الدكرورى يكتب عن رأى الدين فى زكاة المواشى والحرث ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
رأى الدين فى زكاة المواشى والحرث ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع رأى الدين فى زكاة المواشى والحرث، فمهما أكل صاحب البستان ومهما أكل أولاده أو ضيوفه بالقياس إلى مجموع المحصول شيء يسير، لذلك ربُنا سبحانه وتعالى تجاوز لنا عن هذا اليسير، فإذا حُصد الزرع وصُفى الزرع فهنا يخرج صاحب الأرض زكاة الموجود وقت الحصاد، ولكن هناك عدة أقوال لفقهاء المسلمين في الحاصلات الزراعية التي توجب فيها الزكاة، فقد اختلف العلماء فيما تجب فيه الزكاة من الخارج من الأرض، فذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنها تجب في القليل والكثير مما أخرجته الأرض من الحبوب كلها والثمار كلها والفواكه كالموز والرمان والخوخ ، وكذلك من الخضروات والبقول والزهور، واستدل على ذلك بعموم قول النبى صلى الله عليه وسلم
” فيما سقت السماء والعيون، أو كان عثريا، العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر” رواه البخاري وغيره، وقد ذهب الأئمة الثلاثة إلى أنها تجب فيما يكال ويقتات كالبر والأرز والتمر والزبيب، واستدلوا على ذلك بقول النبى صلى الله عليه وسلم “ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة” متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم “وليس فيما دون خمسة أوسق من تمر أو حب صدقة” رواه مسلم وأحمد، وهذا يدل على أن الزكاة إنما تجب فيما يكال ويقتات، كما سبق، وأما الفواكه والخضروات والبقول فليست مما يكال فلا تجب فيها الزكاة، وإن الراجح هو مذهب الجمهور فلا تجب الزكاة في الفواكه أو الخضروات، لأن الخضروات كانت كثيرة بالمدينة.
والفواكه كانت كثيرة بالطائف، ولم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه أنه أخذ الزكاة من شيء من ذلك، وإذا تقرر هذا، فلا زكاة على الموز المزروع في الفدانين، إنما تجب الزكاة في ثمنه إذا بلغ ثمنه نصابا بنفسه أو بضمه إلى غيره من النقود أو عروض تجارة وحال عليه الحول، أى مر عليه العام، وإن زكاة الزروع هى نوع من أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة، وهو النابت من الأرض من المزروعات، إذا بلغت نصابا وهو خمسة أوسق، نقية لا قشر عليها، وهي في الشعير والبر بالإجماع، وعند الشافعية في كل الأقوات المدخرة، مثل الشعير والبر والذرة وغيرها، وتجب زكاة الزروع في كل ما يقتاته الإنسان حال الاختيار، مما يمكن ادخاره.
كالشعير والحنطة والأرز وغيره، وقال الماوردي، وهو مذهب الشافعي أن الزكاة واجبة فيما زرعه الآدميون قوتا مدخرا، وبه قال الأئمة الأربعة، وعند المالكية في أجناس مخصوصة، وقال ابن عرفة يدخل فيه ثمانية عشر صنفا، القطاني السبعة، والقمح، والسلت، والشعير، والذرة، والدخن، والأرز، والعلس، وذوات الزيوت الأربع الزيتون والسمسم والقرطم وحب الفجل، وعند الحنفية تجب في محصول كل ما تنبته الأرض، ونصاب الزروع خمسة أوسق، والوسق شرعا ستون صاعا، والصاع أربعة أمداد نبوية بكيل المدينة، والنصاب كيلا ثلاثمائة صاع، أو ألف ومائتي مد، لأن كل صاع أربعة أمداد، والمد حفنة أى غرفة بيدي إنسان معتدل الخلقة، والنصاب الشرعي في زكاة المعشرات.
مقدر على وجه التحديد كيلا بصاع المدينة المنورة ومدها في العصر النبوي الشريف، وسائر المكاييل الأخرى تبع له، فلا يحدد النصاب الشرعي بالكيل إلا بالمكيال المدني اتفاقا، أما ما يذكره العلماء في الفروع من التقدير بالوزن فالمقصود به استظهار المقدار لأن المقادير الشرعية تؤخذ بنصوص الشرع، وما كان مقدر بالكيل فلا يقوم الوزن مقامه، وان زكاة الثمار هى أحد أنواع زكاة المال، وتجب زكاة الثمار في نوعين هما التمر والزبيب، وحال الكمال وهو الجفاف، وتجب زكاة كل منهما ببلوغهما نصابا وهو خمسة أوسق لا قشر عليها، وقدر الزكاة الواجب إخراجها فيهما إن سقيت بماء المطر، أو السيح، أي بغير كلفة ففيها العشر، وإن سقيت بكلفة كالسقاية بالنضح أو غيره ففيها نصف العشر.