الدكرورى يكتب عن السيدة رملة بنت أبى سفيان “جزء 5”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
السيدة رملة بنت أبى سفيان “جزء 5”
ونكمل الجزء الخامس مع السيدة رملة بنت أبى سفيان، وأم حبيبة من بنات عم الرسول صلى الله عليه وسلم وليس في أزواجه من هي أقرب نسبا إليه منها، ولا في نسائه من هي أكثر صداقا منها، ولا من تزوج بها وهي نائية الدار أبعد منها، وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم، إلى النجاشي يخطبها، فأوكلت عنها خالد بن سعيد بن العاص وأصدقها النجاشي أربعائة دينار وأولم لها وليمة فاخرة وجهزها وأرسلها إلى المدينة مع شرحبيل بن حسنة، وقد تزوجت الرسول صلى الله عليه وسلم، فى السنة السابعه من الهجره، وكان عمرها يومئذ سته وثلاثين سنه، وقد ذكر في شأنها القرآن الكريم فى سورة الممتحنه “عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم موده، والله قدير، والله غفور رحيم” وقد أقامت مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وبقية أمهات المؤمنين ومعها ابنتها حبيبة ربيبة رسول الله.
صلى الله عليه وسلم، والتي تزوجها فيما بعد داود بن عروة بن مسعود الثقفي، وكان ذلك فى السنة الثامنه من الهجره، وقيل أنه قبل فتح مكة قدم أبو سفيان المدينة ليكلم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، طالبا في أن يزيد في هدنة الحديبية، ولما دخل على ابنته أم حبيبة حجرتها أسرعت وطوت بساطا لديها مانعةً والدها من الجلوس عليه كونه فراش النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقالت لوالدها ” هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت امرؤ نجس مشرك ” رغم أن أباها فرح عند زواجها بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إذ قال ” ذاك الفحل، لا يجدع أنفه” وكانت السيده رمله لها بصمات في التاريخ الإسلامي عند محاولتها مساعدة الخليفة عثمان بن عفان، وهو ابن خالها، وكان ذلك عندما حوصر.
من قبل المتمردون، ولكنهم منعوها وحالوا دون ذلك، وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، خمسة وستين حديثا، وقد حدث عنها، أخواها، الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وعنبسة، وابن أخيها عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان، وعروة بن الزبير، وأبو صالح السمان، وصفية بنت شيبة، وزينب بنت أبي سلمة، وشتير بن شكل، وأبو المليح عامر الهذلي، وآخرون، وقدمت دمشق زائرة أخاها، وقد قيل أن السيده رمله عندما بشرها ابرهه الحبشيه بطلب النبى صلى الله عليه وسلم، يدها من ملك الحبشه فقد أعطت أبرهة سوارين من فضة وخدمتين، كانتا في رجليها، وخواتيم فضة كانت في أصابع رجليها، سرورا بما بشّرتها، فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك مِن المسلمين فحضروا.
فخطب النجاشي فقال الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأنه الذي بشّر به عيسى بن مريم؛ أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلَيّ أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أصدقتها أربعمائة دينار، ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد، فقال: الحمد لله، أحمده وأستعينه وأستنصره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون، أما بعد، فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوّجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسول صلى الله عليه وسلم.
ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد بن العاص فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا فقال اجلسوا، فإن سُنة الأنبياء إذا تزوّجوا أن يُؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام وأكلوا، ثم تفرقوا، وقالت أم حبيبة رضى الله عنها فلما وصل إلَيّ المال أرسلت إلى أبرهة التي بشّرتني، فقلت لها إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي، فهذه خمسون مثقالا، فخذيها فاستعيني بها، فأبت وأخرجت حُقا فيه كل ما كنت أعطيتها فردّته عليّ، وقالت عزم عليّ الملك أن لا أَرزَأك شيئا، وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه، وقد اتبعت دين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلمت لله سبحانه وتعالى، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر، فقالت، فلما كان الغد جاءتني بعود، وورس، وعنبر وزبّاد كثير.