الدكرورى يكتب عن التبرج فى الشريعة الإسلامية ” جزء 7″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
التبرج فى الشريعة الإسلامية ” جزء 7″
ونكمل الجزء السابع مع التبرج فى الشريعة الإسلامية، وقد عصى هؤلاء الناس أنبياءهم فيما هو أعظم من اللباس والستر، ألا وهو توحيد الخالق العظيم عز وجل فانتكسوا بسبب ذلك إلى أحط المظاهر وأقبحها وهى عبادة الأصنام والأحجار والأقمار، فكيف لا ينتكسون فيما هو دون ذلك فيصيرون عراة متجردين؟؟ وقد ارتبطت ظاهرة التعري وحب العري بمجال الأدب منذ غابر الزمن فارتبطت به لكون الأدب علما وضع للتعبير عن المعاني الجميلة بأفضل الأساليب وأبلغ العبارات، ولكن انحراف الذوق جعل كثيرين يعتبرون المجون والتعري من الجمال والحسن ومن هنا لاحظنا اشتمال التراث الأدبي على كثير من النصوص الشعرية والنثرية في عشق الجسد العاري.
والتدقيق في وصفه والتعبير عن حبه إلى درجة تصل أحيانا إلى التأليه والعياذ بالله، وقد وجد في كل أمة مصلحون ما فتئوا يؤكدون بدافع ديني أو ذوقي أدبي سليم، انحراف هذا المسلك، وقبح الذوق الذي ينبني عليه، وقد عرف هذا الانحراف عند علماء الإسلام باسم عشق الصور، وتتابعوا على عده مرضا قلبيا يحتاج إلى علاج قوي وطويل الأمد، وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آدابا يحسن بالمسلم أن يتحلى بها عند لبسه لثيابه فمن ذلك التسمية، فقد كان صلى الله عليه وسلم يبدأ بها في أعماله كلها، ومنها البدء باليمين عند اللبس وبالشمال عند الخلع، لما ثبت عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في شأنه كله” رواه البخاري.
وهو يدل على استحباب البدء باليمين في كل ما كان من باب التكريم والزينة، ومن الآداب الإتيان بالذكر المشروع عند لبس الثياب فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبه أو قميصه، حمد الله تعالى قائلا “الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة” رواه أبو داود، وإذا لبس ثوبا جديدا دعا الله قائلا “اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك خيره وخير ما صنع له، وأعوز بك من شره وشر ما صنع له” رواه الترمذي، وإن من جملة هديه صلى الله عليه وسلم في لباسه عدم إطالة الثوب والإزار، فكان إزاره لا يتجاوز الكعبين، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال “إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج عليه فيما بينه وبين الكعبين” رواه أبو داود.
وقال “ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار” رواه البخارى، واتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة، وكان يضعه في خنصر يده اليسرى، وتارة يضعه في يده اليمنى، ونهى عن التختم بالذهب، ونهى أيضا صلى الله عليه وسلم، عن لبس الحرير من الثياب، ونهى صلى الله عليه وسلم عن لبس ثوب الشهرة، الذي يتميز به الإنسان على غيره حتى يشتهر به، فصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال “من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا” رواه ابن ماجه، وحرم النبي صلى الله عليه وسلم، تشبه الرجال بالنساء، وتشبه النساء بالرجال، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ” لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال” رواه البخاري.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل” رواه أبو داود، وقد ورد في السنة والآثار العديد من الملابس التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها، وإن حاصل ما جاء فيها أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس ما يتيسر من اللباس الذي كان معروفا في قومه، فلا يرد موجودا، ولا يتكلف مفقودا، ولا يتميز بلبسة دون الناس، ولا يقتصر على لبسة واحدة، بل يلبس من أنواع القماش كلها إلا الحرير، ومن أنواع الثياب ما كان ساترا جميلا منها، وحقا إنه من نعم الله تعالى التي امتن بها على عباده، وميزهم بها عن سائر المخلوقات، نعمة اللباس، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأعراف” يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا”