الجزء الثالث مع الطريق إلى الإنحراف

الدكرورى يكتب عن الطريق إلى الإنحراف ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع الطريق إلى الإنحراف، ومكمن الخطر في هذه المرحلة التي تنتقل بالإنسان من الطفولة إلى الرشد، وهي التغيرات في مظاهر النمو المختلفة الجسمية والفسيولوجية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والدينية والخلقية، ولما يتعرض الإنسان فيها إلى صراعات متعددة، داخلية وخارجية، فلقد أصبح الآن عالم الكمبيوتر والإنترنت للمراهق وسيلة شيقة وممتعة لقضاء وقته وشغل فراغه وإثبات ذاته أمام أصدقائه ومصدرا مهما لتلقي المعلومات، ويختلف استخدام المراهقين للإنترنت فيعتبره البعض وسيلة مساعدة في دراستهم، وبعضهم للتحدث مع أصدقائهم ومنهم من يستخدمه للتسلية، فأصبح معظم المراهقين مولعين بالإنترنت لأسباب عدة.

فيمكن أن يصبح الإنترنت مكان تبادل وتواصل للأسرة كلها، فعندما يسافر الابن للدراسة خارج بلاده فإنه يتواصل مع أهله عبر الإنترنت سواء بالبريد أو المحادثة أو بالاتصال المرئي، والإنترنت وسيلة تعلم مدهشة فيستطيع الطالب جمع المادة العلمية بكل سهولة ويسر، وبالمقابل يشكل الإنترنت فسحة حرية بالنسبة للمراهقين، فهم يستخدمون بريدا خاصا بكلمة مرور خاصة بهم، وبذلك يستطيعون كتابة كل ما يرغبون بعيدا عن الأهل، ويجدون أنها فرصة للتخلص من الضوابط الاجتماعية والدينية والدخول إلى عالم الإثارة التي يعشقها المراهق، ثم إن الانتقال من موقع إلى آخر على الإنترنت يفتح لهم مجال اكتشاف مواقع جديدة ومنتديات لتبادل الحديث.

وهو ما يعرف بالشات من دون الخروج من المنزل، أصبح الإنترنت الرابط الجامع لجيل بأكمله لا يتوقف الحوار أبدا، فيا أيها الأب الكريم، إن أولادك مرآة يعكسون أخلاقك وأعمالك، فإن رأوك تعظم الله وتخافه عظموا الله عز وجل، إن رأوك تخشى الله وتتقيه خشوا الله واتقوه في أعمالهم بتوفيق من الله، إن رأوك ذا محافظة على الصلوات الخمس فى أوقاتها، إن رأوك على هذه الصفة تأسوا بك فحافظوا عليها، إن رأوك معظما لأبيك وأمك فإنهم سيعاملونك كذلك، إن رأوك تجالس ذوى التقى والصلاح بعيدا عن أهل الإجرام والإفساد نفروا من تلك الشلل الفاسدة والمجتمعات الآسنة، إن رأوا منك كلمات طيبة وألفاظا حسنة كانت ألفاظهم كذلك.

وإن سمعوا منك السباب واللعان والقبح والفحش فى الأقوال سمعت منهم مثل ذلك وأشد، فيا أيها الأب الكريم، لا بد من عظة للأبناء ونصيحة لهم، ورسم الطريق الصالح ليسلكوه، وأن الأب ليس مجرد صندوق مالي يحصل من خلاله الأبناء على الأموال اللازمة لشراء احتياجاتهم ومتطلباتهم المعيشية، فالرجل لا يقتصر دوره على توفير النفقات فقط، وإنما يظل هو القدوة والنموذج الذي يحتذى فى البيت والحياة عموما، لذلك فهو له دور كبير في تنشئة وتوجيه الأبناء وإرشادهم، خاصة فى مراحل حياتهم الأولى، وأن عاطفة الأبوة ضرورية وإن اختلفت طبيعة العاطفة بين الطرفين الأب والأم بحكم التكوين الجسدى والنفسى للرجل الذي غالبا مايكون عقلانيا.

في التعامل مع أبنائه أكثر من المرأة التي تسيطر عليها العاطفة، وأن ما يشاع من أن تربية الأبناء تقع على عاتق الأم فقط اعتقاد خاطئ، فالمسؤولية مشتركة بين الزوجين، وتربية الأبناء ليست مهمة الأمهات، فحضور الآباء مهم جدا في حياة أبنائهم من كافة النواحي، خاصة فيما يتعلق بتنشئتهم الاجتماعية، وأنه يغفل الكثير من الآباء عن تخصيص وقت مناسب لقضائه مع أبنائهم وينشغلوا بأهميته جلب المال إلى الأهل والأبناء، ولكن هناك دور مهم يجب الحفاظ عليه وهو الإسهام في التنشئة النفسية والعاطفية للصغار، مما يجعلهم أكثر قدرة على النجاح والإبداع في حياتهم الشخصية والعملية، فيا أيها الآباء اتقوا الله في أبنائكم، وربوهم على حب الله وخوفه ورجاء ما عنده.