تأثير عدم دعوة مصر ودول المنطقة لمؤتمر الديمقراطيات فى العالم على (أمن إسرائيل والمنطقة وإنتشار الإرهاب والتطرف، وفشل إتفاقيات السلام الإسرائيلى فى الشرق الأوسط والخليج العربى برعاية أمريكية)، وتحالف مصر وبلدان الشرق الأوسط مع (الصين وروسيا) فى مواجهة السياسات والتدخلات الأمريكية
تحليل الدكتورة/ نادية حلمى
الخبيرة فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية – أستاذ مساعد العلوم السياسية جامعة بنى سويف
– العناصر الرئيسية فى التحليل
– أولاً: العلاقة بين عدم دعوة مصر وبلدان المنطقة لمؤتمر الديمقراطيات الأمريكية فى ديسمبر ٢٠٢١، ونجاح ثورة (٣٠ يونيو فى مصر) بقيادة الرئيس “السيسى” وتحالف المؤسسة العسكرية المصرية لإرا.ة الشعب، بفشل السياسات الأمريكية فى (دعم ثورات الربيع العربى وسقوط تيارات الإسلام السياسى المدعومة أمريكياً)
– ثانياً: إنعكاس بناء (الجمهورية الجديدة فى مصر) بقيادة الرئيس “السيسى” والدور الصينى فى مشروعات (العاصمة الإدارية الجديدة)، والتنافس الإسرائيلى ضد مصر فى (قطاع الطاقة والغاز الطبيعى فى شرق المتوسط بدعم أمريكى)، على (سياسة الإستبعاد المتعمد) لمصر ودول المنطقة فى مؤتمر الديمقراطيات الأمريكية بقيادة “جو بايدن”
– ثالثاً: تأثير عدم دعوة الرئيس “السيسى” إلى “مؤتمر الديمقراطيات فى العالم” للرئيس الأمريكى “جو بايدن” على (أمن إسرائيل والمنطقة وإنتشار الإرهاب والتطرف، وفشل خطط السلام والتطبيع الإسرائيلية المدعومة أمريكياً) مع بلدان الخليج العربى والمنطقة
– رابعاً: العلاقة بين (الدعم الأمريكى لتيارات الإسلام السياسى وجماعة الإخوان المسلمين فى مصر ودول ثورات الربيع العربى لمواجهة منافستها الصين الشيوعية)، وإستبعاد المنطقة من مؤتمر الديمقراطيات وإشعال الحرب الباردة فى الشرق الأوسط
– خامساً: تأثير إستبعاد مصر وبلدان المنطقة والخليج من مؤتمر الديمقراطية الأمريكية على (تنامى الشعور بالقومية والتوجه شرقاً إلى الصين وروسيا)، وفقدان واشنطن لشركائها وصفقات (مبيعات سوق السلاح الأمريكى فى الخليج العربى والمنطقة) لصالح منافستها الصينية والروسية
– سادساً: مقارنة جديدة لأول مرة دولياً بين الإنتهاكات الأمريكية لحقوق الإنسان داخلياً وظهور (الحركات المسلحة المتطرفة الأمريكية الجديدة المنادية بالديمقراطية فى الداخل)، والتعمد الأمريكى فى تشويه صورة البلدان حول العالم بعدم رضاؤها عن مستوى ديمقراطيتهم
– تمهيد:
تفاجأ العالم بالترتيبات الأمريكية للإدارة الأمريكية بقيادة “جو بايدن” والحزب الديمقراطى الأمريكى، لتنظيم “مؤتمر الديمقراطية العالمى”، والذى سيجمع كافة الدول الديمقراطية فى العالم بإختيار أمريكى خالص، وذلك خلال يومى ٩ و ١٠ ديسمبر ٢٠٢١، بمشاركة قرابة ١١٠ دولة حول العالم، وترك النصف الآخر منها مهمشاً سلطوياً أو مهملاً بدون توجيه دعوات مماثلة له، بدعوى عدم ديمقراطيته وفقاً للمنظور الأمريكى لفهم الديمقراطية من منظور ضيق بحت لا يلائم إحتياجات دول أخرى طبقاً لظروفها وخصائصها الوطنية والإقليمية والدينية، وغيرها. وذلك يعد فى حد ذاته بمثابة محاولة أمريكية إستفزازية جديدة لتفتيت العالم وتقسيمه وفقاً لأسس أيديولوجية صارمة، وفق مع أعلنه “بايدن” من قبل بتحالف الديمقراطيات حول العالم فى مواجهة الإستبدادية والسلطوية، وتحديد مقصده من ذلك بالصين وروسيا بالأساس، ثم يأتى بقية العالم غير المتحضر خلفهم، والذين أعطاهم مسميات متعددة، فى هذا التقسيم العالمى الجديد، بأنهم: (غير ديمقراطيون، إستبداديون، ديكتاتوريين، سلطويون، أوتوقراطيين، مستبدون)، وغيرها من تلك المسميات التى تبارى منظموا هذا المؤتمر المشار إليه فى توصيفها على كل هؤلاء المختلفين معهم أيديولوجياً وسياسياً فى الأساس، وعلى رأسهم الصين وروسيا فى الأساس، وكما قال عضو مجلس الدولة الصيني ووزير الخارجية الصينى “وانغ يى”، بأن: “هذه القمة الأمريكية للديمقراطية تهدف بشكل أساسى إلى تعزيز الإنقسام فى العالم تحت شعار الديمقراطية، وتخدم فقط الإحتياجات الإستراتيجية للولايات المتحدة”.
ولكن على الجانب الآخر، فإن إغفال الإدارة الأمريكية توجيه دعوات لدول المنطقة لحضور المؤتمر، يعنى بالأساس (تقسيم المنطقة لصالح منافسيها الصينيين والروس، بل والأخطر فشل خطط السلام الإسرائيلية الخليجية العربية برعاية أمريكية، فضلاً عن إنعكاس ما يحدث على أمن إسرائيل لصعوبة مستقبل التعاون والتنسيق الأمنى بين دول المنطقة وإسرائيل بسبب حساسية موقفهم الراهن من الولايات المتحدة الأمريكية)، وربما هو الأمر الذى قد تستغله العديد من الجماعات الإرهابية المتطرفة لشن هجمات متواصلة على أهداف أمريكية وإسرائيلية، نظراً لحالة الفراغ الأمنى التى خلفتها الولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة لصالح كلاً من الصين وروسيا، واللذين باتا مكوناً أساسياً فى أجندة السياسة الخارجية المصرية والعربية والخليجية، خاصةً فى ظل “تصاعد التدخلات الأمريكية فى الشؤون الداخلية لمصر وبلدان المنطقة فى مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان”، والذى وصل ذروته وتصاعدت وتيرته مع تجهيز الولايات المتحدة الأمريكية لمؤتمر يجمع كل الدول الديمقراطية فى العالم، وتم خلاله إستبعاد كافة دول المنطقة بإستثناء “العراق وإسرائيل”، وهو الأمر الذى سيؤثر حتماً على (خطط السلام الإسرائيلية برعاية أمريكية مع دول الخليج والمنطقة، فضلاً عن إعطاء الولايات المتحدة الأمريكية الضوء الأخضر بذلك للحركات والميليشيات الإرهابية المتطرفة لإستهداف أمن الدولة العبرية، وربما تردد كافة البلدان الخليجية ودول المنطقة فى توقيع وإستكمال إتفاقيات سلام جديدة مع إسرائيل، بالنظر للتدخل الأمريكى فى شؤونهم الداخلية).
وهو الأمر الذى ساعد فى إعتقادى على “تقسيم العالم وبلدان الشرق الأوسط فى الوقت الحالى ما بين التوجه لواشنطن أو للقوتين الصاعدتين عالمياً، وهما: الصين وروسيا”. ومن ثم، بات يتم الإعتماد بكثافة على القوة الإقتصادية للصين، من خلال مبادرتها للحزام والطريق، والإعتماد على تمويلها وخبرتها بعيداً عن فكرة “المشروطية السياسية الأمريكية”. فمثلاً نجد أنه على الجانب المصرى، كان من غير المرجح أن تترجم مشاريع بارزة على أرض الواقع على غرار (العاصمة الإدارية الجديدة والمنطقة الصناعية الجديدة لقناة السويس) بشكل عملى لولا تلك المساعدات الصينية لبلدان المنطقة ومصر فى المقام الأول.
ومن هنا، فإن خطأ تلك السياسات الأمريكية الراهنة، سيؤثر حتماً فى أمن إسرائيل، كما (سيضعف حتماً تلك الرغبة والحماسة لدى العديدين فى المنطقة، ممن كانت توليهم الولايات المتحدة الأمريكية المزيد من الإهتمام لتوقيع وإبرام المزيد من إتفاقيات السلام والتطبيع السياسى بين حليفتها الإسرائيلية ودول أخرى فى الخليج العربى والمنطقة) برعاية أمريكية بالأساس. وبناءً عليه، سنقوم بتحليل عدد من الأسس والمؤشرات التالية لفهم تداعيات تلك الخطوة الأمريكية لإستبعاد بلدان المنطقة على مصالحها فى المنطقة وعلى أمن إسرائيل ذاته، على النحو الآتى:
– أولاً: العلاقة بين عدم دعوة مصر وبلدان المنطقة لمؤتمر الديمقراطيات الأمريكية فى ديسمبر ٢٠٢١، ونجاح ثورة (٣٠ يونيو فى مصر) بقيادة الرئيس “السيسى” وتحالف المؤسسة العسكرية المصرية لإرا.ة الشعب، بفشل السياسات الأمريكية فى (دعم ثورات الربيع العربى وسقوط تيارات الإسلام السياسى المدعومة أمريكياً)
تبدو أهمية “ثورة ٣٠ يونيو” فى مصر كاشفة لإزدواجية المعايير الأمريكية تجاه إرادة الشعوب العربية نفسها ضد المصلحة الأمريكية، والتى تزايدت بعد ترشيح الرئيس “السيسى” للرئاسة، فى الوقت الذى تراجعت فيه شعبية الولايات المتحدة الأمريكية فى مصر، عقِب موقفها من ثورة ٣٠ يونيو، وما تلاها من موجة الأحداث السياسية التى تلت ٣٠ يونيو، وهو الموقف الذى ربما لم يرض أحداً، سواء من فئة المؤيدين الذين كانوا يريدون تأييداً واضحاً من واشنطن، أو حتى من فئة المعارضين، والذين كانوا يريدون موقفاً أقوى من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما لم يتم (بتخاذل واشنطن عن الوقوف لتأييد أى طرف)، فضلاً عن إثبات الفشل الأمريكى فى تمرير ديمقراطيتها فى المنطقة بفشل ثورات الربيع العربى، وسقوط حكم الإخوان المسلمين فى مصر ثم لاحقاً فى تونس والسودان وتنامى ضعف تيارات الإسلام السياسى فى المنطقة.
