الدكرورى يكتب عن الصحابي عامر بن فهيرة ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع الصحابي عامر بن فهيرة، فلما نزلوا بعثوا حرام بن ملحان بكتاب الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في الكتاب حتى عدا على الرجل فقتله، ثم استصرخ عليهم بني عامر فأبوا أن يجيبوا إلى ما دعاهم، وقالوا لن نخفر أبا براء وقد عقد لهم عقدا وجوارا، فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم، وهم عصية ورعلا وذكوان والقارة، فأجابوه إلى ذلك، فخرجوا حتى غشوا القوم، فأحاطوا بهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا أسيافهم، ثم قاتلوا القوم حتى قتلوا عن آخرهم، إلا كعب بن زيد أخو بني دينار بن النجار، فإنهم تركوه به رمق، فارتث من بين القتلى فعاش حتى استشهد يوم غزوة الخندق، وكان في سرح القوم عمرو بن أمية الضمري.
ورجل من الأنصار من بني عمرو بن عوف فلم ينبئهما بمقتل القوم إلا الطير تحوم حول العسكر، فقالا والله إن لهذه الطير لشأنا، فأقبلا لينظرا فإذا القوم في دمائهم، وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة، فقال الأنصاري لعمرو بن أمية ماذا ترى، فقال أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فنخبره الخبر، فقال الأنصاري لكني لم أكن لأرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو وما كنت لأخبر عنه الرجال فقاتل القوم حتى استشهد، وأخذ عمرو أسيرا، فلما أخبرهم أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل وجز ناصيته، وأعتقه عن رقبة كانت على أمه، فيما زعم، ثم خرج عمرو بن أمية حتى إذا كان بالقرقرة من صدر قناة، أقبل رجلان من بني عامر حتى نزلا في ظل هو فيه.
وكان مع العامريين عهد من الرسول صلى الله عليه وسلم، وجوار لم يعلمه عمرو بن أمية، وقد سألهما حين نزلا ممن أنتما، قالا من بني عامر فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما وقتلهما، وهو يرى أن قد أصاب بهما ثأرا من بني عامر فيما أصابوا من أصحاب الرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدم عمرو بن أمية على الرسول صلى الله عليه وسلم، أخبره بالخبر، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم، لقد قتلت قتيلين لأدينهما، ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا عمل أبي براء قد كنت لهذا كارها متخوفا، فبلغ ذلك أبا براء فشق عليه إخفار عامر إياه، وما أصاب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببه وجواره.
وأما عن هذا الصحابي الجليل عامر بن فهيرة فكان مولى للطفيل بن الحارث والطفيل هذا هو أخو السيده عائشة رضى الله عنها لأمها، وكان عامر بن فهيرة من المستضعفين من المؤمنين وقد دخل في الإسلام قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم فكان ممن يعذب بمكة ليرجع عن دينه فاشتراه أبو بكر الصديق صلى الله عليه وسلم وأعتقه في سبيل الله وكان يرعى عليه أغنامه، وقد روى البخاري عن السيده عائشة رضى الله عنها قالت ” لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر صلى الله عليه وسلم بغار في جبل فمكثا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبدهما عبد الله بن أبي بكر، ويدلج من عندهما بسحر ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر.
منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيشربان لبن منحتهما حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث وذلك في طريق النبي صلى الله عليه وسلم، إلى الهجرة وتقول السيدة عائشة رضى الله عنها ” لم يكن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة إلى المدينة إلا أبو بكر وعامر بن فهيرة ورجل من بني الديل وهو دليلهم” ولما هاجر عامر بن فهيرة إلى المدينة نزل على سعد بن خثيمة وآخى النبي صلى الله عليه وسلم، بينه وبين الحارث بن أوس الأنصاري وقد شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، بدرا وأحدا، وقد أبلى فيهما بلاء حسنا، ويقال أن الرجل الذى قتل الصحابى عامر بن فهيرة، هو جبار بن سلمى.