الدكرورى يكتب عن صلاة الإستسقاء ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
صلاة الإستسقاء ” جزء 1″
لقد كتب الله عز وجل على عباده البلاء من الخوف والفقر والضيق في العيش، والأمراض والأسقام والآلام، وكل ذلك لكى يدعون الله تعالى ويتضرعون إليه ويخشعون، فالله عز وجل يبتلي عبده ليسمع تضرعه ودعاءه والشكوى إليه، ولا يحب التجلد عليه، وأحب ما إليه هو انكسار قلب عبده بين يديه، وتذلله له وإظهار ضعفه وفاقته وعجزه وقلة صبره، فاحذر كل الحذر من إظهار التجلد عليه سبحانه، وعليك بالتضرع والتمسكن وإبداء العجز والفاقة والذل والضعف، فرحمته اقرب إلى هذا القلب من اليد للفم، ومن هنا كان تضرع الأنبياء والمرسلين عليهم السلام وكان التجاؤهم إلى الله تعالى سمة بارزة في سيرتهم العطرة حين نزل بهم البلاء واشتد عليهم الكرب.
ويكفي أن يطالع أحدنا سيرة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح من أمته، حتى يتأكد له التزامهم في البأساء والضراء وزمن المحن والابتلاءات بالتضرع وشدة الإلتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، فمع تضرع والتجاء النبي صلى الله عليه وسلم، إلى الله سبحانه وتعالى في كل أحواله، إلا أن شدة تضرعه وانكساره وإلحاحه على ربه باستجابة دعائه كانت في وقت الحروب والأزمات، وكان أيضا نداء نبي الله نوح عليه السلام ربه أن ينجيه وأهله من الكرب العظيم، كما كان التجاء نبي الله ابراهيم عليه السلام إلى الله وحده أن يجعل أفئدة من الناس تهوي إلى زوجه وولده، وافتقار نبي الله أيوب عليه السلام أن يكشف الله ما نزل به من ضر.
واستغاثة نبي الله يونس عليه السلام في ظلمة جوف الحوت وقاع البحر أن ينجيه من الغم، كما كانت شكوى نبي الله يعقوب عليه السلام لله وحده، “قال إنما أشكو بثى وحزنى إلى الله” فإذا قحط الناس وأجدبت الأرض واحتبس المطر، فهنا يستحب أن يخرج الإمام ومعه الناس إلى المصلى، ويصلى بهم ركعتين، ويخطب بهم، ويدعو الله تعالى بخشوع وتضرع، لأنه الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عباد بن تميم عن عمه قال ” خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يستسقي، واستقبل القبلة فصلى ركعتين، وقلب رداءه، فجعل اليمن على الشمال ” رواه البخاري ومسلم، وإن صلاة الاستسقاء هى سنة مؤكدة عن النبى صلى الله عليه وسلم، عند انحباس المطر.
وقد قال ابن قدامة ” صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة ثابتة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفائه ” وقال ابن عبد البر ” وأجمع العلماء على أن الخروج إلى الاستسقاء عند احتباس ماء السماء وتمادي القحط سُنة مسنونة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا خلاف بين علماء المسلمين في ذلك، وصلاة الاستسقاء، هي صلاة نافلة يصليها المسلمون وهى تصلى طلبا لنزول الغيث أى المطر، ليقطع الجفاف أو يقضي حاجة أخرى في نية المصلي، وهي ركعتان تصليان جماعةً بإمام، وأما عن كيفية صلاة الاستسقاء، فصلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد، يصلي ركعتين يكبر في الأولى سبعًا وفي الآخرة خمسا، ويكبر تكبيرة الإحرام وستا بعدها، ثم يستفتح، ثم يقرأ الفاتحة.
وما تيسر معها، ثم يركع ثم يرفع ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم إلى الثانية فيصليها مثل صلاة العيد، يكبر خمس تكبيرات إذا اعتدل ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يقرأ التحيات ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ثم يسلم، مثل صلاة العيد، والنبي صلى الله عليه وسلم، قد صلاها كما كان يصلي في العيد عليه الصلاة والسلام، ثم يقوم فيخطب الناس خطبة يعظهم فيها ويذكرهم، ويحذرهم من أسباب القحط، يحذرهم من المعاصي، لأنها أسباب القحط وأسباب حبس المطر وأسباب العقوبات، فيحذر الناس من أسباب العقوبات من المعاصي والشرور وأكل أموال الناس بالباطل والظلم وغير ذلك من المعاصي، ويحثهم على التوبة والاستغفار ويقرأ عليهم الآيات الواردة في ذلك.