وهنا يمكننا إيجاد علاقة منطقية بين (أسباب رفض واشنطن لدعوة مصر لمؤتمر الديمقراطيات الأمريكية فى ديسمبر ٢٠٢١، وثورة ٣٠ يونيو فى مصر)، وفشل ثورات الربيع العربى وسقوط حكم الإخوان المسلمين فى مصر، وذلك على النحو الآتى:
1) يمكننا فهم وتحليل (دور وتأثير جماعة الإخوان المسلمين ومؤتمراتها الأخيرة ولقاءاتها مع عدد من المسؤولين الأمريكيين، وتوالى تصريحات شخصيات تنتمى لجماعة الإخوان المسلمين بشأن “إتفاقهم مع النهج الجديد للإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس “جو بايدن” فى عدم توجيه دعوات للدولة المصرية وبلدان المنطقة)، نظراً لفشل ثورات الربيع العربى، والتى أفرزت حكومات إخوانية مدعومة أمريكياً.
2) وبدأ نشاط كافة التنظيمات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين فى الولايات المتحدة الأمريكية، بعد (ثبوت نجاح “ثورة ٣٠ يونيو فى مصر” ومجئ الرئيس “السيسى” وتحالف المؤسسة العسكرية والجيش المصرى مع الجماهير المصرية فى الشوارع)، مع فشل جماعة الإخوان المسلمين، وإثبات فشل ثورات الربيع العربى فى معظم الأقطار العربية والمدعومة أمريكياً.
3) لذلك بدأت محاولة الولايات المتحدة الأمريكية (وضع خطة لإستعداء الشعوب العربية على حكامها أو تسليط الضوء على أحداث غير حقيقية لإلهاء العالم العربى والمنطقة فى أحداث فرعية بمساعدة جماعة الإخوان المسلمين النشطة أمريكياً)، وذلك فى نفس الفترة والتوقيت التى كانت تشهد فيه إعادة بناء دول الربيع العربى من جديد، وعلى رأسها بداية بناء الدولة المصرية الجديدة بالأساس.
4) والأمر الجدير بالدراسة والتحليل هنا، هو تقدم عضو الكونغرس الأمريكى “فرانك وولف” بمذكرة لمجلس النواب الأمريكى مطالباً فيها بالتحقيق مع الرئيس الأسبق “باراك أوباما” ووزيرة خارجيته “هيلارى كلينتون”، وذلك عقب فوز مرشح الإخوان المسلمين فى مصر “محمد مرسى” فى ٢٠١٢، بتهمة (دعمهما للجماعة بما يقرب من ٥٠ مليون دولار فى الإنتخابات الرئاسية خلال جولة الإعادة).
5) فقد أعلن وقتها عضو الكونغرس الأمريكى “فرانك وولف” بعد فوز جماعة الإخوان المسلمين ومرشحها للحكم، بأن: “الساسة الأمريكان قد دعموا نشاط جماعة الإخوان المسلمين وأجندتها السياسية فى مصر”، وذلك على حساب أطراف أخرى لا تروق لواشنطن.
6) كما وجه النائب “فرانك وولف” إتهامات مباشرة إلى الرئيس الأمريكى الأسبق “أوباما” والإدارة الأمريكية ذاتها، متهماً البيت الأبيض (بخلقه لممارسات غير مشروعة سياسياً لدعم جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، وتهدف لخلق مناخ وحالة من الفوضى فى المنطقة)، من خلال (دعم جماعة الإخوان المسلمين، والتضحية بالمصالح الأمريكية فى سبيل دعم مشروع الإسلام السياسى)، وعلى الرغم من أنه لم يتم تصعيد القضية فإنها كان ذات صدى واسع داخل الكونغرس الأمريكى، وأعيد فتحها مرة أخرى بعد ثورة ٣٠ يونيو وعزل مرسى، إلا أنه تم التكتم عليها لاحقاً.
7) ويمكننا هنا ملاحظة وتفسير ما ذهب إليه عضو الكونغرس الأمريكى “فرانك وولف” من تأكيده حول (تعمد التشكيك من قبل منظمات لجماعة الإخوان المسلمين فى واشنطن لكافة خطط وتوالى نجاحات بدء تنفيذ وإعادة بناء المؤسسات المصرية وعاصمتها الإدارية الجديدة بأسس مختلفة وأفكار عصرية)، وتعمد تلك التنظيمات تسليط الضوء على السلبيات دون التعرض للإيجابيات من بناء منشآت وكبارى وطرق جديدة تمت جميعها فى عهد الرئيس “السيسى”، وتعمد كافة التنظيمات الإخوانية أيضاً بمساعدة أمريكية بالأساس بالعمل على (إشعال وتقسيم المنطقة، وإزدياد وتنامى حدة التنافس الإقليمى والإستقطابات بين كافة الأطراف والقوى داخلياً وخارجياً).
8) وإعتبر النائب “فرانك وولف” فى الكونغرس الأمريكى وكافة المؤيدين له، بأن: “ما تم من محاولات لإشاعة الفوضى والإضطراب فى مصر ودول ثورات الربيع العربى بمساعدة تنظيمات الإخوان المسلمين متعمداً، وذلك فى نفس الفترة، التى يجب أن يتمتع فيها السياسيون بالحنكة لعدم إستدراجهم إلى معارك جانبية تضيع مكتسباتهم وإنجازات شعوبهم”. لذلك كان التصرف السليم وفقاً للعقلاء، بضرورة أن يتفرغ الجميع فى مصر والمنطقة العربية فى المقابل إلى بناء الداخل.
9) ويمكننا هنا تتبع (خريطة ونشاط كافة فروع المنظمات الإخوانية فى الولايات المتحدة الأمريكية بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين فى مصر)، بشكل مشابه لإستراتيجيتها وتنظيماتها الممتدة فى بريطانيا وأوروبا، إلا أنها كانت أكثر نخبوية فى الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال منظمات جماعة الإخوان المسلمين المعروفة بالإسم فى الولايات المتحدة الأمريكية، مثل: (رابطة الطلبة المسلمين MSA والتى بدأت سنة ١٩٦٣، المعهد العالمى للفكر الإسلامى، والذى أنشأ فى الأراضى الأمريكية منذ عام ١٩٨٣، الجمعية الإسلامية فى شمال أمريكاISNA ، لجنة الشؤون الإسلامية الأمريكيةCAIR والتى تأسست فى عام ١٩٩٤)، وغيرها من تلك المنظمات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين عالمية النشاط والتأثير داخل الولايات المتحدة الأمريكية ومختلف البلدان الأوروبية، والتى هدفت جميعها إلى إحداث محاولات مستمرة للتأثير على موقف حكوماتهم تجاه مصر ودول ثورات الربيع العربى.
10) كذلك بدأت مؤشرات (تنظيم صفوف والقواعد التابعة للإخوان المسلمين داخل الولايات المتحدة الأمريكية بعد مجئ إدارة الرئيس الديمقراطى “جو بايدن”)، بهدف التأثير على صورة الديمقراطية فى مصر والمنطقة. وذلك من خلال نشاط نظام الأسر التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، والمنتشرة تقريباً فى جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتمثلت مهمة كل أسرة فى (تثبيت جذورها فى المنطقة التى هى فيها، من خلال التأثير على أكبر عدد من المحيطين بها)، والإهتمام بالقادمين الجدد التابعين لجماعة الإخوان المسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك توالى إنشاء المدراس والمساجد والعيادات الجديدة لتوسيع نفوذهم داخل المجتمع الأمريكى والتواصل مع كافة دوائر صنع القرار السياسى الأمريكى للترويج لفشل الديمقراطية المصرية وسقوط تيارات الإسلام السياسى الموالية لواشنطن ولديمقراطيتها
11) وبدأت كافة تلك التنظيمات الأمريكية لتنظيم الإخوان المسلمين فى (الترويج لفشل الديمقراطية فى مصر ودول المنطقة بعقد مؤتمرات والدعوة إليها، والزعم برفض الأنظمة الحالية للديمقراطية على الطريقة الأمريكية، بل ووضع الخطط المختلفة للإدارة الأمريكية الديمقراطية للكشف عن طرق مختلفة لإحراج الأنظمة العربية الرافضة للمشروع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين)، وعلى رأسها الدولة المصرية ومؤسستها العسكرية.
