كذب المنجمون ولو صدفوا ” جزء 4″ 

الدكرورى يكتب عن كذب المنجمون ولو صدفوا ” جزء 4″ بقلم / محمـــد الدكـــرورى

كذب المنجمون ولو صدفوا ” جزء 4″

ونكمل الجزء الرابع مع كذب المنجمون ولو صدفوا، فهذا من ربط الشيء بعلاماته التي عرفت بالاستقراء والتتبع لحركة النجوم وظهورها، كما تعرف الفصول الأربعة بحركات الشمس، وكذلك ارتباط المدّ والجزر بحركة القمر وليس في هذا محظور ما لم يُعتقد أن النجم هو الفاعل لذلك الحدث، المغير للحال، ولا يقول بذلك مسلم صحيح الاعتقاد، ولكن التنجيم المحرم هو أن يتنبأ بالنجوم على وقوع الحوادث من خير أو شر، أو يُتنبأَ بالأبراج على السعد أو النحس، وعلى مدد الأعمار، وعلى قسمة الأرزاق، والغنى والفقر، والتوفيق والخذلان، وما شابه ذلك مما هو من محض الرجم بالغيب، والتخرص بما استأثر الله تعالى بعلمه، ولم يُطلعه عليه لأحد من خلقه، لا ملك مقرّب.

ولا نبي مرسل، وهذا التنجيم هو ضرب من الكهانة، فحكمه حكمها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أتى كاهنا فسأله عن شيء فصدّقه فقد كفر بما أنزل على محمد” وإنما يكفر مصدّق الكهان والمنجمين لأنه تصديقه إياهم يستلزم اعتقاده بعلمهم للغيب الذي استأثر الله به سبحانه وتعالى، ولا يجوز أن يتساهل في هذا مسلم، حتى ولو كان يسأل المنجمين من باب الفضول، لأن السؤال ذريعة التصديق، والإنسان لا يأمن أن يقع في قلبه تصديق للمنجم فيما يدعيه، ولذا نهى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، عن مجرد سؤال العرّاف سدّا للذريعة، فقال صلى الله عليه وسلم “من أتى عرّافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوما” رواه مسلم، والعرّاف اسم عام للكاهن، والمنجّم، والرمّال.

وقارئ الكف والفنجان، فمن أتى منجما أو اتصل به ليسأله عن حظوظ برجه لم تقبل له صلاة أربعين يوما، حتى ولو كان سؤاله من باب الفضول، دون اعتقاد صدق المنجم لأن النبي صلى الله عليه وسلم ربط تلك العقوبة بمجرد السؤال، ومن تأمل أحوال المنجمين وقرّاء الأبراج، وكيف يستدلون على السعد والنحس، وعلى التوفيق والحرمان، زاد يقينا بضلالهم، وتكذيبا لتخرصاتهم، ولم يساوره شك أن ما هم فيه من ضلالة يسمونها علما إنما هو تعلق بالخرافات والدجل، وأن ظنونهم وتخرصاتهم لا يقبلها منطق العقل، فضلا عن قلب متحلّ بحلية الإيمان، والتصديق لله سبحانه وتعالى، ومن هنا يقول الفارابي وهو من مشاهير الفلاسفة، واعلم أنك لو قلبت أوضاع المنجمين.

فجعلت السعد نحسا، والنحس سعدا، والحار باردا، والبارد حارا، لكانت أحكامك من جنس أحكامهم، تصيب وتخطئ ومعنى قوله أن ما يقولونه ويتنبؤون به مجرد تخرص ورجم بالغيب، إن أصاب فبالصدفة والاتفاق غير المبني على دليل صحيح، وإن أخطأ فهذا هو الحقيق به وبكل متخرص متتبع للخرافات، ومن عجيب أمر المغترّين بالمنجمين أن تنجيمهم إذا وافق القدر فوقع اغتروا به ونسوا ما سبقه من كذبات وتخرصات، وإذا خالف الواقع اعتذروا للمنجم، وقالوا هو منجم، ما هو نبي، حتى يصدق في كل ما يقول، واعتذروا له بأن العلم أوسع من أن يحيط به، ولو أحاط به لصدق في كل شيء، وقد أراد الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنه الخروج لحرب الخوارج فاعترضه منجم.

فقال يا أمير المؤمنين، لا تخرج، فقال الإمام على لأى شىء؟ فقال إن القمر في العقرب، فإن خرجت أصبت، وهُزم عسكرك، فقال الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنه، ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا لأبي بكر ولا لعمر منجم، بل أخرج ثقة بالله، وتوكلا عليه، وتكذيبا لقولك، فما سافر الإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سفرة أبرك منها، فقد قتل الخوارج، وكفى المسلمين شرهم، ورجع مؤيّدا منصورا فائزا ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم، لمن قتلهم في قوله طوبى لمن قتلهم، فكان هذا الظفر ببركة مخالفة ذلك المنجم وتكذيبِه، والثقة بالله رب النجوم، وأما عن حكم الإسلام في تعلم ما يسمى بالتخاطر والشاكرات والريكي والعلاج الروحاني الإسلامي ونحو ذلك؟