الدكرورى يكتب عن طليحة بن
خويلد بن الأشتر ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الخامس مع
طليحة بن خويلد بن الأشتر،
وعقد لمعن بن حاجز وأمره
ببني سليم ومن معهم من
هوازن، وعقد لسويد بن مقرن
وأمره بتهامة باليمن، وعقد
للعلاء بن الحضرمي وأمره
بالبحرين، ففصلت الأمراء من
ذي القصة، ولحق بكل أمير
جنده، وعهد إلى كل أمير،
وكتب إلى جميع المرتدين
نسخة واحدة، يأمرهم بمراجعة
الإسلام ويحذرهم، وسير
الكتب إليهم مع رسله، ولما انهزمت عبس وذبيان ورجعوا إلى طليحة ببزاخة، فأرسل إلى جديلة والغوث من طيئ يأمرهم باللحاق به، فتعجل إليه بعضهم، وأمروا قومهم باللحاق بهم، فقدموا على طليحة، وكان أبو بكر الصديق رضى الله عنه بعث عدي بن حاتم قبل خالد إلى طيئ، وأتبعه خالد بن الوليد رضى الله عنه، وأمره أن يبدأ بطيئ.
ومنهم يسير إلى بزاخة، ثم يثلث بالبطاح، ولا يبرح إذا فرغ من قوم حتى يأذن له، وأظهر أبو بكر الصديق رضى الله عنه للناس أنه خارج إلى خيبر بجيش حتى يلاقي خالد بن الوليد، يرهب العدو بذلك، وقدم عدي على طيئ فدعاهم وخوفهم، فأجابوه وقالوا له استقبل الجيش فأخره عنا حتى نستخرج من عند طليحة منا لئلا يقتلهم، فاستقبل عدي خالدا وأخبره بالخبر، فتأخر خالد، وأرسلت طيئ إلى إخوانهم عند طليحة فلحقوا بهم، فعادت طيئ إلى خالد بن الوليد رضى الله عنه بإسلامهم، ولحق بالمسلمين ألف راكب منهم، وكان خير مولود في أرض طيئ وأعظمه بركة عليهم، وأرسل خالد بن الوليد عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم الأنصاري طليعة، فلقيهما حبال أخو طليحة فقتلاه.
فبلغ خبره طليحة، فخرج هو وأخوه سلمة، فقتل طليحة عكاشة، وقتل أخوه ثابتا، ورجعا، وأقبل خالد بالناس فرأوا عكاشة وثابتا قتيلين، فجزع لذلك المسلمون، وانصرف بهم خالد نحو طيئ، فقالت له طيئ نحن نكفيك قيسا، فإن بني أسد حلفاؤنا، فقال أي الطائفتين شئتم، فقال عدي بن حاتم، لو نزل هذا على الذين هم أسرتي الأدنى فالأدنى لجاهدتهم عليه، والله لا أمتنع عن جهاد بني أسد لحلفهم، فقال له خالد بن الوليد إن جهاد الفريقين جهاد، لا تخالف رأى أصحابك، وامض بهم إلى القوم الذين هم لقتالهم أنشط، ثم تعبى لقتالهم، ثم سار حتى التقيا على بزاخة، وبنو عامر قريبا يتربصون على من تكون الدائرة، قال فاقتتل الناس على بزاخة، وكان عيينة بن حصن مع طليحة في سبعمائة من بني فزارة.
فقاتلوا قتالا شديدا، وطليحة متلفف في كسائه يتنبأ لهم، فلما اشتدت الحرب كر عيينة على طليحة وقال له هل جاءك جبرائيل بعد ؟ قال لا، فرجع فقاتل، ثم كر على طليحة فقال له لا أبا لك أجاءك جبرائيل ؟ قال لا، فقال عيينة حتى متى ؟ قد والله بلغ منا ثم رجع فقاتل قتالا شديدا ثم كر على طليحة فقال هل جاءك جبرائيل ؟ قال نعم، قال فماذا قال لك ؟ قال، قال لى إن لك رحا كرحاه وحديثا لا تنساه، فقال عيينة قد علم الله أنه سيكون حديث لا تنساه، انصرفوا يا بني فزارة فإنه كذاب، فانصرفوا وانهزم الناس، وكان طليحة قد أعد فرسه وراحلته لامرأته النوار، فلما غشوه ركب فرسه وحمل امرأته، ثم نجا بها وقال يا معشر فزارة، من استطاع أن يفعل هكذا وينجو بامرأته فليفعل.
ثم انهزم فلحق بالشام، ثم نزل على كلب، فأسلم حين بلغه أن أسدا وغطفان قد أسلموا، ولم يزل مقيما في كلب حتى مات أبو بكر الصديق رضى الله عنه، وكان خرج معتمرا في إمارة أبي بكر الصديق رضى الله عنه ومر بجنبات المدينة، فقيل لأبي بكر الصديق رضى الله عنه هذا طليحة، فقال ما أصنع به ؟ قد أسلم، ثم أتى عمر فبايعه حين استخلف، فقال له أنت قاتل عكاشة وثابت ؟ والله لا أحبك أبدا، فقال يا أمير المؤمنين، ما يهمك من رجلين أكرمهما الله بيدي، ولم يهني بأيديهما فبايعه عمر وقال له ما بقي من كهانتك ؟ فقال؟ نفخة أو نفختان بالكير، ثم رجع إلى قومه فأقام عندهم حتى خرج إلى العراق، ولما انهزم الناس عن طليحة أسر عيينة بن حصن، فقدم به على أبي بكر، فكان صبيان المدينة يقولون له وهو مكتوف يا عدو الله ، أكفرت بعد إيمانك ؟