12) ونشطت المنظمات الإخوانية الدولية القديمة منها، بالتواصل والتقارب من دوائر صنع القرار الأمريكى، ومنها: “رابطة الطلاب المسلمين” MSN، وهى الرابطة التى أسسها الإخوان المسلمين، وهى من أهم المؤسسات التى نشطت فى الجامعات الأمريكية، وخرج منها حوالى ٦٠٠ رابطة طلابية داخل الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن. مع (محاولة التأثير على المسؤولين الأمريكيين لممارسة ضغوط على أنظمة الحكم فى مصر والمنطقة، لذلك، توالت تنظيم عدة مؤتمرات كبيرة لجمع وحشد وتوسيع قاعدة المؤيدين لأجندة الإخوان المسلمين داخل المجتمع الأمريكى ومراكزه الفكرية والبحثية)، وبالأخص دوائر النفوذ والتأثير الأمريكية.
13) ونجد أن أخطر التصريحات الأمريكية فى هذا الإطار، هى تحليل المفكر الأمريكى المعروف “نعوم تشومسكى” وكشفه لتعمد التدخل الأمريكى فى شؤون مصر والمنطقة بعد فشل ثورات الربيع العربى المدعومة أمريكياً، بقوله بأن: “نسبة المعارضة الشعبية للولايات المتحدة فى مصر – وهى أهم دولة – تبلغ ٨٠%، ولذلك فإن أمريكا وحلفاءها لا يريدون حكومات تعبر عن إرادة الشعوب، فلو حدث هذا فلن تخسر أمريكا فقط سيطرتها على المنطقة ولكنها ستطرد منها أيضاً”، ويضيف: “أن مصر وتونس والدول المثيلة لها التى لا تعد مصدراً أساسياً للنفط فتوجد لها خطة يتم تطبيقها نمطياً من قبل واشنطن ولا تحتاج عبقرية لفهمها”.
14) ونجد أن هذا النمط من الدعم الأمريكى للديمقراطية المزعومة داخل أقطار عدة حول العالم، بالشكل الذى تحدث عنه المفكر الأمريكى المعروف عالمياً “نعوم تشومسكى” قد شهدنا له العديد من السوابق والشواهد حول العالم مراراً وتكراراً، فقد حدث مع (سيموزا فى نيكاراغوا، الشاه فى إيران، ماركوس فى الفلبين، ديفيلييه فى هاييتى، زعيم كوريا الجنوبية، مابوتو فى الكونغو، تشاوشيسكو مفضل الغرب فى رومانيا، سوهارتو فى أندونيسيا). بإعتباره أمر نمطى تماماً ودائم الحدوث، وينطبق على حالات عديدة، وعلى رأسها (دول ثورات الربيع العربى).
15) وفى نفس السياق، أشار الأكاديمى الأمريكى “روبرت سبينسر”، كمتخصص فى شؤون الحركات الإسلامية المتشددة، بأن: “جماعة الإخوان المسلمين كانت قد عملت بشكل نشط لعدة عقود سابقة داخل أروقة صنع القرار السياسى الأمريكى”، وذلك من خلال عدة جبهات، مثل: (مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، جمعيات الطلاب المسلمين، الجمعية الإسلامية لشمال أمريكا)، فضلاً عن ٢٩ منظمة أخرى تعمل فى الولايات المتحدة الأمريكية تحت مظلات وأسماء متعددة، وأطلقت عليها وكالة التحقيقات الفيدرالية الأمريكية بأنها (منظمات لجماعة الإخوان المسلمين ذات إمتدادات دولية).
16) ويفسر الباحث الأمريكى “روبرت سبينسر” أسباب نجاح وتنامى قوة جماعة الإخوان المسلمين فى مواجهة أنظمة الحكم ودول ثورات الربيع العربى والشرق الأوسط، بالتأكيد على كونها (مدعومة أمريكياً)، بالإشارة لكون (معظم تلك المنظمات الدولية للإخوان المسلمين قد تأسست فى فترة الثمانينيات، وقد ظلت تلك الجبهات تعمل مثل “لوبى ضغط” على قرارات البيت الأبيض تجاه مصر ودول المنطقة، وذلك حتى بعد ثبوت فشل السياسات الأمريكية تجاه دعمهم بعد فشل جماعة الإخوان المسلمين)، حتى مع ثبوت عجز واشنطن عن دعمها لهم بعد فشل ثورات الربيع العربى المدعومة أمريكياً بالأساس.
17) والشئ الأعجب هنا، هو مطالبة الجانب الأمريكى لمصر بتحقيق الإستقرار فى نفس الوقت الذى يدعمون فيه جماعة الإخوان المسلمين داخل أروقة صنع القرار السياسى فى واشنطن نفسها لإشاعة الفوضى فى مصر ودولنا العربية. وهذا هو ما نجده فى تصريحات علنية منشورة، بأن “مجلس الأمن القومى الأمريكى” قد أقر فى معظم سياساته وتوجهاته تجاه مصر والرئيس “السيسى” فى حقبة ما بعد الإخوان المسلمين، بأن “المطلب الأمريكى الأول من القاهرة، هو حفظ الأمن والإستقرار المحلى والإقليمى بأى وسيلة”، معتبراً بأن:
“مهمة الطرف المصرى والرئيس السيسى تستلزم فى تلك المرحلة ضرورة الحفاظ على أمن وإستقرار إسرائيل ودول الجوار الإسرائيلى، وذلك كركيزة أساسية فى تركيبة الشرق الأوسط الجيو – إستراتيجية، والتى توليها الإدارات والحكومات الأمريكية المتعاقبة أهمية بالغة”
ومن خلال تحليلنا السابق للمشهد، نستطيع إيجاد علاقة منطقية بين الدعم الأمريكى لجماعة الإخوان المسلمين، وممارستها ضغوط داخيلة على الإدارة الأمريكية بقيادة “جو بايدن”، وإستبعاد مصر وكافة بلدان المنطقة من المشاركة فى مؤتمر الديمقراطية العالمى الذى دعت إليه واشنطن نفسها وفقاً لمعاييرها الخاصة. وهو ما يعد أول وأهم ما يتم تدريسه لطلبة العلوم السياسية، وهو أن السياسة قائمة على المصلحة، وأنه لا توجد صداقة فى العلاقات ما بين الدول، وكما قال “وينستون تشرشل” سابقاً: “لا يوجد شىء إسمه الصداقة الدائمة ولكن هناك شىء إسمه المصلحة الدائمة”، لذلك فإن تحقيق كل طرف لمصلحته هو الأساس فى العلاقات ما بين الدول، ولذلك فإن الأولولية الملحة للسياسيين فى (حقبة ما بعد الثورات)، هى: تحقيق مصلحة شعوبهم ودولهم، بالمحافظة على المكتسبات الثورية التى حققها الجميع بعيداً عن أية ضغوط أو إستفزازت خارجية كما هو الحال فى المشهد الأمريكى الراهن تجاه مصر ودول المنطقة ودور جماعة الإخوان المسلمين فى الداخل الأمريكى ذاته.
– ثانياً: إنعكاس بناء (الجمهورية الجديدة فى مصر) بقيادة الرئيس “السيسى” والدور الصينى فى مشروعات (العاصمة الإدارية الجديدة)، والتنافس الإسرائيلى ضد مصر فى (قطاع الطاقة والغاز الطبيعى فى شرق المتوسط بدعم أمريكى)، على (سياسة الإستبعاد المتعمد) لمصر ودول المنطقة فى مؤتمر الديمقراطيات الأمريكية بقيادة “جو بايدن”
منذ نجاح ثورة ٣٠ يونيو ورحيل حكم الإخوان المسلمين فى مصر، ثم مرحلة تأسيس الدولة الجديدة، ثم إلى التغيرات التى أحدثتها سياسة البناء والإنشاءات، ثم المؤتمرات الدولية التى تحرص القيادة المصرية على الحضور إليها أو إستضافتها كالمؤتمرات الشبابية والمناخية، فقد عزز كل ذلك من حجم النجاحات والتغيرات التاريخية التى حققتها الدولة المصرية. لقد قاد الرئيس “السيسى” والمؤسسة العسكرية الجماهير المصرية لتحقق قفزة تاريخية من الثراء إلى القوة، والتى تم تدشينها بإنشاء (العاصمة الإدارية الجديدة) بدعم وإستثمارات صينية كبير. ويمكننا هنا بإختصار (الربط وإيجاد علاقة منطقية بين بناء الجمهورية الجديدة فى مصر والدور الصينى فى مشروعات القاهرة، وتعمد عدم دعوة مصر ودول المنطقة المهتمة بالبناء لمؤتمر الديمقراطيات الأمريكية)، من خلال:
١) وصف الرئيس “عبد الفتاح السيسى” كافة تحركات الدولة المصرية فى إتجاه التطوير الكلى والشامل لكافة القطاعات فى السنوات الأخيرة بـ “إعلان جمهورية جديدة وميلاد دولة جديدة بإفتتاح العاصمة الإدارية الجديدة بالقاهرة”. ووفقاً لمضمون كلمات الرئيس “السيسى”، والتى وصف فيها المشروعات الجديدة التى تفتتحها مصر خلال الفترة المقبلة، بأن “العاصمة الإدارية الجديدة إعلان للجمهورية الجديدة بعد فترة صعبة مرت بمصر”.
٢) كذلك إهتمت القيادة السياسية فى مصر بإنشاء مدن جديدة، تعرف ب (مدن الجيل الرابع)، والتى تعتبر نقطة التحول فى القطاع العقارى بمصر، ويبلغ عددها نحو ٢٠ مدينة، ومن المتوقع أن تستوعب نحو ٣٠ مليون نسمة، ومن أبرز هذه المدن: (العاصمة الإدارية الجديدة، العلمين الجديدة، الجلالة، المنصورية الجديدة، الإسماعيلية الجديدة، غرب أسيوط، شرق بورسعيد، غرب قنا).
