السودان.. حمدوك يعلن استقالته من منصبه رسميًا
قدم عبد الله حمدوك، استقالته رسميًا من منصب رئيس وزراء السودان
مشيرًا إلى أنه التقى مكونات الفترة الانتقالية من مدنيين وعسكريين وغيرهم لوضع المسؤولية الوطنية أمامهم.
وأضاف حمدوك، في كلمة بثّها تلفزيون السودان: “الشعب الكريم، لقد قررت أن أرد إليكم أمانتكم، وأعلن لكم استقالتي من منصب رئيس الوزراء، مفسحاً المجال لآخر من بنات أو أبناء هذا الوطن المعطاء، لاستكمال قيادة وطننا العزيز والعبور به خلال ما تبقى من عمر الانتقال نحو الدولة المدنية الديمقراطية الناهضة، وأسأل الله أن يوفق كل من يأتي بعدي للم الشمل”.
وقال عبد الله حمدوك، إن الحكومة الانتقالية واجهت تحديات عدّة أهمها العُزلة الدولية والفساد والديون، مشيراً إلى أنها حاولت التعامل مع التحديات وحققت بعض الإنجازات في مجال السلام.
“نجاحات وإخفاقات”
وأضاف رئيس الحكومة المستقيل في كلمة بمناسبة الذكرى الـ 66 لاستقلال السودان والذكرى الثالثة لثورة ديسمبر: “بذلنا جهدًا لإخراج البلاد من العُزلة الدولية وإعادة دمجها في المجتمع الدولي”.
وقال حمدوك إن “ثورة الشعب السوداني كانت سلمية وأذهلت العالم”، موضحًا أن كلمة السر بها الوحدة في الرؤية والهدف. وأضاف أن الحكومة الانتقالية واجهت تحديات عدة مثل الفساد وتردي حالة التعليم والصحة، وحالة الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، إلى جانب الدين الخارجي الذي وصل إلى 60 مليار دولار عند استلام السلطة.
وأشار إلى أن الحكومة الانتقالية رغم التحديات حققت بعض النجاحات في مجال إرساء السلام، مثل اتفاق جوبا “الذي أسكت صوت البندقية” وأحيا الأمل للاجئين والنازحين الذين يعانون الجوع والمرض وانعدام مقومات الحياة الكريمة.
ولفت عبد الله حمدوك إلى نجاح الحكومة في بسط الحريات وإخراج السودان من العزلة الدولية وإعادة دمجه في المجتمع الدولي، وتقديم الكثير من حزم المعالجات الهيكلية في الاقتصاد. كما فشلت الحكومة في ملفات أخرى، وفق تعبير حمدوك.
وأشار رئيس الوزراء المستقيل إلى أن قبوله منصب رئيس الحكومة في أغسطس 2019، كان على أساس الوثيقة الدستورية بين المكونين العسكري والمدني، اعتبرها “نموذجاً سودانياً متفرداً”، واستدرك أنه “لم يصمد بنفس الدرجة من الالتزام والتناغم التي بدأ بها”، بالإضافة إلى التباعد والانقسام بين المكونين العسكري والمدني.
وأكد حمدوك أن تلك الخلافات انعكست على أداء الحكومة والدولة على كافة المستويات، كما زاد خطاب الكراهية والتخوين وعدم الاعتراف بالآخر، مؤكداً أن ذلك جعل مسار الانتقال الديمقراطي هشاً.
وأوضح أنه أطلق عدداً من المبادرات في يوليو وأكتوبر 2021، لوقف التصعيد و”إعلاء مصلحة الوطن”، واصفاً تحرك الجيش في 25 أكتوبر بـ”الانقلاب”، مؤكدًا أنه بعد ذلك وقّع اتفاقًا إطاريًا مع المكون العسكري لحقن الدماء وإصلاح مسار التحول الديمقراطي، وقال إن ذلك الاتفاق كان محاولة لجلب جميع الأطراف لمائدة الحوار.
