الدكرورى يكتب عن التبرج فى الشريعة الإسلامية ” جزء 4″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
التبرج فى الشريعة الإسلامية ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع التبرج فى الشريعة الإسلامية، وعلى المرأة المسلمة أن لا تترك بيتها إلا لحاجة لابد منها، ولكن غير متطيبة، ولا متبرجة بزينة، وبدون مشية خيلاء، وليعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء” ففتنة النساء عظيمة لا يكاد يسلم منها أحد، وعلينا نحن معشر المسلمين أن لا نتخذ طرق أعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم فإن الأمر عظيم، وإن من نعم الله سبحانه وتعالى التي امتن بها على عباده، وميزهم بها عن سائر المخلوقات، نعمة اللباس، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله جميل يحب الجمال” رواه مسلم، وإن اللباس شأنه شأن غيره من أمور الحياة اليومية التي ينبغي على المسلم.
أن يلتزم فيها هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان هديه في اللباس أعظم الهدي وأكمله، فكان صلى الله عليه وسلم يلبس ما تيسر له من اللباس، سواء أكان صوفا، أم قطنا أم غير ذلك، من غير تكلف ولا إسراف ولا شهرة وكان له ثوب يلبسه في العيدين وفي الجمعة، وكان إذا وفد عليه الوفد لبس أحسن ثيابه، وأمر عليه قومه بذلك، وكان صلى الله عليه وسلم يهتم بنظافة ثيابه، ويحرص على تطييبها، ويوصي أصحابه بذلك، وقد بيّن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن حسن السمت، والزيّ الحسن من شمائل الأنبياء وخصالهم النبيلة، وكان أحب ألوان الثياب إليه الثياب البيضاء، فكان يؤثرها على غيرها من الثياب، فقال صلى الله عليه وسلم “البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم” رواه الترمذي.
ولم يكن ذلك مانعا من أن يتخير أي لون آخر، فقد ورد عنه أنه لبس حُلة حمراء كما نقل ذلك البراء بن عازب رضي الله عنه قال “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء، لم أرى شيئا قط أحسن منه” رواه البخارى، فإن من سنن الله الكونية ألا تبلغ الحضارات الإنسانية أوجّ عزها، ولا ترتقي إلى قمة مجدها، إلا حين تتخذ من الأخلاق الفاضلة، ومعاني العفة والطهارة، سياجا يحيط بها، وفي المقابل أيضا لا ترى التراجع والوهن يبدأ في أمة من الأمم إلا حين تنسلخ من القيم والمُثل العليا، وتفشو في أفرادها مظاهر الترف والبذخ، والبحث عن المظاهر الكاذبة والتصنع الزائف، حتى تأتي اللحظة التي تنهار فيها، وتزول عن الوجود، والنبي صلى الله عليه وسلم.
يعرض من خلال القصة التي وقعت فى بنى إسرائيل، جانبا من جوانب الفساد الاجتماعي والافتتان بزخارف الدنيا، والذي أودى بالمجتمع الإسرائيلي مهاوي الردى، وكان سببا في تسلط أعدائهم عليهم، وقد ظهرت بوادر الفساد الاجتماعي في تلك الأمة بقوة من خلال المبالغة في الاهتمام بالمظاهر، فكان الإنفاق على الملابس والحلي وأنواع الزينة ومراسم الحفلات على أشده، ولم يكن التسابق المحموم على تلك الأمور محصورا بالطبقة الغنية القادرة، بل اكتوى بنارها الفقراء والمعدمين، سعيا لمجاراة الواقع الموجود، ومع مطالب النساء وما جره من النفقات الباهظة، كانت النتيجة الحتمية الغرق في دوامة لا تنتهي من الديون والقروض الربوية.
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن أول ما هلك بنو إسرائيل أن امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب أو الصيغ ما تكلف امرأة الغنى، فذكر امرأة من بني اسرائيل كانت قصيرة، واتخذت رجلين من خشب، وخاتما له غلق وطبق، وحشته مسكا، وخرجت بين امرأتين طويلتين أو جسيمتين، فبعثوا إنسانا يتبعهم، فعرف الطويلتين، ولم يعرف صاحبة الرجلين من خشب” رواه ابن خزيمة، وأما الصورة الأخص التي ذكرها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فهي حال امرأة من بني إسرائيل، تملكها الشعور بالحسرة على قصر قامتها، ورأت في نفسها أنها أقل حظاً في نيل إعجاب الرجال ولفت أنظارهم، وكان الرجال من بني إسرائيل يرون الجمال في طول المرأة.