٣) وتأتى (العاصمة الإدارية الجديدة) على قمة التطوير العمرانى الذى تشهده مصر حالياً بإستثمارات صينية ودولية متنوعة، حيث ستكون هذه العاصمة مقر مركز قيادة الدولة الإستراتيجى، ومركز سياسى وثقافى وإقتصادى رائد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك على أسس جديدة، بما تتضمنه من معايير عالمية متطورة بإنشاء (مدينة المال والأعمال)، كمركز يخدم القاهرة الكبرى ومحافظات قناة السويس الثلاث (بورسعيد، الإسماعيلية، السويس)، وستكون من أكبر المراكز فى الشرق الأوسط والمنطقة، بما يخدم توجه الدولة الساعية إلى (دعم مستقبل نفوذها فى المنطقة ليشكل ركيزة لمشروعاتها الإقتصادية فى البحر المتوسط وتأمين الملاحة فى البحر الأحمر وقناة السويس).
٤) ونجد هنا بأن (دخول الإستثمارات الصينية المتنوعة فى العاصمة الإدارية الجديدة وقناة السويس) وغيرها، يعد من أحد الأسباب الرئيسية التحليلية التى يفهم منها (زيادة حدة التنافس والإستقطابات الدولية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا فى مصر وكافة بلدان المنطقة)، بما يجعل كل طرف يشكك فى قدرات من يدعمه من أطراف أخرى، وهذا هو الحادث الآن.
٥) كذلك فإن (التنافس الإقليمى والإستقطابات الأمريكية الإسرائيلية فى مواجهة مصر فى قطاع الطاقة وإكتشاف حقل الغاز الطبيعى فى شرق المتوسط)، وتوقيع إتفاقية شرق المتوسط بين “مصر، اليونان، قبرص”، ودخول الجانب الإسرائيلى كمنافس فى مشروعات الطاقة والغاز الطبيعى لمصر، كان أحد الأسباب الرئيسية لإستبعاد مصر عن الدعوة الأمريكية لحضور قمة الديمقراطية، لأسباب (تتعلق بالتنافس الإقليمى بين إسرائيل فى مواجهة القاهرة فى قطاع الطاقة والغاز الطبيعى فى منطقة شرق البحر المتوسط).
٦) ومع دعم الولايات المتحدة الأمريكية لحليفتها الإسرائيلية فى مواجهة ودعم (قطاع الطاقة فى مصر وتحقيقه لإنجازات غير مسبوقة ودخول إسرائيل كمنافس)، وذلك خلال السنوات الأخيرة، فقد أدى ذلك إلى (تغيير مشهد الطاقة بالكامل لصالح مصر، والقضاء على الفجوة الكبيرة بين الطلب والعرض)، والتى إعتبرتها واشنطن بأن “مصر واحدة من ضمن الدول العشرة الأولى على مستوى العالم التى تمتلك إحتياطيات كبرى من الغاز الطبيعى بالمياه العميقة”. وذلك وفقاً لتقديرات الموقع الأمريكى المعروف “بيانات الطاقة العالمية”.
Global Data energy
٧) وربما كان من أكثر ما أثار حفيظة الجانب الإسرائيلى تجاه مصر، هو تلك الإنجازات المصرية فى تحقيق الإكتفاء الذاتى من الكهرباء وتصديرها إلى الخارج، وفوز (مشروع توليد الطاقة الشمسية بمنطقة بنبان بمحافظة أسوان) بالجائزة السنوية كأفضل مشروعات البنك الدولى لعام ٢٠١٩ تميزاً على مستوى العالم، ونجاح مصر فى (التحول إلى مركز إقليمى للطاقة فى مواجهة إسرائيل)، كان ذلك كفيلاً بلعب إسرائيل دوراً سلبياً للتشكيك فى نجاحات الدولة المصرية بقيادة الرئيس “السيسى”، والتى يعد من أسهلها هو (مدخل الديمقراطية).
٨) ويذهب تحليلى للأمر، بأن إلتفات أنظار العالم كله نحو (المؤتمرات السنوية للشباب) التى دعا إليها الرئيس “السيسى”، وحرصه على إستضافة (مؤتمرات للشباب المصرى والدولى لإرساء أسس السلام العالمى)، كان السبب الأساسى وراء “الغضب الإسرائيلى لعدم قدرتهم على إستضافة وتدشين مؤتمرات مماثلة للشباب دولياً وتوجه شباب العالم نحو القاهرة”، من خلال تحقيق الرئيس “السيسى” لنتائج ملحوظة وخلق وضعاً جديداً فى الدولة المصرية بالنسبة للشباب على كافة الأصعدة، لذلك فإن (إسرائيل من مصلحتها مع شريكتها الأمريكية لفت أنظار وإنتباه العالم للديمقراطية الإسرائيلية ودعوتها بمفردها لمؤتمر الديمقراطيات الأمريكية، كمنطقة جذب للشباب حول العالم من الباحثين عن الديمقراطية). وفقاً للترويج الأمريكى لذلك لدعم الجانب الإسرائيلى كدولة ديمقراطية وحيدة متفردة فى المنطقة.
وبناءً عليه، يمكننا فهم واقع الإنجازات التى حققتها الدولة المصرية فى السنوات الأخيرة، وتدشين (عصر الجمهورية الجديدة)، وإعتباره بمثابة عصر جديد تشهده مصر بكافة قطاعاتها وفئاتها وتحويلها لمركز إقتصادى وإستثمارى عالمى، بعد توالى الإنجازات والإصلاحات والمشروعات القومية، والتى ستجعل جميعها مصر دولة قوية قادرة على المنافسة فى الإقتصاد العالمى وأكثر تأثيراً فى محيطها الإقليمى، وذلك هو السبب البعيد المدى، والذى ربما لم يلتفت إليه الكثيرون حول (الدور الإسرائيلى والدعم الأمريكى الموالى له فى الترويج لإسرائيل كدولة ديمقراطية وحيدة متفردة فى الشرق الأوسط والمنطقة).
– ثالثاً: تأثير عدم دعوة الرئيس “السيسى” إلى “مؤتمر الديمقراطيات فى العالم” للرئيس الأمريكى “جو بايدن” على (أمن إسرائيل والمنطقة وإنتشار الإرهاب والتطرف، وفشل خطط السلام والتطبيع الإسرائيلية المدعومة أمريكياً) مع بلدان الخليج العربى والمنطقة
لقد لعبت الدبلوماسية المصرية دوماً (دور الوساطة الإيجابى لتعزيز وقف إطلاق النار بين الفلسطينين والإسرائيليين، وبالأخص فى أحداث غزة الأخيرة ٢٠٢١، وكانت مصر على إستعداد للعمل مع الجميع وإسرائيل)، من أجل تعزيز الوصول إلى تسوية مبكرة وشاملة وعادلة ودائمة للقضية الفلسطينية على أساس “حل الدولتين”، والعمل معاً للمساهمة فى تحقيق سلام دائم فى الشرق الأوسط. وتعتبر إسرائيل كحليفة وثيقة من الولايات المتحدة الأمريكية بأن “تفكيك البنية التحتية للإرهاب هو أول خطوة فى خريطة الطريق نحو السلام والإستقرار فى المنطقة، بل أنه يشكل أساساً صالحاً لأية مسيرة سلمية”. كما أكدت إسرائيل على الدوام بأن “بناء وتحقيق السلام يتطلب خلق جو إيجابى بين كافة أطرافه فى جو خالٍ من الإرهاب والتحريض، بما يشجع على بذل الجهود من أجل التوصل إلى التفاهم بين أطرافه”.
ولكن فإن تجنب الإدارة الأمريكية الحالية للرئيس “جو بايدن” دعوة الجانب المصرى وكافة الأطراف والقوى العربية لعدم حضور مؤتمر الديمقراطيات فى العالم، بإستثناء إسرائيل والعراق فقط من قلب المنطقة العربية، سيكون له (تداعيات سلبية وخطيرة على أمن الدولة العبرية، وسيضعف من خطط السلام الإسرائيلية العربية بوساطة أمريكية)، ويمكن تحليل ذلك من خلال:
١) من الممكن أن (تتخذ الدول العربية خطوات جماعية لوقف خطط السلام والتطبيع السياسى مع إسرائيل برعاية أمريكية)، بسبب الحساسية المفرطة لوصف أو وصم الولايات المتحدة الأمريكية لها بكونها “دول غير ديمقراطية”، وبالتالى عدم دعوتها لمؤتمر الديمقراطيات الأمريكية. وهو ما قد يساهم فى توقف وتجميد كافة الإتصالات المتعددة الأطراف التى كانت تشجعها واشنطن على التعاون الإقليمى بين بلدان المنطقة وإسرائيل. مع إغفال الجانب الأمريكى بأن (التحرك إلى الأمام والتعاون فى مجالات تؤثر على حياة جميع الذين يعيشون فى هذه المنطقة سيساهمان نفسياً فى مواجهة القضايا السياسية المعقدة التى يجب التعامل معها وحلها).
٢) وكذلك فإن خطورة تلك الخطوة الأمريكية فى تجنب دعوة مصر رغم كونها من أهم المساهمين فى الإستقرار الإقليمى، وفقاً لتقرير منشور صادر عن “هيئة الأمن القومى الأمريكى”، سيؤدى بصورة مستمرة لتصاعد تلك الهجمات الإرهابية التى تستهدف الأمن فى شبه جزيرة سيناء، والتى يمكن فهمها بتوالى الإحتجاجات الإسرائيلية لمثل هذه الأعمال التى تؤثر على أمن إسرائيل.
