الدكرورى يكتب عن مبايعة رضى الله عنها “جزء 1”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مبايعة رضى الله عنها “جزء 1”
إن للقلب عبادات هي محل نظر الله عز وجل فإن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم، فعبادات القلب هي أعظم العبادات، فهي أعظم من عبادات الجوارح وأشد فرضية منها، بل ومستحب عبادات القلوب أعظم من مستحبات عبادات الجوارح، وكيف لا تكون كذلك وإنما الجوارح تعمل بما تمليه القلوب، فإنما الأعمال بالنيات، وبهذا تمحض الإيمان، وفارقوا أهل النفاق والعصيان، والمسابقة والمسارعة إلى الله تعالى، تكون بالقلوب قبل الأبدان، وأعظم ما تملأ به قلبك، وهو أشرف أعماله إيمان بالله، وأصله تعظيم الخالق مع المحبة له راجيا خائفا منه، وتوضح سيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
جماليات أثمرت زهورا في تاريخ الدولة الإسلامية في المدنية المنورة، فبعدما استقر حال النبى صلى الله عليه وسلم، وصحابته رضي الله عنهم، والمسلمين عامة، اشتاقت قلوبهم إلى ديارهم المكية، وتاقت نفوسهم إلى ذكريات مكة الأم، فهذا النبي الكريم يريه الله، عز وجل رؤيا حق في منامه تمثلت في أنه كان يشدّ رحاله معتمرا مع أصحابه إلى مكة المكرمة، ويطوف بالكعبة المشرفة، فأخبر أصحابه بذلك، وأمرهم أن يتأهبوا لشدّ ركاب السفر إلى مكة المكرمة، فتجهزوا للرحلة، واستخلف على مدينة ابن أم مكتوم رضي الله عنه، آخذا معه أم المؤمنين أم سلمة رضى الله عنها، وانطلقوا إلى العمرة في ما يفوق ألف رجل دون سلاح الحرب.
وبسلاح السفر فقط، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم، في السنة السادسة من الهجرة خرج من المدينة إلى مكة زائرا بيت الله الحرام، معتمرا وليس في نيته غدر ولا قتال، فكانت هى بيعة الرضوان التي حدثت في أثناء صلح الحديبية، وسبب هذه البيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد أرسل الصحابى الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، إِلى قريش، ليخبرهم أنه إنما جاء معتمرا لا محاربا، فاحتبسته قريش عندها مدة، فأشيع بين المسلمين أن عثمان رضي الله عنه، قتلته قريش، فدعا النبى صلى الله عليه وسلم، الصحابة الكرام إِلى قتال قريش انتصارا لعثمان، فبايعوه على قتالهم، وعلى الصبر، وعدم الفرار، ، لمفاوضتهم على الصلح.
وإخبارهم بأنهم يقصدون العمرة وليس القتال، تأخر عندها عثمان، وكانت قريش قد احتبست عثمان كنوع من الضغط والتهديد بعدما عرضوا عليه أن يطوف في الكعبة، ورفض الطواف إلا برفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد إشاعة قتله بين المسلمين، كان أول من بايعه هو الصحاى أبو سنان الأسدي، ولم يترك مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم، إلا رجل واحد من المنافقين واسمه جد بن قيس، وهذه البيعة تسمى بيعة الرضوان، وتعرف بيعة الرضوان، بانها مبايعة الصحابة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، في عامِ الحديبية، على أن يقاتلوا قريشا، وأن لا يتركوا القتال ولا يفروا منه ويجاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ، حتى الشهادة.
وعندما رجع عثمان إلى المسلمين أخبرهم برفضه الطواف، وهذا يدل على ثبات الصحابة الكرام وصدقِ إيمانهم بالله تعالى، وكانت هذه البيعة هي مقدمة وتمهيد، لصلحِ الحديبية الذي وقع بعدها بين المسلمين وقريش، ففي شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة، أعلن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه يريد المسير إلى مكة لأداء العمرة، وقد ذكر مجاهد أن الأعراب الذي عنتهم الآية هم أعراب جهينة ومزينة، وذكر الواقدي أن الأعراب الذي تشاغلوا بأموالهم وأولادهم وذراريهم هو بنوبكر ومزينة و جهينة، وقد وأذن في أصحابه بالرحيل إليها، لأدائها وسار النبي صلى الله عليه وسلم، بألف وأربع مئة من المهاجرين والأنصار، وكان معهم سلاح السفر لأنهم يرغبون في السلام ولا يريدون قتال المشركين.