المختار بن أبى عبيد الثقفى “جزء 5”

الدكرورى يكتب عن المختار بن أبى عبيد الثقفى “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

المختار بن أبى عبيد الثقفى “جزء 5”

ونكمل الجزء الخامس مع المختار بن أبى عبيد الثقفى، ورتب الأمراء على راياتهم وقبائلهم، كمالك بن مسمع، والأحنف بن قيس، وزياد بن عمر، وقيس بن الهيثم وغيرهم، وخرج المختار بعسكره فنزل المدار وقد جعل على مقدمته أبا كامل الشاكري، وعلى ميمنته عبد الله بن كامل، وعلى ميسرته عبد الله بن وهب الجشمي، وعلى الخيل وزير بن عبد الله السلولي، وعلى الموالي أبا عمرة صاحب شرطته، ولما انتهى مصعب إلى قريب الكوفة لقيهم جيش المختار فحمل عليهم جيش مصعب، فما لبث جيش المختار إلا يسيرا حتى هرب، وتحصن المختار بقصر الإمارة، فحاصره فيه مصعب أربعة أشهر، ثم قتله في الرابع عشر من رمضان سنة سبع وستين من الهجره، وقيل أن من قتله رجلان شقيقان أخوان.

وهما طرفة وطراف وهما ابنا عبد الله بن دجاجة، وهو من بني حنيفة، ووضعا رأس المختار بين يدي مصعب بن الزبير، فأمر لهما بثلاثين ألفا، وقد قتل مصعب جماعة من المختارية وأسر منهم خمسمائة أسير، فضرب أعناقهم عن آخرهم في يوم واحد، وقد قتل من أصحاب مصعب في الوقعة محمد بن الأشعث بن قيس، وأمر مصعب بكف المختار فقطعت وسمرت إلى جانب المسجد، فلم يزل هناك حتى قدم الحجاج فسأل عنها، وقال أبو مخنف، حدثني محمد بن يوسف أن مصعبا لقي عبد الله بن عمر بن الخطاب فسلم عليه فقال ابن عمر، من أنت؟ فقال أنا ابن أخيك مصعب بن الزبير، فقال له ابن عمر، نعم، أنت قاتل سبعة آلاف من أهل القبلة في غداة واحدة؟ عش ما استطعت، فقال له مصعب، إنهم كانوا كفرة سحرة.

فقال ابن عمر، والله لو قتلت عدلهم غنما من تراث أبيك لكان ذلك سرفا، وأما عن المختار الثقفى، فقد ولد المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عفرة بن عميرة بن عوف بن ثقيف الثقفي، في الطائف في السنة الأولى للهجرة، وأبوه أبي عبيد الثقفي، وهو قائد المسلمين في معركة الجسر، وقد أسلم أبوه في حياة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان صحابيا، وانتقل مع والده إلى المدينة في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وقد استشهد والده في أثناء معركة كبيرة مع الفرس من ضمن الفتوحات الإسلامية وكان سن المختار ثلاث عشرة سنة ائنذاك، وكان مصاحبا لوالده وأخيه، وقد نشأ في المدينة متأثرا بالإمام علي بن أبي طالب وأصبح من محبيه، وقدعُرف عنه أنه كان فارسا شجاعا.

وقد ورث هذا عن أبيه، ولكن قيل أنه يتهمه ابن كثير بأنه كان ناصبيا يبغض الإمام علي، بغضا شديدا، والمختار بن أبي عبيد بن مسعود، أسلم أبوه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لم يره، فلهذا لم يذكره أكثر الناس في الصحابة، وإنما ذكره ابن الأثير في الغابة، وكان له من الولد صفية بنت أبي عبيد، وكانت من الصالحات العابدات، وهي زوجة عبد الله بن عمر بن الخطاب، وكان عبد الله لها مكرما ومحبا وماتت في حياته، وكان المختار عند عمه بالمدائن، وكان عمه نائبها، فلما دخلها الحسن بن علي يوم خذله أهل العراق وهو سائر إلى الشام لقتال معاوية بعد مقتل أبيه علي، فلما أحس الحسن منهم بالغدر، فر منهم إلى المدائن في جيش قليل، فقال المختار لعمه لو أخذت الحسن فبعثته إلى معاوية.

لاتخذت عنده بذلك اليد البيضاء أبدا، فقال له عمه بئس ما تأمرني به يابن أخى، فما زالت الشيعة تبغضه حتى كان من أمر مسلم بن عقيل بالكوفة ما كان ، وكان المختار من الأمراء بالكوفة ، فجعل يقول، أما لأنصرنه، فبلغ ابن زياد ذلك فحبسه بعدما ضربه مائة جلدة، فأرسل ابن عمر إلى يزيد بن معاوية يشفع فيه، فأرسل يزيد إلى ابن زياد فأطلقه، وسيره إلى الحجاز في عباءة ، فضوى إلى ابن الزبير بمكة، فقاتل معه حين حصره أهل الشام قتالا شديدا، ثم بلغ المختار ما أهل العراق فيه من التخبيط، فسار إليهم وترك ابن الزبير، ويقال إنه سأل ابن الزبير أن يكتب له كتابا إلى ابن مطيع نائب الكوفة ففعل، فسار إليها، وكان يظهر مدح ابن الزبير في العلانية ويسبه في السر.