٣) إن الإستفزاز الأمريكى للقاهرة، سيزيد من أنشطة وعدد الجماعات الإرهابية فى سيناء وتوجيهها للعمل ضد إسرائيل نفسها، ومنها (تنظيم ولاية سيناء) ونشاطه الإرهابى المعروف فى إستهداف كمائن للجيش المصرى فى مدينة رفح وغيرها، كما يحاول، ومعه تنظيم “أنصار بيت المقدس” المرتبط بتنظيم “داعش” الإرهابى، ترهيب المدنيين من خلال مهاجمتهم وتنفيذ عمليات إرهابية، وذلك بالقرب من الشريط الحدودى الموازى لحدود إسرائيل.
٤) ويمكن ملاحظة نشاط (تنظيم الدولة الإسلامية ولاية سيناء)، وإعرابه عن (نيته مراراً وتكراراً ونواياه المعادية لإسرائيل، رغم أن أهدافه الرئيسية للآن لا تزال تركز على إلحاق الأذى والضرر بمصر). وقد بقى هذا هو الحال حتى وسط الضربات الإسرائيلية العديدة التى تم وصفها فى إسرائيل، بأنها “ملحة”، ولن تؤتى ثمارها بدون التنسيق الأمنى المشترك بين إسرائيل والقاهرة للسيطرة على نشاط الجماعات الإرهابية وأنشطتهم وتحركاتهم المتطرفة فى سيناء.
٥) وإذا كانت التقديرات المتعلقة بهذه الضربات التى تشنها تلك التنظيمات الإرهابية فى سيناء، بهدف (تهديد إستقرار تل أبيب وآلية الرد الإسرائيلى عليهم)، فمن المعقول أن نفترض أن قادة تنظيم “الدولة الإسلامية ولاية سيناء” يدركون الدور المتنامى لـ “الجيش الإسرائيلى” فى سيناء. لكنهم مع ذلك، لم يغيروا حتى الآن من سياستهم تجاه إسرائيل، خاصةً مع (إدراكهم لحساسية العلاقات بين القاهرة وواشنطن، نتيجة لعدم دعوة الولايات المتحدة الأمريكية لمصر ولبلدان المنطقة لحضور مؤتمر الديمقراطية).
٦) ولقد تفاقم الوضع الراهن خطورة فى الوقت الحالى، خاصةً بعد الإنسحاب الأمريكى من أفغانستان، وتحدى تنظيم “داعش” لواشنطن بتكثيف هجماته على عدة أهداف رئيسية، خاصةً على “مطار كابول بأفغانستان”، وإعلان تنظيم “داعش” ومقره فى ولاية “خرسان” الأفغانية مسئوليته عن الهجوم ومقتل عشرات الجنود الأمريكان أنفسهم. فمعنى ذلك، بأن (أمن إسرائيل ربما قد بات مهدداً فى ظل التحالف الأمريكى الإسرائيلى الوثيق فى المنطقة وإمتدادات تنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا والعراق “داعش” إلى أرض سيناء فى مصر، بالقرب من مناطق الحدود مع إسرائيل، وبالتالى تهديدها أمنياً).
٧) وعلى الرغم من خسارة قوات تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق وسوريا كل أراضيها تقريباً، فمن هنا (قد تصبح شبه جزيرة سيناء هى “الولاية” الوحيدة المتبقية من التنظيم)، مما يجعل منها ملاذاً مناسباً للمقاتلين من جبهات أخرى، وإستهدافهم جميعاً أمن وتهديد إسرائيل.
٨) كما أن عدم سيطرة الحكومة المصرية على شبه جزيرة سيناء بسبب “ملاحق إتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل”، يحمل فى طياته (إمكانات كبيرة للتنظيم المتطرف لإستهداف أمن الدولة العبرية، إذ يمنحه فرصاً كبيرة لإبتزاز الموارد من السكان المحليين والأفراد العسكريين، وتوسيع دعمه بين السكان، وربما الإستفادة من قربه من الحدود الإسرائيلية).
٩) وهنا تجزم كافة التحليلات الإسرائيلية والأمريكية العسكرية يقيناً، بأن تنظيم “الدولة الإسلامية” وأنصاره فى سيناء، سيبذلون كل ما فى وسعهم من خلال (مواصلة العمل فى إسرائيل أو العمل مع بلدان أخرى لتهديد تل أبيب ذاتها).
١٠) ومع ذلك، فمن المرجح أن تؤدى الوقائع على الأرض إلى جعل سيناء النقطة المحورية التالية لتنظيم الدولة الإسلامية ولاية سيناء، وهذا سيكون أمر أكثر أهمية وخطورة من أى وقت مضى، وسيكون بمثابة (المأزق الأمنى الذى تواجهه إسرائيل بشدة، لذلك، أصبح دعم الجيش المصرى فى معركته ضد تلك التنظيمات الإرهابية وأنشطتهم وتحركاتهم المتطرفة بات واجباً على القيادات الإسرائيلية والأمريكية ذاتها).
١١) ومن هنا، يشكل (تعزيز إستقرار الدولة المصرية وتدعيم سيادتها لحماية إسرائيل أمنياً والحفاظ على أمن سيناء هدفاً استراتيجياً بالغ الأهمية). ففى السنوات الأخيرة، سعت إسرائيل إلى تسهيل تحقيق هذا الهدف بالموافقة على تعديلات مؤقتة على الترتيبات الأمنية لـ “إتفاقات كامب ديفيد”، وهذا ما تم مؤخراً بالفعل. خاصةً مع (توالى الطلبات الأمنية المصرية منذ ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى وقت قريب من الجانبين الإسرائيلى والأمريكى العمل سوياً للحفاظ على أمن سيناء)، وبالتالى عدم تعريض الأمن الإسرائيلى للخطر بسبب توالى تلك الأحداث الإرهابية على أرض سيناء قرب الحدود مع إسرائيل.
١٢) ولعل ذلك يفسر أسباب هذا الطلب المتزايد من القاهرة مراراً وتكراراً للحصول على (إذن من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل نفسها لنشر قوات مدرعة واسعة النطاق فى شبه جزيرة سيناء، وقد وافقت إسرائيل بشكل عام على هذا الطلب، ومنحت مصر تمديدات لإستثناءات المعاهدة وفقاً للحاجة). ووفقاً لتقارير أمنية وعسكرية إسرائيلية منشورة، فإن إسرائيل تساعد أيضاً القوات المصرية بشكل كبير فى مجال الإستخبارات والغارات الجوية فى المنطقة لإحباط العمليات الإرهابية القريبة من حدود تل أبيب.
١٣) ورغم قراءتى لتحليلات أكاديمية أمريكية وغربية، يؤكد فيها محللون غربيون آخرون بأن القاهرة قد منحت “الجيش الإسرائيلى” الحرية المطلقة لإستهداف المقاتلين فى سيناء بواسطة طائرات مأهولة وغير مأهولة بالأفراد. إلا أن النتيجة من وجهة نظرى واحدة، وتتمثل فى أهمية الإتفاق والتنسيق الأمنى المشترك بين إسرائيل ومصر ومعهم واشنطن على “مواجهة نشاط كافة التنظيمات الإرهابية المتطرفة على أمن سيناء لخطورتها المشتركة على أمن إسرائيل والقاهرة”.
١٤) وعلى الرغم من أن مساعدة القاهرة لإسرائيل هو أمراً فى غاية الأهمية، إلا أن هذا الهدف لا يلغى المفهوم الأمنى الأساسى الذى تستند إليه إتفاقية “كامب ديفيد” والملحق العسكرى الخاص بسيناء، بمعنى: (الحفاظ على سيناء كحاجز منيع ضد أى أعمال عدائية مستقبلية قد تطال إسرائيل من مصر).
١٥) وقد أوضحت كافة الأحداث الثورية خلال “فترة ثورات الربيع العربى وثورتى ٢٥ يناير ٢٠١١ وثورة ٣٠ يونيو فى مصر لعام ٢٠١٣” – ولا سيما بعد إقتحام السفارة الإسرائيلية فى القاهرة – خلال أحداث الثورة، بل وما أعقب ذلك من مجئ حكم جماعة “الإخوان المسلمين” بعد بضعة أشهر، هو دليل على مدى عدم إستقرار الوضع، ومدى أهمية إبقاء شبه جزيرة سيناء تحت السيطرة الأمنية المصرية الإسرائيلية، بالنظر إلى (لتنامى وإنتشار الإرهاب والتطرف وحركة السلاح على المدى الطويل، مما يهدد الأمن القومى الإسرائيلى).
١٦) وبالتالى، تشكل سيناء (معضلة حقيقية متنامية للسياسة الإسرائيلية والأمريكية على حد سواء. فمن جهة، بات ينبغى توفير أكبر قدر ممكن من المساعدة للقاهرة لإعادة ترسيخ سيادتها ومنع الصدمات المزعزعة للإستقرار الإسرائيلى). ومن جهة أخرى، يؤدى القتال المستمر إلى إحتمال قيام عدم إستقرار فى حدود سيناء الموازية لإسرائيل، لذلك يجب أن تكون إسرائيل مستعدة لأى سيناريو. ومن ثم، ضرورة التنسيق بين إسرائيل ومصر فى سيناء للقضاء على خطر التطرف والإرهاب والتشدد القريب من الجبهتين المصرية والإسرائيلية على حد سواء.
