الدكرورى يكتب عن موقف الشرع من زكاة المال ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــــرورى
موقف الشرع من زكاة المال ” جزء 1″
إن الزكوات والصدقات والعطايا والهدايا والهبات كلها إنفاق يؤجر عليه المسلم إذا كانت خالصا، تخفف معاناة الفقر، وتذهب شح النفوس، وتجعل في الحياة فرصا للخير والمودة والرحمة، كيف يكون شعور رجل مدين بأموال قد أثقلته أو عاجز عن النفقة على الأهل والعيال، أو بشاب يريد أن يتزوج ويعف نفسه وأظلمت الحياة في وجهه إذ لا يجد ما يغنيه، لابد أن تمتد يد المحسن لينتعش المدينون، ويتزوج الشاب ولينفق صاحب العيال على عياله، ولن ينسى الفقر المحتاج لهذا الغني ما أنفقت يداه، ولأجر الآخرة أعظم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة “متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ” والزكاة تؤخذ من أغنياء المسلمين وترد على فقرائهم، والله عز وجل يقول لنبيه وحبيبه ومصطفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان حاكما للدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم، خاطبه الله عز وجل، وقال له فى كتابه الكريم فى صورة التوبة ” خذ من أموالهم صدقة ” والصدقة هنا ليس المراد بها الصدقة التي هي صدقة التطوع التي نعرفها.
وإنما المراد بها هو الزكاة، وهى زكاة الفريضة، فقال تعالى ” خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ” ففي هذه الآية الكريمة قد أمر من الله عز وجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ من أموالنا نحن المسلمون زكاة تسمى زكاة المال فثبت أن الزكاة طهرة للمسلم، ولذلك من يقبل الزكاة ويزعم أنه فقير، وهو في الحقيقة غني فإنه يقبل أدران الناس، وهذا لا أقوله أنا، فقد قاله العلماء من أكثر من ألف وأربعمائة سنة، أن الزكاة في الحقيقة إنما هي طُهرة للناس إذا هي أدران الناس، ومن يقبل هذه الزكاة وهو غني يحرم عليه، يحرم على الغني أن يأخذ شيئا من أموال الزكاة، بل الزكاة لا تحل إلا لمسكين أو فقير، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى على من يعطي الزكاة.
لبيت مال المسلمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما معنى قوله تعالى ” وصل عليهم ” أي ادعوا لهم، لأن الصلاة في اللغة هى الدعاء، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لمن يخرج زكاته، فهذا رجل من آل أبي أوفى، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” اللهم صلى على آل أبي أوفى” ويستحب للجمعيات الخيرية وللأشخاص الموثوق بهم إذا أخذوا الزكاة ليحملوها إلى المستحقين أن يدعوا لدافع الزكاة كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من آل أبي أوفى حينما جاء يقدم الصدقة، والمراد بالصدقة هنا الزكاة حينما جاء يقدمها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى يقول فى كتابه الكريم فى سورة آل عمران ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ”
والمال مما يحبه الإنسان، وهكذا تقول الآية الكريمة فى سورة الفجر ” وتحبون المال حبا جما ” والله تعالى يقول ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ” إذا أنت أيها الإنسان فُطرت على محبة المال ومحبة الولد، فينبغي عليك حينما يأمرك الله عز وجل بإنفاق الزكاة وإخراج الزكاة أن تخرجها طيبة بها نفسك، لا تخرج الزكاة وأنت مُكره، وإنما تخرج الزكاة وأنت محب لله ولرسوله، ولتعلم أن بإخراجك الزكاة واستجابتك لأمر الله تعالى، فأنت تدفع عن نفسك ميتة السوء، وتدفع عن نفسك كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” صنائع المعروف تقي مصارع السوء ” فأنت حينما تدفع الزكاة فتقي نفسك مصارع السوء من الحوادث والحرائق، وهذه الابتلاءات العظيمة التي يراها الناس.