الدكرورى يكتب عن نبي الله العزير عليه السلام ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله العزير عليه السلام ” جزء 1″
لقد أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم لهداية الناس، وليكون نورا وهدى للعالم أجمع، كما أنه منبع الاطمئنان والسكينة في قلب الإنسان، ولقد ورد في القرآن الكريم العديد من القصص التي تذكر تاريخ الأمم السابقة، وفي ذكر هذه القصص حكم عظيمة من الله سبحانه وتعالى ففيها تحذير للمسلمين من الوقوع بما وقع به من سبقهم من الظالمين والاعتبار من عاقبتهم، وأمر لهم باتباع الصالحين، ومن القصص التي وردت في القرآن الكريم، قصص الأنبياء والمرسلين، وقصص الأقوام مثل قوم لوط، وقصص الظالمين مثل فرعون، وقصص النساء مثل قصة السيدة مريم عليها السلام، كما ذكر القرآن الكريم قصص الحكماء مثل لقمان وذي القرنين والخضر وعزير.
فيقول المولى سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز كما جاء فى سورة يوسف “نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين” وإن من يتدبر آيات القرآن الكريم يرى أنها اشتملت على قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، مثل قصة آدم ونوح وصالح وإبراهيم عليهم السلام وغيرهم الكثير من أنبياء ورسل الله الكرام، وإن المتتبع لآيات الذكر الحكيم يجد أنها تناولت قصصا كثيرة منها قصص الأنبياء التي تكررت في أكثر من موضع وذلك لحكمة ولزيادة العبر والعظات وتذكير المؤمن دائما بعاقبة المكذبين من الأمم السابقة، وليبقى في حالة خشية من الله تعالى وخوف من عذابه ” أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها.
قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه ” وإن الشهير عن جمهور السلف والخلف أن عزيرا هو بطل هذه القصة التى يحكيها الحق تبارك وتعالى، ويقال إن عزيرا كان نبيا من أنبياء بنى إسرائيل، وقد وقعت له قصة مدهشة، فقد أماته الله مائة عام ثم بعثه، وقد كانت معجزة عزيرا مصدر فتنة بالغة لقومه، وكان ذلك خلال القرن الكامل الذى نام فيه عزير وقعت حرب بختنصر التى أحرق فيها التوراة ، فلم يبق منها إلا ما حفظ الرجال، وألهمه الله حفظه، فسرده على بنى إسرائيل بعد أن بعث، وكان عزيرا عبدا صالحا حكيما، وقد خرج ذات يوم وكان حارا، وفكر عزير عليه السلام فى نفسه أن أشجار حديقته لابد أنها تحس العطش، وكانت الحديقة بعيدة.
والطريق إليها شاقا، وتتوسطه مقابر، لكنه قرر أن يخرج ليسقيها فخرج العزير من قريته والشمس فى أول النهار، فركب حماره وبدأ رحلته، وقد ظل يسير حتى وصل إلى الحديقة، واكتشف أن أشجارها عطشى، وأرضها مشققة وجافة، فسقى الحديقة وقطف بعض ثمار التين وأخذ بعض العنب، ووضع التين فى سلة والعنب فى سلة وانصرف عائدا من الحديقة، وكانت الحرارة قد اشتدت لدرجة كبيرة، وكان الحمار قد تعب من السير وتباطأ فى سيره حين وصل إلى المقابر وقال عزير عليه السلام لنفسه أهبط قليلا لأستريح وأريح الحمار وأتناول بعض الطعام، فهبط عزير فى إحدى المقابر المهدمة، وقد أخرج صحنا كان معه وجلس فى الظل، وربط الحمار فى حائط قريب.
وأخرج بعض الخبز الجاف ووضعه إلى جواره وعصر فى صحنه العنب، وأسند ظهره للحائط ومدد قدميه قليلا، وجلس ينتظر أن يفقد الخبز قسوته وجفافه وطاف عزير ببصره حوله، وراح يتأمل المنظر، فكل شىء صامت وميت، فالبيوت تهدمت معظم جدرانها، وبقيت أعمدة هناك تتهيأ للسقوط، والأشجار القليلة فى المنطقة صفراء يقتلها العطش، وعظام الموتى الباقية ممن دفنوا هناك تحولت إلى ما يشبه التراب، والصمت يعشش فى المكان وأحس عزير عليه السلام بقسوة الموت فتساءل داخل نفسه “أنى يحيى هذه الله بعد موتها” وتساءل كيف يحيى الله هذه العظام بعد موتها وتحولها إلى ما يشبه التراب، ولم يكن عزيرا يشك فى أن الله سيحيى هذه العظام، إنما قالها تعجبا ودهشة ولم يكد عزير يقول كلماته حتى مات.