١٧) ومن هنا، يمكننى تحليل الوضع بشكل دقيق وربما (من زاوية مختلفة تحليلياً)، بأن عدم دعوة مصر من قبل “إدارة الرئيس جو بايدن لمؤتمر الديمقراطيات”، له تبعات وتداعيات خطيرة وطويلة المدى على أمن سيناء بل وعلى الإستقرار السياسى والإقليمى فى المنطقة فى ظل “عدم دعوة أى طرف عربى أو إقليمى لمؤتمر الديمقراطيات بإستثناء إسرائيل والعراق”، وهذا من شأنه أن يزيد من مستوى ودرجة الحساسيات الأمنية بين القاهرة وتل أبيب، كذلك وهو الأخطر عندى تحليلياً، فقد (يشجع تلك التنظيمات والميليشيات المتطرفة الإرهابية على أرض سيناء بالتوغل فى عمق الدولة الإسرائيلية ذاتها)، وبالتالى شن المزيد من الهجمات المزعزعة للإستقرار الأمنى من داخل تل أبيب، وهو الأمر الذى لم تنتبه إليه واشنطن بدقة.
ومن هنا، يمكن فهم وتحليل “ما وراء تلك الخطوة الأمريكية بإستبعاد مصر ودول المنطقة من ديمقراطيتها”، ألا وهو:
(تأثير عدم دعوة القاهرة ودول الخليج العربى والمنطقة العربية برمتها لمؤتمر الديمقراطيات الأمريكية برعاية “بايدن”، سيؤثر حتماً على مستوى الإتصالات المشتركة لتعزيز المزيد من خطط السلام الإسرائيلية مع بلدان المنطقة بدعم أمريكى، وسيؤثر على درجة التنسيق الأمنى والسياسى المشترك بين الأطراف الثلاث (المصرية، الإسرائيلية، الأمريكية)، مما سيزيد من خطر ونشاط وتوغل كافة تلك التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وبالأخص ما يعرف بـ “تنظيم الدولة الإسلامية ولاية سيناء”، فضلاً عن خطورة “تشابك وتنامى إمتداد تنظيم داعش” لداخل سيناء نفسها وشن هجمات ضد إسرائيل)
ومن هنا، فلقد تسببت إدارة بايدن فى (نشر التطرف والإرهاب والتشدد الدينى على أرض سيناء، والتسبب وهو الأهم فى تهديد أمن إسرائيل من الداخل وعلى حدودها)، وهو الأمر الذى ربما لم تحسب له واشنطن حساب من أجل الحفاظ على مصالحها شريكتها الإسرائيلية، لذلك ربما بات يتعين على إسرائيل أن تطالب حليفتها الأمريكية على وجه السرعة بأن تقلل من محاولات إستفزاز جارتها المصرية وباقى الدول العربية والخليجية حتى تلك المطبعة معها، وفقاً لإتفاقيات سلام وتطبيع وتنسيق أمنى وحدودى، وذلك حفاظاً على أمن إسرائيل نفسها، والحفاظ على آلية التنسيق العسكرى الأمنى المشترك بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية، وحتى لا يتحول تعديل الإتفاقية الأمنية الجديدة لكامب ديفيد بالسماح بالتواجد المصرى والتنسيق الإسرائيلى وإنتشارهما العسكرى فى سيناء بعد تعديل ما هو منصوص عليه فى “إتفاقيات كامب ديفيد وملحقها الأمنى”، إلى إستهداف بالغ وشديد الخطورة على الإسرائيليين جميعاً، وبالتالى تقويض وإستهداف مصالح واشنطن بالتبعية فى مصر والمنطقة.
– رابعاً: العلاقة بين (الدعم الأمريكى لتيارات الإسلام السياسى وجماعة الإخوان المسلمين فى مصر ودول ثورات الربيع العربى لمواجهة منافستها الصين الشيوعية)، وإستبعاد المنطقة من مؤتمر الديمقراطيات وإشعال الحرب الباردة فى الشرق الأوسط
ظهرت عدداً من التسريبات الأمريكية فى الوقت الحالى لعدة مراكز فكر أمريكية توصلت لنتيجة خطيرة مفادها: (يجب على الولايات المتحدة الأمريكية إعادة إستخدام نفوذ التيارات الإسلامية المتشددة وتيارات الإسلام السياسى الراديكالى فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لمواجهة الصعود الصينى بالأساس). ومن هنا، فإن أول تطبيق عملى أمريكى لذلك من خلال مؤتمر تقسيم العالم ديمقراطياً، وفقاً للمفهوم الأمريكى، من خلال السيناريوهات المحتملة الآتية:
١) ربما بدأت واشنطن عملياً بإستخدام لعبة التقارب مع التيارات المتشددة فى مواجهة الصين الشيوعية، وهو ما يمكن فهمه من خلال (محاولة الولايات المتحدة الأمريكية حالياً إعادة إستخدام إستراتيجية التقارب مع التيارات المتشددة وتيارات الإسلام السياسى فى مواجهة العدو الشيوعى الصينى والروسى كذلك)، وجعلهم يرفعون شعارات أيديولوجية الغاية منها هى “إشعال المنطقة طائفياً ودينياً وإحداث الفوضى والإضطراب”، ويساعد واشنطن فى ذلك طموحات بعض القوى القومية الوليدة فى الشرق الأوسط، أو ربما بعض الأفراد والمنظمات المدنية ذات المصالح المحدودة الضيقة على حساب وفى مواجهة أوطانهم.
٢) ويعد كتاب (لعبة الشيطان: الإسلام السياسى والولايات المتحدة)، والذى قام بنشره “روبرت درايفوس”، وهو باحث أمريكى متخصص فى الإسلام السياسى، أحد أكثر الجهود الأكاديمية إقتراباً من فهم دعم الولايات المتحدة والغرب عموماً لمشروع ما يسمى بالإسلام السياسى، فضلاً عن عرض وإبراز وتحليل (كافة الخطط الأمريكية الهادفة لإستقطاب التيارات المتشددة فى الشرق الأوسط وتقريبها وإستخدامها أمريكياً لإحداث إضطرابات فى مناطقهم)، وذلك عن طريق تأجيج إستغلالهم فى تحقيق التعصبات المذهبية والطائفية فى العالم العربى.
٣) وهنا عرض مؤلف الكتاب المشار إليه “روبرت درايفوس” للكثير من الخفايا والأسرار عن تلك (التحالفات السرية والغامضة التى عقدتها الولايات المتحدة الأمريكية مع جماعات الإخوان المسلمين والإسلام السياسى فى مصر وغيرها من دول المنطقة)، وذلك على إمتداد عدة عقود لرعاية وتشجيع التيارات الإسلامية الراديكالية، سواء بالإتفاقات السرية الأمريكية معهم أو ربما بالتلاعب بهم أيضاً، وذلك كى (تستخدمهم الولايات المتحدة الأمريكية لاحقاً فى حربها الباردة ضد الصين أيديولوجياً).
٤) وربما جاءت زيارة وزير الخارجية الصينى “وانغ يى” للشرق الأوسط فى مارس ٢٠٢١، والذى قام بتلخيص رحلته فى عدة كلمات للرد الصينى فى الشرق الأوسط على سياسة التحالفات والإستقطابات الأمريكية، بتأكيده: “أن الصين والدول إتفقت على ضرورة إحترام الإستقلال السيادى والكرامة الوطنية لجميع الدول، وتعزيز سبل التنمية المستقلة والمتنوعة”.
٥) كما دعمت وسائل الإعلام الصينية الرسمية حديث وزير الخارجية الصينى “وانغ يى”، وتأكيداته لكافة بلدان المنطقة بأنه: “تم الإتفاق على “معارضة التدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى والإفتراء على الدول الأخرى تحت ستار حقوق الإنسان وحماية النظام الدولى لتكون الأمم المتحدة جوهر النظام الدولى القائم على القانون الدولى والتعددية والإنصاف والعدالة الدوليين”.
٦) وإعتبرت تحليلات مراكز الفكر الصينية، بأن عدم دعوة الولايات المتحدة الأمريكية لبلدان المنطقة فى مؤتمر الديمقراطيات فى العالم، هو (بداية ترك إدارة “جو بايدن” الشرق الأوسط للصين). معتبرة بأن: (تعميق علاقات الصين مع دول الشرق الأوسط خارج نطاق التجارة لابد وأن يقلق الولايات المتحدة الأمريكية)، خاصةً وأن إدارة الرئيس الأمريكى “جو بايدن”، قد اتخذت مؤخراً خطوات لتقليل الإهتمام بالمنطقة، وبالتالى فتح الباب أمام الهيمنة الصينية وفقاً للرؤية الأمريكية.
٧) وربما فى إعتقادى بأن (مؤتمر الديمقراطيات الأمريكية هو بداية الفراغ الأمريكى لصالح الصين وروسيا)، وهو نفسه ما أكده مسؤول كبير سابق فى الأمن القومى الأمريكى، ومستشار مقرب من الرئيس “جو بايدن” فى تقرير منشور فى “صحيفة بوليتيكو الأمريكية”، بتأكيده صراحةً: “إذا كنت ستصنف المناطق التى يعتبرها بايدن أولوية، فإن الشرق الأوسط ليس ضمن المراكز الثلاثة الأولى”، وأضاف: “إنها منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ثم أوروبا، ثم نصف الكرة الغربى، وهذا يعكس إجماعاً بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى على أن القضايا التى تتطلب إهتمامنا قد تغيرت مع عودة المنافسة بين القوى العظمى (مع الصين وروسيا)”.
ومن هنا نستنتج، بأنه مع تنافس الصين على المزيد من النفوذ الدولى لتصبح أكبر قوة فى العالم بحلول عام ٢٠٤٩، وفقاً لإستراتجيتها المعلنة، عسكرياً واقتصادياً وتكنولوجياً وسياسياً، فهنا نجد أنه (من المرجح أن يصبح الشرق الأوسط حاسماً، سواء أعطته الولايات المتحدة الأولوية أم لا).
