نفوس البشر كالنار بمُستقرِ الشَرر
بقلم / محموددرويش
نفوس البشر كالنار بمُستقرِ الشَرر
الفتاة التي كان يسيلُ لها لُعاب
الأقران ، و يتمنّى كُلٌ لو أن يظفر بمثيلتها بالحلال ، مرّ عليها الزمان و لم تتزوج ، بعد أن أصابها مرضٌ وقِح أضر بجمالِها .
الرجل الثري الذي كان يُضرب به الأمثال من فرط الغنى ، ابتلاهُ الله بسيدة لَعوب خدعته و نهبت أمواله ثُم ألحقت به العار .
و الوقور الذي سعى في الأرض صلاحًا و كان بين الأزواج و الآباءِ قدوة ، فجأة وقع أسيرًا لمُراهقة مُتأخّرة و أشهر زواجه بفتاةٍ لم تحلم يومًا بمُصافحته كأَب فما بالَك بمُعاشرتِه كزوج !
و جــارتي التي كانت مَضرِبًا لكُل آيات الجمال و دماثة الخُلُق و حُسن الهَيئة ، داهمها مرضٌ خَبيث أودى بالجمال التي طالما تبارى النِسوة للتَعليق عَليهِ وظلت برغم المَرض الزَوجة الوفيّة و الأُم المُتفانيَة .
و صديقي الذي وصلَ للمجد و الشُهرة و رزقه الله حُسن النسب ، و وفرة المال ، و تَعدُد البنين ، رُغم كونه شابًا ثلاثينيًا ! مات فجأةً بأزمة قلبيّة و ترك زوجته و أولاده رغمَ كونه رياضيًا بالغ الاعتناء بجَسده !
و زَميلي الذي داومَ التقاط الصور بسيارته الفارهة ، إنقلبت به السيارة بعدَ تلَف بعَجلات السيارة التي يستحيل – نظريًا – أن يحدُث به مثل هذا الخَلل !
و الآخَر كان ضابطًا مفتول الجسد قوي الضمير ، يقضي ساعات داخل صالة الـ Gym و ترمقه الأعيُن بين التمرين و الآخر ، فجأة تعرّض لهجوم غاشم فقد على إثره إحدى ساقَيه !
و الأُسرة التي كان يُشار لها بقوة النظم الإجتماعي و الترابط ، انفرط عقدها للأسَف فجأةً !
كُلها نماذج عاصَرتها ، جميعهم لقَوا الاستحسان و الانبهار ، و كلّهم كذلك لم يجدوا كلمة “ما شاء الله” صادقة ترد كَيد الحسد الكيدي البغيض ، بل رُبما وَجدوا غلًا و حِقدًا بزَعم فشل الوصول !
و المرءُ يقف أحيانًا على حيرة بين ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ و بينَ { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } .
لأن نفوس البشر بكل أسفَ تُضمر الشر ، كالنار بمُستقرِ الشَرر.