الدكرورى يكتب عن الطاغوت فى الشريعة الإسلامية ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الطاغوت فى الشريعة الإسلامية ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثانى مع الطاغوت فى الشريعة الإسلامية، كما أن الكفر هو رفض الدخول في الإسلام، أو هو الخروج منه بعد دخوله، والاعتقاد بدين آخر غير دين الله سبحانه وتعالى، ويكون ذلك بسبب التكبر والعناد أو ربما بسبب الحمية لدين الأجداد والآباء، أو لأطماع دنيوية، كالمال، أو الجاه والمنصب، ويكون الكفر بالتكذيب والاستهزاء بالله أو برسوله صلى الله عليه وسلم، أو بكتابه، كما يمكن أن يكون الكفر بالذبح لغير الله تعالى، أو بالسجود لغيره، أو العمل بالسحر أو تعليمه، وإن الطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة، وهم أولهم الشيطان وهو الداعي إلى عبادة غير الله تعالى، والدليل قول الحق سبحانه وتعالى.
” ألم أعهد إليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ” وثانيهم هو الحاكم الجائر المغير لأحكام الله تعالى، والدليل قول الحق سبحانه وتعالى” ألم ترى إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكوا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا” وثالثهم هو الذي يحكم بغير ما أنزل الله تعالى، والدليل هو قوله تعالى ” ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ” ورابعهم هو الذي يدعي علم الغيب من دون الله تعالى، والدليل هو قول الله سبحانه وتعالى ” عالم الغيب فلا يظهر على غيبة أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا”
وقوله تعالى “وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما فى البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين” وخامسهم هو الذي يعبد من دون الله تعالى، وهو راضى بالعبادة، والدليل هو قوله سبحانه وتعالى ” ومن يقل منهم إنى إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين ” وعلى هذا فليس كل ما عبد من دون الله تعالى، يعتبر طاغوتا فالأنبياء والعلماء وغيرهم من الصالحين والأولياء لم يحملوا الناس على عبادتهم، إياهم ولا أطاعوهم في ذلك بل حذروهم من ذلك أشد تحذير بل كان المقصد من إرسال الله الرسل إلى الخلق دعوتهم إلى توحيد الله سبحانه وتعالى، والكفر بما دونه.
فقال الله تعالى فى كتابه الكريم ” ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلاله فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين” فلا يسمى الأنبياء ولا العلماء وإن عبدوا من دون الله طواغيتا، لأنهم حذروا الناس من ذلك وأن لا يشركوا بعبادة ربهم أحدا، فإن الطاغوت في اللغة من الفعل طغى، ومضارعه يطغى، أي مجاوزة القدر، وكما يعني الارتفاع والغلو في الكفر، ومن جاوز الحدود في عصيانه يُدعى طاغ، وأمّا المعنى الاصطلاحي للطاغوت فهو لا يبتعد كثيرا عن معناه في اللغة فالطاغوت في الاصطلاح كما يقول عنه الإمام الطبري، هو كل صاحب طغيان على الله تعالى، فخالفه.
وعبد غيره أو قهر وظلم أحدا من عباده، أو أطاع أحدا من دون الله، سواء كان ما يعبده من الناس أو الشياطين أو الأوثان أو الأصنام، أو أي شيء، وقد جاء ابن القيم وزاد في تعريف الطبري فقال بأن الطاغوت هو ما تجاوز به العبد الحدود في العبادة أو التبعية أو الطاعة، فيكون طاغوت القوم هو ما يحتكمون لأمره من دون الله أو ما يعبدونه من دون الله، أو يمشون وراءه على غير هدى وبصيرة، ويطيعونه بما لا يعلمون أنه من طاعة الله تعالى، وإن تأمل الإنسان طواغيت العالم وكيف يتعامل الناس معها فهم يحتكمون لأمرها من دون الله ورسوله، وكل ذلك يكون في حال كان الإنسان راضيا بطاغوت، أمّا إن كان غير راض فلا إثم عليه.