– خامساً: تأثير إستبعاد مصر وبلدان المنطقة والخليج من مؤتمر الديمقراطية الأمريكية على (تنامى الشعور بالقومية والتوجه شرقاً إلى الصين وروسيا)، وفقدان واشنطن لشركائها وصفقات (مبيعات سوق السلاح الأمريكى فى الخليج العربى والمنطقة) لصالح منافستها الصينية والروسية
لقد تصاعدت فكرة “الشعور بالقومية والتوجه شرقاً إلى الصين وروسيا لدى أبناء الشعب المصرى بعد ثورة ٣٠ يونيو فى مواجهة السياسات والتدخلات الأمريكية فى شؤوننا الداخلية”، فى الوقت الذى يرى فيه غالبية المصريين بأن تزايد تلك الضغوط الأمريكية على مصر، ربما ستكون فرصة سانحة لإثبات وجودنا مع حلفاؤنا فى الشرق كالصين وروسيا. ومن خلال تحليلى لتأثير مؤتمر الديمقراطيات فى الولايات المتحدة الأمريكية، وعدم دعوة مصر وبلدان المنطقة إليه على علاقة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل مع مصر والخليج لصالح تزايد النفوذ الصينى والروسى، سنجد الآتى:
١) مع تزايد إهتمام الصين بالعبور عبر قناة السويس، إستثمرت الصين مليارات الدولارات فى مصر. وتساعد الشركات الصينية فى (بناء العاصمة الإدارية الجديدة لمصر) فى الصحراء خارج القاهرة، وتقوم بتطوير ميناء على البحر الأحمر ومنطقة صناعية فى العين السخنة. وبالتالى، ستستفيد الصين من حالة الغضب من السياسات الأمريكية فى مصر والمنطقة لزيادة التعاون بضخ المزيد من الإستثمارات الصينية فى مصر ودول المنطقة، مما سيهدد المصالح الأمريكية ذاتها، من خلال (تقسيم المنطقة كلها فى مواجهة إسرائيل كواحة للديمقراطية الأمريكية مقابل حالة إستقطاب صينى – روسى لكافة بلدان الشرق الأوسط).
٢) وهنا نجد أهمية التوجه لقوى الشرق بالنسبة للرئيس المصرى (عبد الفتاح السيسى) وهى (الصين وروسيا)، وتحليل قيامه بست زيارات على الأقل إلى بكين منذ توليه منصبه فى عام ٢٠١٤، وذلك مقارنةً (برحلتين أو زيارتين فقط إلى واشنطن). وهنا، لابد من الوضع فى الإعتبار بأنه (قد ينظر بعض القادة فى الشرق الأوسط والخليج العربى ذاته إلى الصين بإعتبارها مناسبة تماماً للهيمنة على منطقتهم)، والتى تتألف، إلى جانب إسرائيل، من دول (تشارك الصين وجهات نظرها بشأن سيادة الدولة وعدم التدخل وحقوق الإنسان).
٣) ربما باتت “فرصة إستعادة التوازن العسكرى المصرى مع إسرائيل عن طريق تسليح الجيش المصرى بالسلاح الروسى أو الصينى الجديد، بدلاً من الأمريكى الحريص على الحفاظ على التفوق النوعة والإستراتيجى لإسرائيل”، ويعتبرها الآخرون بأنها “مرتبطةً، بالدرجة الأولى، بالحصول على دعم خارجى صينى إقتصادى، وتأييداً دولياً لإستعادة الجانب المصرى لدوره بعيداً عن سياسات الإملاءات والمشروطية السياسية.
٤) ولمعرفة الأهداف الحقيقية لعقد مؤتمر الديمقراطيات فى الولايات المتحدة الأمريكية فى هذا التوقيت وسر الإصرار الأمريكى على إستعداء القاهرة والخليج العربى وبلدان الشرق الأوسط، بعدم دعوتهم جميعاً إلى طاولة الدول الديمقراطية حول العالم، وربما ستكون نتيجة ذلك، هى (العمل على إعادة التعاون مع الدب الروسى والتنين الصينى، وما يمكن أن تقدمه الصين بالأساس لمصر فى ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة فى العالم بعد “كوفيد-١٩”، وما يتردد عن كونها ليست سوى محاولة أمريكية لفرض سياسة الأمر الواقع على الجميع)، وحقيقة كشفها لوجود مشكلة فى الحضور الدبلوماسى الأمريكى على الساحة الدولية وفى المنطقة بعد كسر هيبتها لصالح الصين ومشروعاتها التنموية فى المنطقة.
٥) وتتمثل وجهة نظر الرئيس “السيسى” فى هذا الإطار، بأن أكبر خطأ سياسى خلال العهود السابقة كان هو “وضع كل البيض فى سلة واحدة”، أى التودد فقط إلى الولايات المتحدة الأمريكية والبيت الأبيض والعالم الغربى. ويؤمن الرئيس “السيسى”، بأنه: “بات على القاهرة التعامل مع كل قوة عالمية، لكى لا تصبح معتمدة على محور جيوسياسى واحد أو على الآخر”.
٦) فكان أول تطبيق لإستراتيجية الرئيس “السيسى”، هى (محاولة التعاون مع الصين وروسيا وغيرها من القوى الصاعدة على كافة المستويات الثقافية والإجتماعية والسياسية والعسكرية)، فضلاً عن آفاق التعاون الإقتصادى والإستثمارى وهو العنصر الأكثر أهمية للجانب المصرى فى الوقت الحالى.
٧) لذلك، كان أهم ما لفت إنتباهى فى الآونة الأخيرة، هو “التقارب الصينى مع كافة الأحزاب المصرية والعربية والتواصل معها”. وهنا جاء (إستعداد الصين للعمل مع كافة الأحزاب السياسية المصرية والعربية لمواجهة الجماعات المعارضة الجديدة، وكافة أشكال فرض القوى السياسة، ومعارضة التدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى بإسم حقوق الإنسان). وهو بالقطع ما ترحب به مصر وكافة القوى الأخرى فى المنطقة.
٧) وفى المقابل، (تحاول الصين وحليفتها الروسية فى الإستفادة من حالة الحشد والغضب الشعبى والرسمى فى مصر وبلدان الشرق الأوسط وعدم إستضافتهم لمؤتمر الديمقراطيات الأمريكية)، من خلال (المزيد من التقارب وتنسيق السياسات مع كافة دول المنطقة). وتأتى مصر من أوائل الدول المرشحة لمزيد من التقارب مع الجانب الصينى والروسى، بالنظر إلى موقع مصر فى العالم العربى وأفريقيا من أجل تسهيل التعاون الثنائى والجماعى فى كلتا الجبهات (العربية، الإسلامية والأفريقية)، بما يدعم مشاريع “مبادرة الحزام والطريق الصينية”.
٨) وبسبب إستمرار حالة التخبط الأمريكية الراهنة، فضلاً عن (الإصرار الأمريكى على إستعداء مصر والخليج وبلدان المنطقة فى مواجهتها بسبب عدم دعوتهم لمؤتمر الديمقراطيات الأمريكية)، فمن هنا، بات ذلك يعود بنتيجة سلبية ضد الإدارة الأمريكية، بما يجب أن يقلق الولايات المتحدة الأمريكية، خاصةً وأن (بإمكان الصين إستخدام نفاذها إلى كافة الموانئ المصرية وموانئ بلدان الشرق الأوسط، والبدء فى سياسة التحالفات والتحشيد على غرار نفس تلك اللعبة الأمريكية الراهنة)، وهو الأمر الذى سيحسن من مكانة الصين فى الشرق الأوسط، ومعها روسيا بالطبع. وربما سيسهل على الصين وروسيا الإضرار بمصالح واشنطن بسبب حالة الغضب الشعبى والسياسى الحالى منها.
٩) سيحاول الجانبين الصينى والروسى من (الإستفادة من حالة الفراغ الأمريكى فى المنطقة وبالأخص إستغلال فرصة إستعداء واشنطن للمنطقة، لجمع المزيد من المعلومات الإستخباراتية حول المصالح الأمريكية، على غرار مخاوف واشنطن بشأن ميناء حيفا فى إسرائيل)، مما سيهدد النفوذ والحضور الأمريكى برمته فى كافة بلدان المنطقة، نظراً لإستمرار خطأ ونهج السياسات الأمريكية فى مواجهة كافة بلدان المنطقة.
١٠) كما يجب (تقييم المخاوف الأمنية المحتملة الأخرى بسبب عدم دعوة الولايات المتحدة الأمريكية لمصر وبلدان الشرق الأوسط لمؤتمر الديمقراطيات)، وبالتالى إستعدائهم ضدها وتعريض المصالح الأمريكية للخطر، بما فيها: منافسة المبيعات العسكرية الصينية والروسية لمصر وبلدان المنطقة مع المبيعات الأمريكية لها، وربما ستستغل الصين وروسيا الفرصة لطرح نوعية التكنولوجية الصينية والروسية الخطيرة لتفعيل ما يعرف ب (الإستخبارات المضادة فى مواجهة واشنطن).
١١) ويبقى الأخطر على المدى البعيد، والذى يتمثل فى (إنشاء قواعد عسكرية صينية وروسية، وتحديداً فى منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط أو السويس من قبل آلات الحرب أو القوات الصينية والروسية، وبالتالى السيطرة على حركة السلع والأفراد والتجارة العالمية فى مواجهة واشنطن). وربما كان إستعداء الولايات المتحدة الأمريكية لمصر ولبلدان المنطقة فرصة ذهبية للصين وروسيا لإستكمال خططهما البعيدة المدى فى تسهيل عرقلة المصالح الأمريكية والإنخراط مع دول المنطقة فى شراكات متنوعة تهدد المصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط.
