موقف الشرع من التيس المستعار ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن موقف الشرع من التيس المستعار ” جزء 1″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

إن التيس في اللغة هو الذكر من الظباء والمعز والوعول إذا أتى عليه سنة، وإن وجه الشبه بين التيس وبين المحلل هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله، حيث قال، فإن صاحب الماشية يستعير التيس لا لأجل الملك والقنية، ولكن لينزيه على غنمه فكذلك المحلل لا رغبة للمرأة ووليها في مصاهرته ومناكحته واتخاذه ختنا وإنما يستعيرونه لينزوه على فتاتهم، ولقد جاء في الشرع وصف الرجل الذي يتزوج المرأة المطلقة ثلاثا ليحلها لزوجها الأول فقد جاء وصفه بأنه تيس مستعار كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه والحاكم وغيرهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال” ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا بلى يا رسول الله.

قال هو المحل” ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لعن المحل والمحلل له” وإن وجه التشبيه بالتيس على وجه التحديد دون سائر الحيوانات كما جاء في شرح سنن الترمذي أن الشهوة في التيس كثيرة قلما يفتر عن الجماع، وهكذا فإذا كان النية من الزواج هو تحليلها لزوجها، فهذا نكاح باطل وصاحبه ملعون ونعوذ بالله من ذلك، لأن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لعن المحلل والمحلل له وهو نكاح ملعون صاحبه وهو فاسد لا يحلها لزوجها الأول، ولا للثاني الذي نكحها بنية التحليل ولو رغب فيها، ولكن ما يجب على الزوج الذى أطلق عليه التيس المستعار فعله إذا تزوج هكذا؟ فهو أنه يجب عليه أن يطلقها طلقة واحدة لإبطال هذا العقد الفاسد وإزالة شبهته.

وبعد ذلك هي مخيرة شاءت تزوجت عليه وإن شاءت تزوجت على غيره بعد خروجها من العدة إذا كان وطئها، فإذا خرجت من العدة بثلاث حيض إن كانت تحيض أو بثلاثة أشهر إن كانت كبيرة لا تحيض أو صغيرة لا تحيض، وإذا خرجت من العدة فهي تنكح من شاءت، وإن الإسلام دين الله الذي اختاره واصطفاه وطهّره، وهو أحق بالتوقير والاحترام والتنزه مما قد يشينه ويعيبه، والمسلمون الذين يلجؤون إلى زواج التحليل يخادعون الله، كأنما يخادعون الصبيان ويتخذون آيات الله هزوا، وهم عاصون لله، مطيعون للشيطان، وهم السبب في تعيير الكفار للمسلمين بهذا النوعِ من الزواج الفاسد، وقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم، المحلل بالتيس المستعار

وسماه السلف بمسمار النار، فيجب علينا جميعا اتباع شرع الله تعالى والوقوف عند حدوده، وأن واجب المسلم هو تحكيم شرع الله في الصغير والكبير مع الانقياد التام له ظاهرا وباطنا فلقد قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة النساء ” فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ” فيجب علينا أن نعلم أن الله تعالى أدرى بما في الطلاق من الفساد، ومع ذلك فإذا طلق الرجل زوجته ، فلا بد بعد ذلك من معاملة المطلق بما حدده الشرعن ولا يجوز أن يزعم المسلم أن مفسدة الانحراف عن الشرع يمكن أن تقارن بأية مفسدة أخرى، فإذا تقرر عندك هذا الأمر.

فاعلم أن من طلق زوجته ثلاثا بلفظ واحد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره في قول أكثر أهل العلم، وأنه ليس بينهم خلاف في أن المطلقة ثلاث تطليقات بألفاظ متعددة ترتجع بعد كل تطليقة، لا تحل للمطلق حتى تنكح زوجا غيره لقول الله سبحانه وتعالى فى سورة البقرة ” فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ” وقد روت السيدة عائشة رضى الله عنها‏ أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبت طلاقها، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت‏ إنها كانت عند رفاعة، فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فتزوجت بعده بعبد الرحمن بن الزبير وإنه والله ما معه إلا مثل هذه الهدبة وأخذت بهدبة من جلبابها قالت‏‏ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضاحكا وقال‏ “‏ لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة‏؟‏ لا حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته‏ “‏ متفق عليه.

ثم لا يجوز ولا يصح أن يتزوج الرجل المرأة بنية تحليلها، فقد روى ابن ماجه وغيره عن عقبة بن عامر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له” فهذا هو الشرع الذي لا يصح المحيد عنه، وأن قد العلماء حاولوا معالجة الموضوع بشكل يغطي الأدلة من السنة النبوية الشريفة ومن آثار الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين على بطلانِ هذا النوع من الزواج، وردوا على من يستندون إلى قول عز وجل ” فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ” في إثبات التحليل، ثم قدموا أدلة جامعة على بطلان هذا الزواج.