الولي والفادي، ويروي لنا سفر راعوث أن سيدة اسمها نعمي مع زوجها وولديهما أجبروا بسبب المجاعة في فلسطين أن يسافروا ليعيشوا في بلاد مواَب, جيث تزوج الابنان.

وبعد سنوات قليلة مات الزوج والولدان، تاركين ثلاث ارامل، وعندما عرفت نعمي ان المجاعة انتهت في بلادها قررت ان تعود إليها, وبقيت ارملة احد الابنين في مواَب, اما الثانيه واسمها راعوث فقد تعلقت بحماتها ورفضت ان تتركها, واصرت ان ترافقها الى وطنها فعادت الارملتان معا الى بيت لحم، وكانت شريعة نبى الله موسى عليه السلام تعطي نعمي الحق في استعادة ارضها التي تركتها قبل ان تهاجر الى مواَب, كما كان من حق راعوث ان ترث ارض زوجها المتوفي.