الدكرورى يكتب عن التبرج فى الشريعة الإسلامية ” جزء 6″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
التبرج فى الشريعة الإسلامية ” جزء 6″
ونكمل الجزء السادس مع التبرج فى الشريعة الإسلامية، كما قال الله سبحانه وتعالى مبينا أن الإنسان الأول كان متعلما وواعيا معلما، كما جاء فى سورة البقرة ” وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئونى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم” وكما قال الله سبحانه وتعالى مبينا، أنه خلق الإنسان ذا كرامة وسؤدد، كما جاء فى سورة الإسراء ” ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا” وكما قال الله عز وجل مبينا أن الإنسان الأول كان يتمتع باللباس بنوعيه الضروري والكمالي، كما جاء فى سورة الأعراف.
” يا بنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون” وأما معنى ” لباسا يوارى سوآتكم ” وهو اللباس الضرورى، ومعنى ” وريشا” وهو اللباس الكمالى، لباس التجمل والحسن، ولقد قال المفسرون، لقد امتن الله تعالى على بني آدم بما يسر لهم من اللباس الضروري، واللباس الذي المقصود منه الجمال، وهكذا سائر الأشياء، كالطعام والشراب والمراكب، والمناكح ونحوها، قد يسر الله للعباد ضروريها، ومكمل ذلك، وبين الله سبحانه وتعالى أن انكشاف العورة وظهور السوءة مطلب شيطاني، لا يقبله الإنسان الكريم، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأعراف ” يا بنى آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما”
وقيل في تفسيره لهذه الآية أن هذا تنبيه إلى أن اللباس من أصل الفطرة الإنسانية، وأنه مما كرم الله به النوع منذ ظهوره في الأرض، وقيل والنداء بعنوان بني آدم، هو لزيادة التنويه بمنة اللباس، وفيه توكيدا للتعريض بحماقة العُراة، وقد قيل أن اللباس هو تعبير عن الكرامة ورمز للوظيفة الإنسانية، وإن من المفاهيم المحورية التي ثبتت في الدين الإسلامي الحنيف في هذا الموضوع، وهو مفهوم حفظ العورة، فعن معاوية بن حيدة أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال له “احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك” قال، قلت فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال صلى الله عليه وسلم إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها، قال، قلت يا رسول الله إذا كان أحدنا خاليا؟
قال صلى الله عليه وسلم فالله أحق أن يستحيى منه” وأن التاريخ أثبت بأن بني آدم كانت فيهم فئام وتجمعات بشرية شبه عارية من اللباس، كما أشار إلى تنوع أسباب هذا السلوك فمنهم من كان لا يعرف اللباس، ومنهم من كان يتعمد التكشف لشبهة في عقله، أو لمرض في نفسه، فكان هناك قبائل كانت تعاني من الفقر والجهل فكانت لا تهتدي إلى صنع اللباس، وأيضا تعري العرب عند طوافهم بالكعبة، بشبهة أنهم لا ينبغي لهم الطواف بثياب عصوا الله فيها،وأيضا العري المعاصر الذي ينبع من هوس جنوني بالتعري والشذوذ الجنسي والجشع المادي، مما جعل أصحابه يعلنون انحرافهم بالأفلام والصور الإباحية، ونوادي وشواطئ التعري، والزواج المثلي وغير ذلك.
فقال المفسرون، عن قوله عز وجل ” يا بنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا” قيل أنها نزلت هذه الآية في قوم من العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة ويرون أن ذلك أبلغ في الطاعة وأعظم في القربة، وفي دخول الشبهة عليهم في ذلك وجهان، أحدهما أن الثياب قد دنستها المعاصي فخرجوا عنها، والثاني هو تفاؤلا بالتعري من الذنوب، فقال الله تعالى ” قد أنزلنا عليكم لباسا” أي ما تلبسون من الثياب، ولئن كانت هذه هي فلسفة العرب قديما في تعرّيهم فإن آخرين اليوم يستبيحون سلوك التعري باسم الأدب والفن، وحوار الثقافات والاحتجاج السياسي، إلى غير ذلك، وقد أبرز بعض علماء التاريخ أن البشر الذين كانوا متجردين من اللباس كان منهم أقوام انحرفوا عن توجيهات الأنبياء وما أرشدوا إليه البشرية من كمالات حضارية وسلوك يحفظ الكرامة الإنسانية.