الدكرورى يكتب عن نبي الله العزير عليه السلام ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله العزير عليه السلام ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثانى مع نبي الله العزير عليه السلام، وتساءل كيف يحيى الله هذه العظام بعد موتها وتحولها إلى ما يشبه التراب، ولم يكن عزيرا يشك فى أن الله سيحيى هذه العظام، إنما قالها تعجبا ودهشة ولم يكد عزير يقول كلماته حتى مات، فأرسل الله تعالى إليه ملك الموت عليه السلام، فقبض روحه، وتمدد الحمار فى مكانه حين رأى صمت صاحبه وسكون جسده وظل فى مكانه لا يستطيع التخلص من قيده حتى مات من الجوع، وتمدد الحمار على الأرض إلى جوار صاحبه، استبطأ أهل القرية عزيرا، خرجوا يبحثون عنه، ذهبوا إلى حديقته فلم يجدوه هناك، وقرروا تكوين جماعات للبحث عنه، فلم يجدوه، فمرت أيام وأيام حتى يئس الناس من عودة عزير، ومرت السنوات.
ونسى الناس عزير عليه السلام، ما عدا أصغر أبنائه، وامرأة كانت تعمل شغالة فى بيتهم كان عزير يعطف عليها وكان عمرها عشرين عاما حين خرج عزير من القرية، ومرت المائة عام، وشاء الله تعالى أن يستيقظ عزير، أرسل الله إليه ملكا أضاء النور فى قلبه ليرى كيف يبعث الله الموتى، فكان عزير ميتا منذ مائة عام ، وبرغم ذلك فها هو يتحول من التراب إلى العظام إلى اللحم إلى الجلد ثم يبعث الله فيه الحياة بالأمر فينهض جالسا فى مكانه، واستيقظ من نومه وتجول ببصره حوله فرأى المقابر وتذكر أنه كان عائدا من حديقته إلى القرية وكانت الشمس تتهيأ للغروب، وقال لنفسه لقد نمت طويلا من الظهيرة إلى المغرب، فسأله الملك الذى أمره الله بإيقاظه كم لبثت.
فقال له عزير قال لبثت يوما أو بعض يوم، قال له الملك بل لبثت مائة عام أنت نائم منذ مائة عام، ولكى تعرف الجواب عن سؤالك حين تعجبت من بعث الموتى فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه فنظر عزير إلى التين والعنب والخبز فوجدهم على حالهم الذى تركها عليه كما هى، وامتلأ عزير بالدهشة، وأحس الملك أن عزيرا لم يصدق ما قاله، ولهذا أشار الملك إلى الحمار وقال له وانظر إلى حمارك فنظر عزير إلى حماره فلم يجد غير تراب عظام حماره، فقال له الملك هل تريد أن ترى كيف يحيى الله الموتى؟ فنادى الملك على عظام الحمار وراحت تتجمع وتتسابق من كل ناحية حتى تكونت العظام ثم العروق والأعصاب واللحم وراح اللحم يكسو العظام وعزير ينظر بدهشة، شاهد عزيرا.
وهذه الآية الكبرى تقع أمامه، وقد شاهد معجزة الله فى بعث الموتى بعد تحولهم إلى عظام وتراب وقال “أعلم أن الله على كل شىء قدير” ونهض العزير وركب حماره، وانصرف عائدا إلى قريته، وكان كل شىء فى القرية قد تغير، وهو يبحث عن رجل أو امرأة تذكره، وظل يبحث حتى عثر على خادمته وكان عمرها الآن مائة وعشرين عاما، وسألها عزير، أين منزل عزير، قالت له، لم يعد أحد يذكره خرج منذ مائة عام فلم يعد، فقال عزير للمرأة إننى أنا عزير، لقد أماتنى الله مائة عام وبعثنى من الموت، فقالت المرأة وهى لا تصدقه كان عزير مستجاب الدعاء، ادع الله لى أن أبصر وأمشى لأراك وأعرفك، ودعا لها عزير أن تمشى وتبصر، فرد الله إليها بصرها وقوتها فعرفت أنه عزير.
وأسرعت تجرى فى البلدة كلها وتقول إن عزير قد عاد، وكان الله سبحانه وتعالى قد شاء أن يجعله آية للناس، ومعجزة حية على صدق البعث وقيامة الأموات، وهكذا فإن عزير هو رجل صالح من بني إسرائيل، وقيل أنه لم يثبت أنه نبي، وإن كان المشهور أنه من أنبياء بني إسرائيل، كما قال ابن كثير رحمه الله في “البداية والنهاية” وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما أدرى أتبع لعين هو أم لا؟ وما أدرى أعزيز نبى هو أم لا ؟ ” رواه أبو داود، وهذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يعلم عن حاله ويعني تبّع وقد جاء ما يدل على أنه قد أسلم فلا يكون لعينا، وأما عزير، فلم يأت شيء يدل على أنه نبي، ولكن قيل أنه لا حرج أن يقال عنه ” عليه السلام “.