الدكرورى يكتب عن أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثانى مع أولياء الأمور وغلاء المهور، وعن سهل بن سعد الساعدى رضي الله عنه قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أهب لك نفسي فنظر إليها رسول صلى الله عليه وسلم فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه” فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست فقام رجل من أصحابه فقال يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها؟ فقال “فهل عندك من شيء ؟ فقال لا والله يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم “اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا؟ فذهب ثم رجع فقال لا والله ما وجدت شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “انظر ولو خاتم من حديد” فذهب ثم رجع.
فقال لا والله يا رسول الله ولا خاتم من حديد ولكن هذا إزارى قال سهل ما له رداء، فلها نصفه، فقال رسول الله ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا فأمر به فدعي فلما جاء قال ماذا معك من القرآن؟ قال معي سورة كذا وكذا “عددها” فقال صلى الله عليه وسلم” تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ قال نعم، قال صلى الله عليه وسلم” اذهب فقد ملكتها بما معك من القرآن” وعن أبي العجفاء السلمي قال خطبنا عمر رضي الله عنه فقال ألا لا تغالوا بصدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم.
ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتى عشر أوقية، فاتقوا الله أيها الناس واتقوا الله أيها الأولياء وزوجوا من ترضون دينه وخلقه ولا تمنعوا النساء، فإن في ذلك تعطيلا للرجال والنساء وتفويتا لمصالح النكاح وانتشارا للمفاسد، إذا لم يتزوج أبناؤنا ببناتنا فبمن يتزوجون؟ وإذا لم نزوج بناتنا بأبنائنا فبمن نزوجهن؟ أترضون أن يتزوج أبناؤنا بنساء أجنبيات بعيدات عن بيئتنا وعاداتنا ولهجاتنا، فتتغير البيئة والعادة واللهجة بجلبهن، وربما حصل منهن إتعاب للزوج بكثرة طلبهن السفر إلى بلادهن أو غير ذلك، أترضون أن تبقى بناتنا بدون أزواج يحصنون فروجهن وينجبن منهن الأولاد الذين بهم قرة أعينهن.
إنه لا بد من أن يتزوج أبناؤنا ببناتنا، ولكن علينا أن نتعاون لتسهيل الطرق أمامهم مخلصين لله قاصدين بذلك تحصيل ما أمر الله به ورسوله، فإن الخير كل الخير في طاعة الله ورسوله، ولقد منع رجال تزويج من لهن عليهن ولاية لينالوا حطاما من الدنيا فباءوا بالخسران والندامة، فلقد عُني الإسلام بالزواج عناية خاصة تفوق عنايته بأية علاقة إنسانية أخرى، ويبدو ذلك جليا في كل ما عرض له الإسلام من مسائل الأسرة، ابتداء بالخطبة وانتهاء بالطلاق عند الضرورة، ولما كان الزواج أساس بناء الأسرة، ولا يمكن أن تقوم أسرة بدون زواج شرعي وجب أن يقوم الزواج على الرغبة والاختيار والرضا المشترك، ومن ثم، فلا عجب أن أجمع علماء الاجتماع.
على أن الأسرة عماد المجتمع وأنها إذا قامت على أسس ودعائم قوية استقرت أحوال المجتمع وتوطدت أركانه، وإذا وهنت قواعد الأسرة، ولم يتحقق لها أسباب القوة على اختلاف أشكالها، اضطربت حياة المجتمع واختلّ توازنه، ولقد تحفظ الاقتصاديون حوالي قرنين من الزمن عن الكلام عن الأسرة أو في شؤونها وتركوا تلك المهمة لعلماء الاجتماع والمحللين النفسيين، أما اليوم، فقد أثبت غير واحد من الاقتصاديين المعاصرين أن الزواج بمثابة عقد لتوزيع العمل، فكل من الزوجين يتخصص في مجال معين وطبقا للعادات والتقاليد الاجتماعية، فإن الزوج هو الذي يعمل فى الخارج وتبقى الزوجة في المنزل للقيام بالأعمال المنزلية وممارسة الأمومة.