وتابع حمدوك، أن الهدف من توقيع الاتفاق الإطاري لم يتحقق، مؤكداً أن الشعب السوداني طلب الحرية ودفع “مهره” من دماء الشباب السوداني.
ووجه كلمة إلى الشباب في لجان المقاومة، قائلاً إنهم “أبلوا بلاء حسنًا، ونالوا احترام الجميع، وأن المستقبل لهم “إن توجتم هذا الحماس الثوري بالتوافق على برامج للبناء والمشاركة في وضع رؤية شاملة لما يجب أن تكون عليه الأمور فيما تبقي من عمر الانتقال”.
كما وجّه رسالة للقوات المسلحة السودانية مؤكدًا أن الشعب هو “السلطة السيادية” وأن القوات المسلحة هي “قوات الشعب تأتمر بأمره ويجب أن تدافع عن أهدافه”، وأضاف أن الشعب يجب أن يقابل ذلك بالاحترام ليتحقق شعار “جيش واحد شعب واحد”، وتابع أنه حينها “لن يكون هنالك خوف على مستقبل البلاد وأمنها ومستقبلها وحكمها الديمقراطي المدني”.
وقدم حمدوك الشكر لـ”الدول المحبة للحرية والسلام” على دعمها للشعب السوداني، مؤكداً أن السودانيين “أكرم من أن يعيشوا على المعونات والهبات”، وإنما يتطلعون لمواصلة الدعم الدولي في إطار تبادل المصالح، بما يمتلكه السودان من ثروات، داعيًا المستثمرين لبناء “شراكات تنموية”.
وقال رئيس الوزراء المستقيل إن ثورة ديسمبر 2019، ألهمته بصمود شبابها ووحدتهم، ما دفعه لتلبية “نداء الوطن”، وخاطب حمدوك الشعب السوداني قائلاً: “نلت شرف خدمة بني وطني لأكثر من عامين وخلال هذا المشوار أصبت أحيانًا وأخفقت أحيانًا”.
“ميثاق وطني”
وتابع أن “تجارب الشعوب من قبلنا تقول، إن أصعب الحكومات هي حكومات الانتقال. وقد كُنت طِوال هذه المُدة موقناً بالنصر؛ إذا ما توفرت الإرادة الوطنية والصبر والتوافق على الحد الأدنى من قضايا الانتقال المدني الديمقراطي، بين مختلف مكونات الحكم وقوي الثورة”.
وأكد أن “الثورة ماضية إلى غايتها والنصر أمر حتمي”، داعياً السودانيين إلى الالتزام بالوحدة والتوافق والحوار.
وأشار حمدوك إلى أن مشكلة السودان هي سياسية في المقام الأول، “ولكنها تتحور وتتمحور تدريجيًا لتشمل كل جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وفى طريقها لتصبح أزمة شاملة”، مضيفاً أن المشكلة الهيكلية للبلاد في العلاقة بين المكونات السياسية والعسكرية والمدنية، وأن ذلك “يحدث في أوقات الانتقال من الأنظمة الشمولية”، مؤكدًا أن الكلمة المفتاحية لحل تلك الأزمة هي الحوار، بهدف التوافق على ميثاق وطني، لإكمال مسيرة التحول المدني الديمقراطي.
وأضاف أن الشعب السوداني منحه “شرف رئاسة الوزراء”، وأنه حاول منع انزلاق البلاد إلى “كارثة”، مؤكدًا أن السودان يمر بمنعطف خطير “يهدد بقاءه كليًا إن لم يتم تداركه عاجلًا”، مضيفاً أنه رغم جهوده لتحقيق التوافق المنشود، وحقن الدماء، “لم يحدث ذلك”، مشيرًا إلى أنه اجتمع في الأيام الماضية مع كافة مكونات الفترة الانتقالية لشرح الوضع الحالي، ووضع المسؤولية التاريخية أمامهم.