مبايعة رضى الله عنها “جزء 4”

الدكرورى يكتب عن مبايعة رضى الله عنها “جزء 4”

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

مبايعة رضى الله عنها “جزء 4″

ونكمل الجزء الرابع مع مبايعة رضى الله عنها، وقد أراد النبي صلى الله عليه وسلم، أن يبعث أحد الصحابة للتفاوض مع قريش على دخول مكة للعمرة، فدعا عمر بن الخطاب، ولكن عمر قال ” إني أخاف قريشا على نفسي، وليس بمكة من بني عدي أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها، ولكني أدلك على رجل أعز بها مني هو عثمان بن عفان، فدعا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عثمان بن عفان، فانطلق عثمان إلى مكة، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص وأجاره في بيته، وذهب عثمان إلى أبي سفيان بن حرب وأشراف مكة يخبرهم أن المسلمين لم يأتوا لحرب وإنما جاءوا زائرين للبيت الحرام، فقالوا لعثمان، إن شئت أن تطوف بالبيت فطف.

فقال عثمان رضى الله عنه، ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحتبسته قريش عند ذلك ثلاثة أيام، فبلغ المسلمين أن عثمان قد قتل، وقيل أن عثمان بن عفان دخل مكة ومعه عشرة من الصحابة، ليزوروا أهاليهم ولم يذكروا أسماءهم، فلما احتبست قريش عثمان عندها ثلاثة أيام، أشاع الناس أنهم قتلوه هو والعشرة الذين معه، فعندئذ قال النبي صلى الله عليه وسلم، للصحابة ” لا نبرح حتى نناجز القوم ” ودعا المسلمين إلى البيعة على القتال حتى الموت، وأمر عمر بن الخطاب أن ينادي الناس إلى البيعة، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، وكانت البيعة كما قال سلمة بن الأكوع على عدم الفرار وأنه إما الفتح وإما الشهادة.

وكان الناس يقولون أن البيعة كانت على الموت، وكان جابر بن عبد الله يقول ” إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعنا على الموت، ولكن بايعنا على أن لا نفر” وقد كان عدد المبايعين في ذلك اليوم يُقدر بحوالي ألف وأربعمائة من الصحابة، وقال ابن حجر العسقلاني ” أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، ويؤيده قول البراء بن عازب في رواية عنه “كنا ألفا وأربعمائة أو أكثر” وكان أول من بايع أبو سنان الأسدي وهو أخو عكاشة بن محصن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ” على ما تبايع؟ فقال له على ما فى نفسك يا رسول الله ” وزاد ابن عمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، وما في نفسي؟ قال، أضرب بسيفي بين يدك حتى يظهرك الله أو أقتل، فبايعه.

وبايعه الناس على بيعة أبي سنان ” وقد بايع جميع الحاضرين إلا الجد بن قيس أخو بني سلمة وكانوا يعدّونه من المنافقين، فكان جابر بن عبد الله يقول والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته قد ضبأ إليها يستتر بها من الناس، وكان من أشهر من حضر البيعة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر وأم سلمة، ومن الصحابة من بايع أكثر من مرة مثل سلمة بن الأكوع الذي بايع ثلاث مرات كما ورد في صحيح مسلم، ثم علم المسلمون أن خبر مقتل عثمان بن عفان كان باطلا، وكانت البيعة سبب من أسباب صلح الحديبية، فلما علمت قريش بهذه البيعة خافوا وأشار أهل الرأي فيهم بالصلح، وكما يعدّ علماء المسلمين عثمان بن عفان ممن حضر البيعة.

لأن النبي صلى الله عليه وسلم، بايع عنه، فوضع يده اليمنى على اليسرى وقال ” اللهم هذه عن عثمان ” وقال في ذلك صاحب الهمزية مادحا عثمان بن عفان، وكما وردت عدة أحاديث نبوية في فضل أهل هذه البيعه، ومنها، ما رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله أنه قال ” كنا يوم الحديبية ألف وأربع مائة، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أنتم خير أهل الأرض ” وما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله أنه قال، أخبرتني أم مبشر، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول عند حفصة ” لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها” قالت، بلى يا رسول الله ” فانتهرها فقالت حفصة “وإن منكم إلا واردها” فقال النبي صلى الله عليه وسلم، قد قال الله عز وجل “ثم ننجى الذين أتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا”