الدكرورى يكتب عن المختار بن أبى عبيد الثقفى “جزء 8”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
المختار بن أبى عبيد الثقفى “جزء 8”
ونكمل الجزء الثامن مع المختار بن أبى عبيد الثقفى، وعندما وصلوا إليه أعلموه حال المختار وما دعاهم إليه واستأذنوه في إتباعه، فقال لهم “وأما ما ذكرتم ممن دعاكم إلى الطلب بدمائنا، فوالله لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه، ولو كره لقال لا تفعلوا” وبعد هذه الحادثة بايع المختار جمع كبير من الشيعة، ثم بايعه إبراهيم بن الأشتر النخعي، وكان معروفًا بالشجاعة، وبعدها اجتمع رأي أصحاب المختار على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأول سنة ست وستين للهجرة، فكان ذلك، وارتفع شعار المختار “يالثارات الحسين” في أنحاء الكوفة، وأخرج عامل ابن الزبير عبد الله بن مطيع من الكوفة، وتولى الحكم فيها، وكان المختار يطالب بدم الحسين بن علي، ورفع شعار يالثارات الحسين.
وكان موكلا من محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية، فقتل أغلبية من شارك في قتال الحسين بن علي بن أبي طالب، وعلى رأسهم عمر بن سعد، وشمر بن ذي الجوشن، وعبيد الله بن زياد، وحرملة بن كاهل الأسدي وعبد الرحمن بن سعيد بن قيس الكندي وسنان بن أبي أنس وخولي بن يزيد الأصبحي، والحصين بن نمير، وقد هرب شمر بن ذي الجوشن من الكوفة بعد أن أعلن تمرده على المختار الثقفي، وإتجه إلى البصرة التي كان فيها مصعب بن الزبير، فوصل شمر قرية يقال لها علوج، فأرسل غلاما له ومعه كتاب إلى مصعب بن الزبير يخبره بقدومه إليه ومكانه، ولكن كيان أبو عمرة أحد قادة جيش المختار الثقفي عثر عليه في الطريق فعرف مكان شمر فتوجه إليه، وعندما وصل إليه خرج شمر.
ومعه سيفه لقتال كيان أبو عمرة، فما زال يناضل عن نفسه حتى قُتل، وقطع كيان أبو عمرة رأسه، وأرسله إلى المختار الثقفي، وقد بعث المختار عبد الله بن كامل الشاكري، صاحب حرسه إلى دار خولي بن يزيد الأصبحي، فكبس بيته، فخرجت إليهم امرأته، فسألوها عنه، فقالت “لا أدري أين هو”، وأشارت بيدها إلى المكان الذي هو مختف فيه، وقد كانت تبغضه من ليلة قدم برأس الحسين معه إليها، وتلومه على ذلك واسمها “العبوق بنت مالك بن نهار بن عقرب الحضرمي”، فدخلوا عليه فوجدوه قد وضع على رأسه قوصرة، فحملوه إلى المختار، فأمر بقتله قريبا من داره، وأن يحرق بعد ذلك، ولما خرج المختار على الكوفة، فقد استجار عمر بن سعد بن أبي وقاص، بعبد الله بن جعدة بن هبيرة.
وكان صديقا للمختار من قرابته من علي، فأتى المختار فأخذ منه لعمر بن سعد أمانا مضمونه أنه آمن على نفسه وأهله وماله، ما أطاع ولزم رحله ومصره، ما لم يحدث حدثًا، وأراد المختار ما لم يأت الخلاء، فيبول أو يغوط، ولما بلغ عمر بن سعد أن المختار يريد قتله، خرج من منزله ليلا يريد السفر نحو مصعب أو عبيد الله بن زياد، فنمى للمختار بعض مواليه ذلك، فقال المختار “وأي حدث أعظم من هذا” وقيل إن مولاه قال له ذلك، وقال له “تخرج من منزلك ورحلك؟ ارجع، فرجع” وبعد بضع ليالي قال المختار لأصحابه “لأقتلن غدا رجلا عظيم القدمين، غائر العينين، مشرف الحاجبين، يسر بقتله المؤمنون والملائكة المقربون” وكان الهيثم بن الأسود حاضرا، فوقع في نفسه أنه أراد عمر بن سعد.
فبعث إليه ابنه الغرثان فأنذره، فقال “كيف يكون هذا بعد ما أعطاني من العهود والمواثيق” ثم أرسل إليه كيان أبو عمرة، فأراد الفرار منه فعثر في جبته فضربه أبو عمرة بالسيف حتى قتله، وجاء برأسه في أسفل قبائه حتى وضعه بين يدي المختار، وقد أرسل المختار جيشه الذي كان في الكوفة لقتال عبيد الله بن زياد بقيادة إبراهيم بن الأشتر النخعي، فوصل جيش المختار إلى الموصل للقاء جيش الشام فيها، والتقى الجيشان فيها بالقرب من نهر يقال له الخازر، وبعد قتال شديد بين الجيشين كانت الغلبة لجيش الكوفة بقيادة إبراهيم بن الأشتر، فقال إبراهيم لأصحابه، إني قتلت رجلا وجدت منه رائحة المسك شرقت يداه وغربت رجلاه تحت راية منفردة على شاطئ نهر خازر، فلما ذهبوا إليه وجدوا أنه عبيد الله بن زياد.