الدكرورى يكتب عن الحاكم العادل كالب بن يوفنا ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــروى
الحاكم العادل كالب بن يوفنا ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع الحاكم العادل كالب بن يوفنا، وقد كان أيضا هو أحد أفراد الجماعة التي أقامها نبى الله موسى عليه السلام، قبل الدخول إلى أرض كنعان، لتقسيم الأرض، وكان يمثل في ذلك العمل سبط يهوذا حسب العادة وكان عمره خمسة وثمانون سنة لما تم الاستيلاء على أرض كنعان وكان نصيبه من القسمة مدينة حبرون التي طرد منها العناقيين الذين كانوا يقيمون فيها وقد اشترك في الاستيلاء على البلدة المجاورة المدعوة قرية سفر أو دبير، وناحية جنوبي كالب، ويمكن أن تكون جنوبي حبرون أو جوار دبير، وقيل أنه لما توفي نبى الله موسى بن عمران عليه السلام بعث الله يوشع بن نون بن إفرائيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام نبيا إلى بني إسرائيل.
وأمره بالمسير إلى أريحا مدينة الجبارين، واختلف العلماء في فتحها على يد من كان فقال ابن عباس رضى الله عنهما إن موسى، وهارون توفيا في التيه، وتوفي فيه كل من دخله، وقد جاوز العشرين سنة، غير يوشع بن نون وكالب بن يوفنا، فلما انقضى أربعون سنة أوحى الله إلى يوشع بن نون فأمره بالمسير إليها وفتحها، ففتحها، وقال آخرون إن موسى عاش حتى خرج من التيه، وسار إلى مدينة الجبارين، وعلى مقدمته يوشع بن نون ففتحها، وهو قول ابن إسحاق، قال ابن إسحاق سار موسى بن عمران إلى أرض كنعان لقتال الجبارين، فقدم يوشع بن نون، وكالب بن يوفنا، وهو صهره على أخته مريم بنت عمران، فلما بلغوها اجتمع الجبارون إلى بلعم بن باعور.
وهو من ولد لوط ، فقالوا له إن موسى قد جاء ليقتلنا ويخرجنا من ديارنا، فادع الله عليهم وكان بلعم يعرف اسم الله الأعظم، فقال لهم كيف أدعو على نبي الله والمؤمنين، ومعهم الملائكة؟ فراجعوه في ذلك وهو يمتنع عليهم فأتوا امرأته وأهدوا لها هدية، فقبلتها، وطلبوا إليها أن تحسن لزوجها أن يدعو على بني إسرائيل ، فقالت له في ذلك، فامتنع، فلم يزل به حتى قال أستخير الله، فاستخار الله تعالى، فنهاه في المنام، فأخبرها بذلك، فقالت راجع ربك فعاود الاستخارة فلم يرد إليه جواب، فقالت لو أراد ربك لنهاك، ولم تزل تخدعه حتى أجابهم، فركب حمارا له متوجها إلى جبل مشرف على بني إسرائيل ليقف عليه ويدعو عليهم، فلما سار عليه إلا قليلا حتى ربض الحمار.
فنزل عنه وضربه حتى قام فركبه فسار به قليلا فبرك، فعل ذلك ثلاث مرات، فلما اشتد ضربه في الثالثة أنطقه الله فقال له ويحك يا بلعم، أين تذهب ؟ أما ترى الملائكة تردني ؟ فلم يرجع، فأطلق الله الحمار حينئذ، فسار عليه حتى أشرف على بني إسرائيل، فكان كلما أراد أن يدعو عليهم ينصرف لسانه إلى الدعاء لهم، وإذا أراد أن يدعو لقومه انقلب دعاؤه عليهم، فقالوا له في ذلك، فقال هذا شيء غلبنا الله عليه، واندلع لسانه فوقع على صدره، فقال الآن قد ذهبت مني الدنيا والآخرة، ولم يبق غير المكر والحيلة، وأمرهم أن يزينوا نساءهم ويعطوهن السلع للبيع ويرسلوهن إلى العسكر، ولا تمنع امرأة نفسها ممن يريدها وقال إن زنى منهم رجل واحد كفيتموهم ففعلوا ذلك.
ودخل النساء عسكر بني إسرائيل، فأخذ رمزى بن شلوم، وهو رأس سبط شمعون بن يعقوب امرأة وأتى بها موسى، فقال له أظنك تقول هذا حرام فوالله لا نطيعك، ثم أدخلها خيمته فوقع عليها، فأنزل الله عليهم الطاعون، وكان فنحاص بن العزار بن هارون صاحب أمر عمه موسى غائبا، فلما جاء رأى الطاعون قد استقر في بني إسرائيل، وأخبر الخبر، وكان ذا قوة وبطش، فقصد رمزى فرآه وهو مضاجع المرأة، فطعنها بحربة في يده فانتظمها، ورفع الطاعون، وقد هلك في تلك الساعة عشرون ألفا، وقيل سبعون ألفا فأنزل الله في بلعم قوله تعالى “واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين” ثم إن موسى قدم يوشع إلى أريحا في بني إسرائيل فدخلها وقتل بها الجبارين.