نبى الله إلياس عليه السلام ” جزء 5″

الدكرورى يكتب عن نبى الله إلياس عليه السلام ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبى الله إلياس عليه السلام ” جزء 5″

ونكمل الجزء الخامس مع نبى الله إلياس عليه السلام، وبقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر” اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض” وبأنه لم ينقل أنه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حضر عنده ولا قاتل معه، ولو كان حيا لكان من أتباع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لأنه عليه السلام كان مبعوثا إلى جميع الثقلين الجن والإنس، وقد قال صلى الله عليه وسلم” لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي” وأخبر صلى الله عليه وسلم قبل موته بقليل أنه لا يبقى من هو على وجه الأرض إلى مائة سنة من ليلته تلك عين تطرف، إلى غير ذلك من الدلائل، وقد عقد محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في كتابه أضواء البيان فصلا أطال فيه النفس وأثبت بالمنقول والمعقول موت الخضر عليه السلام.

وهو مبحث نفيس نوصي السائل الكريم بمراجعته، وأما إلياس عليه السلام فالقول فيه كالقول في الخضر عليه السلام أنه قد مات لعموم الأدلة المتقدمة، وقد قال ابن كثير في البداية والنهاية، وقد قدمنا قول من ذكر أن إلياس والخضر يجتمعان في كل عام من شهر رمضان ببيت المقدس وأنهما يحجان كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من العام المقبل، وأوردنا الحديث الذي فيه أنهما يجتمعان بعرفات كل سنة، وبينا أنه لم يصح شيء من ذلك، وأن الذي يقوم عليه الدليل أن الخضر مات، وكذلك إلياس عليهما السلام، وعن الأوزاعي، عن مكحول، عن أنس بن مالك قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا منزلا فإذا رجل في الوادي يقول اللهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفورة المثاب لها.

قال فأشرفت على الوادي، فإذا رجل طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع، فقال لي من أنت؟ فقلت أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأين هو؟ قلت هو ذا يسمع كلامك، قال، فأته فأقرئه السلام، وقل له أخوك إلياس يقرئك السلام، قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فجاء حتى لقيه فعانقه وسلم، ثم قعدا يتحادثان، فقال له يا رسول الله إني ما آكل في سنة إلا يوما، وهذا يوم فطري فآكل أنا وأنت، قال فنزلت عليهما مائدة من السماء، عليها خبز وحوت وكرفس، فأكلا وأطعماني، وصلينا العصر، ثم ودعه ثم رأيته مر في السحاب نحو السماء، وقد كفانا البيهقي أمره، وقال هذا حديث ضعيف جدا، والعجب أن الحاكم أبا عبد الله النيسابوري أخرجه في مستدركه على الصحيحين، وهذا مما يستدرك به على مستدركه فإنه حديث موضوع.

مخالف للأحاديث الصحاح من وجوه، ومعناه لا يصح أيضا، فقد تقدم في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال” إن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في السماء” إلى أن قال صلى الله عليه وسلم “ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن” وفيه أنه لم يأت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان هو الذي ذهب إليه، وهذا لا يصح لأنه كان أحق بالسعي إلى بين يدي خاتم الأنبياء، وفيه أنه يأكل في السنة مرة، وقد تقدم عن وهب أنه سلبه الله لذة المطعم والمشرب، وفيما تقدم عن بعضهم أنه يشرب من زمزم كل سنة شربة تكفيه إلى مثلها من الحول الآخر، وهذه أشياء متعارضة، وكلها باطلة، لا يصح شيء منها، وقد ساق ابن عساكر هذا الحديث من طريق أخرى، واعترف بضعفها، وهذا عجب منه، كيف تكلم عليه فإنه أورده من طريق حسين بن عرفة.

عن هانىء بن الحسن، عن بقية، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن واثلة، عن ابن الأسقع فذكر نحو هذا مطولا، وفيه أن ذلك كان في غزوة تبوك وأنه بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك، وحذيفة بن اليمان قالا، فإذا هو أعلى جسما بذراعين أو ثلاثة، واعتذر بعدم قدرته لئلا تنفر الإبل، وفيه أنه لما اجتمع به رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلا من طعام الجنة، وقال إن لي في كل أربعين يوما أكلة، وفي المائدة خبز ورمان وعنب وموز ورطب وبقل، ما عدا الكراث، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن الخضر فقال عهدي به عام أول، وقال لي إنك ستلقاه قبلي، فأقرئه مني السلام، وهذا يدل على أن الخضر وإلياس بتقدير وجودهما، وصحة هذا الحديث، لم يجتمعا به إلى سنة تسع من الهجرة، وهنا لا يسوغ شرعا، وهذا موضوع أيضا.