بلا ظل، كأنه لم يولد
شعر: البهاء حسين
بلا ظل، كأنه لم يولد
ربما انتحر لأنه فشل في الحب
راح يصغى لجسده، ووجد أنه بلا ظل
هكذا ولد بعيب خلقي
لا ظل يمشى معه في الليل أو فى النهار
:
أن ظل الأطفال يلعب معهم عادة .. يصيح ويجرى مثلهم
لكنه لم يكن يلعب فى طفولته
مخافة أن يعيروه بظله
:
نفرح بالعشب ، رغم أننا نجزه
نفرح بظلنا، رغم أنه لا يسعفنا بشىء
،،
أسوأ ما فى الأمر
أن تلفظ روحك بسهولة، كأنك تلفظ جملة غير مفهومة
أسوأ ما فى الحياة أنها تستمر من بعدك
سيألف الأبناء غيابك
ستسخر زوجتك من انتحارك
لأنها لا تعرف أن الظل حياة الرجل
دنياه يجرى وراءها، وتجرى وراءه
:
الظل معجزة
الشجرة لا تستحق اسمها إن لم يكن بها عشّ
إن كانت من غير ظل
،،
عندما يُطل رجل، لآخر مرة من النافذة، فهو يتفقد موته
الطريقة التى سيخاطب بها القبر
الطريقة التى يجعل بها العالم يبكى
عندما يقدم رجل على فصل رأسه عن جسده
فمعنى ذلك أن الحياة كانت محشورة بينهما
وأن عامل النظافة، الذى وجد جثته
يعرف كيف يكنس الموت من الشوارع الجانبية
ثم يرميه فى سلة المهملات
:
عندما ينتحر الرجل
حين يضع مشنقة حول رقبته ويلقى بنفسه من الطابق الرابع
ينقسم إلى اثنين
يمتلك أخيراً ظلين
،،
يا لها من قفزة يا صديقى
لا بد أن الأسفلت كان يصيح بك
كان يشدك من النافذة
:
ليس للأسفلت حنان التراب
الأسفلت يجعل الموت مدوياً كفضيحة
لا يقدر على الكتمان
لم أكن أعرف أن الحبل بلا ضمير
لم يمنحك الفرصة لتجرب دور الطائر
كان من الممكن أن تغير خطتك لو أنك مت سليماً
كنت ستحكى لنا عما يدور هناك ومن أى الفريقين أنت
شقى أم سعيد
وهل حالفك الحظ، ونسيت بالموت الحياة
:
أخبرنى .. متى انطفأ النور فى عينيك
وفى أى شىء كنت تحدق حين ارتطمت بالأرض، ثم سكت
كأنك قد فرغت من الكلام
نعم كان يمكن لجثتك أن تظل معلقة
لتحكى
:
على كل سأنصت للتراب
سأستند على أذنى، لأفهم كيف قدمت روحك إلى القبر
كأنه عشك الدائم
سأستند على روحك، كأنها عكاز، لأجد الطريق إليك
:
سأبكى العش مرة
وأبكى الطائر مرتين
،،
أنت لم تعرفنى
كنا نتبادل النظرات، فى الطرقة الطويلة للجريدة
كأننا نتبادل وعداً بالتعارف عما قريب
أنا لم أكن أعرفك، لكننى عرفت من موتك أن الحقيقة عندما تدق ساعتها
تدعو كل واحد لاكتشافها فى نفسه
:
عرفت، اليوم، عندما حاكيت موتك
أنه يمكن لريشة بيضاء أن تشق الظلمة
أن العش أيضاً يتوق للطيران
لكن لا جناح ينقله، وإن كانت أغصان الشجرة، فى الخريف
تصبح أجنحة
:
حين تهب الريح من الصعب أن تطير العصافير
حين يستدعيه التراب
يسقط العصفور من الشجرة
،،
سأستند على الحافة
سأترك الذعر يفرى العظام .. عظامى
سوف أتكىء على حافة النافذة، وأحدق فى الهاوية
قبل أن أرمى بنفسى
كأن نظراتى هى كلماتى الأخيرة
:
يا للحافة التى ترتجف هى أيضاً مثل الظل
،،
لن يسمع أحد صراخك وأنت تسقط، لأن رأسك مقطوع
لن تحدث حفرة فى الليل
ستصيح الديوك نيابة عنك
سيقول سقوطك كل شىء
لكن السقوط .. أن تهوى بذراعين مهزومتين
لا يشبه أبداً علامة الانتصار .