ومن هنا، نصل إلى تحليل هام مفاده بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد أسهمت من خلال إصرارها على تقسيم المنطقة والعالم بإستضافة مؤتمر للديمقراطية وإستبعاد بلدان المنطقة من خلاله على (إشتعال حالة المنافسة والإستقطاب العالمى بين القوى العظمى المتنامية، وعلى رأسها الصين وروسيا)، وذلك فى مواجهة التحالفات والإستقطابات وسياسة التحالفات الأمريكية فى المنطقة وحول العالم.
– سادساً: مقارنة جديدة لأول مرة دولياً بين الإنتهاكات الأمريكية لحقوق الإنسان داخلياً وظهور (الحركات المسلحة المتطرفة الأمريكية الجديدة المنادية بالديمقراطية فى الداخل)، والتعمد الأمريكى فى تشويه صورة البلدان حول العالم بعدم رضاؤها عن مستوى ديمقراطيتهم
شهد الداخل الأمريكى فى السنوات الأخيرة (نمو وإنتشار وإعادة إحياء عدد من الحركات الأيديولوجية المتطرفة المسلحة الجديدة فى الداخل الأمريكى)، والتى باتت تتحدى سلطة وأوامر الحكومة الأمريكية توماثل نظيرتها الشيوعية الأمريكية فى فترات سابقة، وتهدف لقيام “ثورة جديدة” فى مواجهة السلطات الأمريكية.
كما أن تفشى كورونا فى الداخل الأمريكى قد تسبب فى تعزيز قوة تلك الحركات المسلحة الأمريكية، فضلاً عن نمو “حركات متطرفة مسلحة جديدة” تتحدى سلطة وأوامر الحكومة الأمريكية تماثل نظيرتها الشيوعية الأمريكية السابقة، ويمكن تتبع خريطة هذه الحركات وأهدافها، كالآتى:
1) نشأة أخطر وأهم حركة مسلحة تسمى “حركة بوجالو” ”Boogaloo Movement” المناهضة للحكومة الأمريكية: بسبب القيود المفروضة بسبب تفشى الفيروس أدى لتغذية حركة “بوجالو” ”Boogaloo Movement” المناهضة للحكومة الأمريكية. والجديد فى “حركة بوجالو الأمريكية” هو تكتيكها المسلح، وحملها “علناً” لبنادق وإرتداء ملابس عسكرية تكتيكية، وكانت بداية إحتشادهم فى ولاية “هاواى” الأمريكية، وفى مبانى عاصمة الولاية للإحتجاج على أوامر الإغلاق بسبب فيروس (كوفيد-١٩) COVID-19. إن المظهر “العسكرى” المميز لحركة “بوجالو” المناهضة للحكومة الأمريكية، هو أكثر ما يثير الإنتباه. وتهدد بشن “حرب أهلية”، كحركة متطرفة تستخدم “الإحتجاجات المسلحة العنيفة وليست السلمية” ضد أوامر الدولة الأمريكية، ونشأت بسبب المشاكل الإجتماعية الناجمة عن الوباء لنشر رسائل عنيفة ضد واشنطن. وكانت بداية إنطلاقها فى شهر أبريل ٢٠٢٠، بخروج متظاهرون مسلحون فى إحتجاجات منظمة متفرقة أمام المبانى الحكومية فى كونكورد، ونيو هامبشاير. والنقطة الجديرة بالإشارة والتحليل هنا، هو أن حركة “بوجالو” المتطرفة باتت تجتذب يومياً العديد من الشباب الأمريكى، ليقول أحد المنتمين لها فى منشور على الفيس بوك، بأن مصطلح “بوجالو” “Boogaloo” بدأ كشئ مضحك، ولكنه تطور إلى رمز أعمق لـ “حركة الحرية” ضد قرارات السلطة الأمريكية.
2) وعلى الجانب الآخر، ظهرت (حركة ميليشيا الثلاثة بالمائة) The Three Percenters Militia Movement فى شهر أبريل ٢٠٢٠: والذين نظموا مسيرة فى مقر “أولمبيا” بالعاصمة “واشنطن”، وحرص المشاركين فى التجمع على إرتداء قمصان “هاواى” لتأييدهم مطالب حركة “بوجالو” المتطرفة المسلحة.
3) وفى شهر مايو ٢٠٢٠، ظهرت حركة متطرفة ثالثة فى الولايات المتحدة، تسمى حركة “بلو إيغلو” “Blue Igloo”: والتى بدأت بمظاهرة فى “رالى” بولاية “نورث كارولينا”، روجت لنفسها على الفيسبوك، ودخلت الحركة فى بعض “المواجهات المسلحة” مع شرطة الولاية.
4) كما ظهرت حركة رابعة عبارة عن أعضاء مسلحين تسمى حركة “ميليشيا ليبرتى” المتطرفة Liberty Militia: وينتشرون بالأساس فى ولاية “ميشيغان”.
5) وظهرت حركة خامسة جديدة تسمى “مجموعة ريت بوجوجى” “The Rhett E. Boogie Group”: من خلال الدعوة على منتديات الفيسبوك، أدى ذلك لتدشين حركة وهو الأمر الذى دعى “جريتشين ويتمر” كممثل عن “الحزب الديمقراطى”، بالتصدى لتلك التهديدات العنيفة.
6) كما خرجت فى شهر مارس ٢٠٢٠ مظاهرات ذات صلة بحركة “النازيين الجدد” Neo-Nazisفى ولاية “ميسورى” الأمريكية: وتم قتل أحد المنتمين لتلك الحركة المتطرفة عندما حاول عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالى إعتقاله، لمحاولته تفجير مستشفى فى منطقة “كانساس سيتى”، وبعد تفشى فيروس كورونا، أعلنت حركة “النازيين الجدد” أن هدفها الجديد هو “بدء ثورة” فى البلاد.
7) وخلال شهر مايو ٢٠٢٠، ظهرت جماعة متعصبة بيضاء تعرف بـــ “شركاء برادلى بن” “Associates” of Bradley Bunn فى ولاية “كولورادو”: وهو الأمر الذى دفع “وزارة الأمن الداخلى الأمريكية” لإصدار تنبيهاً لها. و “برادلى بن” هو جندى سابق بالجيش الأمريكى، تم إعتقاله فى الأول من مايو ٢٠٢٠، بعد عثور عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالى على أربع قنابل أنبوبية فى منزله فى لوفلاند، بولاية كولورادو، مما أدى لتعاطف البعض معه لشجاعته، وكونوا حركة بإسمه.
8) وتم إعادة إحياء حركة “جماعات مجموعات التفوق الأبيض” White Supremacist Groups: والتى بدأ نشاطها منذ عام ٢٠١٩، وأعلنت عن نفسها كحركة يمينية متطرفة، وتضم مجموعة من الميليشيات المسلحة.
وبشكل عام، يمكن ملاحظة وتتبع أهداف هذه الحركات المسلحة الأمريكية وزيادة أنشطتها خاصةً بعد تفشى وباء كورونا وسوء الأحوال الإقتصادية فى الداخل الأمريكى، وجعل البداية من خلال وسائل التواصل الإجتماعى، حيث كتب أحدهم يقول: “الكثير من الأفراد مستاؤون للغاية من الطريقة التى تدار بها هذه البلاد والقوانين التى يتم تمريرها تجرم المواطنين الملتزمين بالقانون”. ولعل الجديد فى فكر هذه الحركات المسلحة المتطرفة الأمريكية، وفقاً لما جاء فى دراسة “برنامج التطرف” بجامعة “جورج واشنطن” هو: أن خطابهم يتجاوز المناقشات حول مكافحة القيود، التى يصفها العديد من المتظاهرين بـ “الإستبداد”، إلى الحديث والخطاب الراديكالى العنيف عن “قتل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالى” أو ضباط الشرطة “لبدء الحرب”.
ومن هنا، نفهم وجود (حالة صراع حقيقى وإستقطاب غير معلن فى الداخل الأمريكى ذاته، ظهرت ملامحه بين حركات اليسار واليمين ونتج عنها حمل السلاح ومقاومة السلطات الأمريكية ذاتها)، وبات هذا الصراع الأمريكى الداخلى واضحاً بين (قوى اليسار واليمين الأمريكى) بعد فشل الرئيس الأسبق “ترامب” فى فترة الإنتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة فى نوفمبر ٢٠٢٠، وربما ستكون هذه الفترة هى التى (ستؤسس للفترة الأمريكية القادمة وستحدد مدى ديمقراطيتها عالمياً بل وكيفية التعامل مع فئات وقطاعات متمردة ومعارضة من الشعب الأمريكى ذاته الرافض للسياسات الأمريكية الداخلية ونهجها غير الديمقراطى)، وسوف تكون (الديمقراطية الأمريكية العالمية نفسها أمام إختبارات صعبة أمام الأقليات التى من المتوقع أن تكون هى المسيطرة على المشهد السياسى الأمريكى بحلول عام ٢٠٤٠ وفقاً لتوقعات علماء الإجتماع والإنثروبولوجيا والإنسانيات الأمريكية)، ومن هنا سيأتى السؤال المهم، بشأن:
(كيف ستقدم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها إلى العالم بعد أقل من ٢٠ عاماً من الآن؟، ولاسيما فى وجود صراع حقيقى داخلى غير معلن على السلطة الأمريكية ودائرة الحكم، وهو ما يهدد المفهوم الأمريكى الذى يروج لفكرة الديمقراطية وحقوق الإنسان من المنظور الأمريكى الضيق)