الدكرورى يكتب عن سر بناء مدينة القيروان ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
سر بناء مدينة القيروان ” جزء 1″
مدينة القيروان هى إحدى أهم المدن التونسية ومقر الولاية حيث تتكون هذه المدينة الحديثة، كسائر مدن المغرب العربى، من القصبة حيث المركز الإدارى ومنازل الأعيان ومن الأسواق، ويتكون وسط المدينة من شارع الجمهورية وشارع الثورة، وفى المدينة العتيقة ساحة الشهداء عند باب الجلادين حيث يوجد فى هذه الشوارع كافة المرافق، وإن من معالم هذه المدينة هو جامع عقبة، وهو من أروع شواهد العمارة الإسلامية فى المغرب العربى، وكان يعتبر أكبر جوامع المغرب العربى حتى أواخر القرن العشرين وذلك من تاريخ بناء جامع الحسن الثانى بالدار البيضاء، وأيضا من معالم هذه المدينة هو مقام الصحابى أبي زمعة البلوى وهو من أهم المزارات الدينية.
فى تونس، وأيضا مقام سيدى عبيد الغرياني، وأيضا مقام سيدي عمر عبادة، ومن أشهر معالمها أيضا هو بئر بروطة، وفسقيات الأغالبة، وجامع الأبواب الثلاثة، وأيضا المتحف الوطنى للفنون الإسلامية برقادة، وأيضا سور المدينة، حيث به أبواب السور، وهو باب الجلادين وهو الباب الرئيسى والأكثر حركية، وباب تونس، وهو ثاني أهم الأبواب، والباب الجديد، وهو قبالة مسجد الزيتونة، وباب الخوخة وهو الباب المؤدى إلى مسجد عقبة بن نافع، وباب للا ريحانة وهو يؤدى إلى المسجد أيضا ويقع عند مقام سيدي السيورى، ومن أشهر الأسواق بهذه المدينة هو سوق الربع حيث يباع سجاد القيروان الشهير الذى يسمى الزربية، وأيضا سوق البلاغجية حيث تصنع وتباع الاحذية والسروج.
وسوق الجرابة حيث تنسج وتباع الاقمشة والاغطية ولوازم صناعة السجاد، وسوق العطارين حيث تباع العطرات والبخور ولوازم الأعراس، وسوق النحاسين حيث تصنع وتباع آوانى النحاس، وسوق الخضراوين، ولقد بنى القائد المسلم عقبة بن نافع مدينة القيروان أثناء ولايته للمرة الأولى على القارة الأفريقية، واستمر فى بنائها مدة خمس سنوات، وتسمية القيروان تعنى معسكر الجند، حيث اتخذها عقبة مركزا وموقعا مناسبا للوظيفة الحضارية التى بنيت لأجلها، فرأى عقبة أن القيروان هى القاعدة التي يمكن الاعتماد عليها أثناء تواجد المسلمون في أعماق أفريقيا والمغرب، ولذلك جاء موقع مدينة القيروان مناسبا وبعيدا عن الساحل، وعن غارات البيزنطيين.
وكذلك بعيدة عن أعماق المغرب وعن غارات البربريين، وقيل أنه بُنيت القيروان سابقا على يد معاوية بن حديج، ولكن عقبة بن نافع لم يعجبه موضع القيروان قديما، ولذلك شرع فى بناء القيروان الجديدة، وخطط لبناء القيروان وفقا للنمط الإسلامى، فالمسجد الجامع ودار الإمارة توأمان، ولا ينفصل إحدهما عن الآخر، ويقعان إلى جوار بعضهما البعض، وهما دائما فى قلب المدينة، ويوجد بينهما شارع رئيسى، واسمه السماط الأعظم، وجعل عقبة فراغا حول المسجد ودار الإمارة، وهذا الفراغ عبارة عن دائرة واسعة، ثم قسمت الأرض إلى مخطط للقبائل وذلك حتى يبقى شارعا رئيسيا في كلا الاتجاهين، وحتى نهاية المدينة، وقدم البربر إلى القيروان من نواحى عديدة فى إفريقية.
وسكنوا حولها، واعتنق عدد منهم الدين الإسلامى، وتعلموا اللغة العربية، والقرآن الكريم، وأمور دينهم، ولم يكن عقبة بن نافع قائدا عسكريا محضا فقط، بل كان صاحب عقلية مبدعة وفكر استراتيجي فذ وهو يصح أن يطلق عليه خبير بشئون المغرب والشمال الأفريقي، ومن خلال حملاته الجهادية المستمرة على الشمال الأفريقى، أدرك أهمية بناء مدينة إسلامية فى هذه البقاع وذلك لعدة أسباب من أهمها، هو تثبيت أقدام المسلمين والدعوة الإسلامية هناك وذلك أن عقبة قد لاحظ أمرا هاما أن أهل الشمال الأفريقى إذا جاءهم المسلمون يظهرون الإسلام وإذا انصرفوا عنهم رجعوا مرة أخرى إلى الكفر، فكان بناء مدينة إسلامية خير علاج لهذه الظاهرة الناجمة عن غياب قاعدة إسلامية ثابتة للإسلام لنشر الهدى والنور وسط ظلمات البربر.